#في_روضة_العباس
#محاضرة
(والسابقون السابقون اولئك المقربون)
عند تمعننا في شخصية العباس، نجد صفتين قرآنيتين تتجلى في شخصيته (السابق، والصديق)، ما هي و كيف تجلت في العباس (عليه السلام)؟ وما هي الدروس التي نستفيدها من ذلك؟
اولاً: من هم السابقون ؟
(السابق) هو من يكون قبل غيره، فهو أول من يؤمن، وأول من يضحي، و يتعلم الاخرون منه، فمثل السابقون بمثابة طلائع الجيش الذي تقتحم تحصينات العدو حتى يستطيع الجيش ان يلحق بهم.
وبهذا المعنى فإن السابق لا ينحصر في امةٍ من الأمم، فهو السبّاق الى الخير، الذي لا ينتظر الاجواء بل يخلق الاجواء الايجابية
عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت: له: إن للايمان درجات ومنازل يتفاضل المؤمنون فيها عند الله؟ قال: نعم، قلت: صفه لي رحمك الله حتى أفهمه: قال:
إن الله سبق بين المؤمنين كما يسبق بين الخيل يوم الرهان، ثم فضلهم على درجاتهم في السبق إليه، فجعل كل امرئ منهم على درجة سبقه لا ينقصه فيها من حقه ولا يتقدم مسبوق سابقا، ولا مفضول فاضلا
بهذا المعنى يكون (السبق) معياراً للأفضلية اضافة الى معيار (درجة) الايمان.
والله سبحانه وتعالى حينما يأمرنا ألى ان نطلب رحمته يأمرنا بالتسابق اليها: {سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا باللهِ وَ رُسُلِه}
فائدة: لا بد ان نسابق الاخرين في فعل الخير، في الصلاة، في الزكاة، في الصدقة، في المواكب الحسينية وغيرها نسابق.. فإن للسبق درجات عظيمة، فلنسعى لتأسيس مؤسسات و ندعو الاخرين اليها (فضل التأسيس)
* من فضائل امير المؤمنين عليه السلام الذي لا يشاركه فيها احد: اول الناس اسلاما!
ومع ان هناك روايات اكدّت على ان السابقين هم اشخاص معدودين، ولكن لم تحصر تلك الروايات بل بينّت السبق في زمانهم او بالنسبة الى قضية معينة، و ما يؤيده قول الصادق (عليه السلام): زُرَارَةُ وَ أَبُو بَصِيرٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَ بُرَيْدٌ مِنَ الَّذِينَ قَالَ الله تَعَالَى (والسابقون السابقون اولئك المقربون)
وقد تكون فئة على مدى التاريخ هي السابقة، عن ابن عباس قال سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عن قول الله عز و جل ((والسابقون السابقون اولئك المقربون)) فقال قال لي جبرئيل ذلك علي و شيعته هم السابقون إلى الجنة المقربون من الله بكرامته لهم.
ما هو جزاء السابقين ؟
جزاء السابقين: يلتحق باعلى درجات و يلتحق بافضل الاشخاص
تكون درجته مع الأنبياء، مع الصديقين مع الشهداء والصالحين ..
قال تعالى: {وَ مَنْ يُطِعِ اللهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً}
ففي قبال طاعة الله و رسوله فحسب.. الطاعة التامة تلتحق بهم: فللنظر الى هذه الرواية العظيمة
قال جاء رجل من الأنصار إلى النبي (صلى الله عليه واله) فقال يا رسول الله ما أستطيع فراقك و إني لأدخل منزلي فأذكرك فأترك ضيعتي و أقبل حتى أنظر إليك حبا لك فذكرت إذا كان يوم القيامة و أدخلت الجنة فرفعت في أعلى عليين فكيف لي بك يا نبي الله فنزل {وَ مَنْ يُطِعِ اللهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً} فدعا النبي (صلى الله عليه وآله) الرجل فقرأها عليه و بشره بذلك.
فائدة: الله سبحانه لا يريد منّا الا الطاعة، والطاعة ايضاً لك، لتسمو لتكتمل شخصيتك ايمانك، تكون مؤهل لتجالس الأنبياء والأولياء و تجالس الرب (في مقعد صدقٍ عند مليك مقتدر)
العباس بن علي (عليه السلام) مثال السابق
واذا فتشت في واقعة كربلاء سوف لا تجد شخصية اعظم و افضل و اجلى لمثال السابقين من (العباس عليه السلام)
نحن عادة نركز على بطولة العباس و شجاعته و ايثاره .. ولكن انظر الى زيارة الامام المعصوم (عليه السلام) و شهادته له:
"أشهد لك بالتسليم والتصديق والوفاء والنصيحة" و يقول "السلام عليكم ايها العبد الصالح المطيع لله و رسوله" و يقول" سلام الله و سلام ملائكته المقربين و انبياءه المرسلين وعباده الصالحين، و ملائكته المقربين، و جميع الشهداء والصديقين والزاكيات الطيبات فيما تغتدي و تروح عليك يابن امير المؤمنين"
فهذه الشهادة تكشف لنا عن ابعاد البطولة في شخصية العباس، فهو الفقيه العارف، و البطل الصنديد، وهو الإنسان الكامل صاحب بطولة الروح قبل شجاعة السيف
يتبع . . .#السيد_محسن_المدرسي
https://t.me/hikma313