أما العامة فواجبهم في مثل هذا الوضع الخاص، هو اعتزال الفرق كلها، حتى يجتمع أهل الحل والعقد على إمام، فإذا اجتمعوا؛ وجب عليهم بيعته وطاعته في غير معصية الله، فيما استطاعوا، وحرم عليهم الخروج عليه، وإذا ندبهم لقتال الخارج عن جماعة المسلمين وجب عليهم القتال معه بحسب الاستطاعة، إذا استنفذت محاولة الإصلاح، كما قال تعالى: ( وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) .
كما أنه إذا بايع أهل الحل والعقد إماما بيعة شرعية لا ديمقراطية، ثم لم يقدروا على تنصيبه إلا بالاضطرار إلى هذه الطرق الديمقراطية بسبب فرض الكفرة لها، وعجز المسلمين عن رد ما يلزمونهم به منها، فقد أفتى بعض العلماء بجواز المشاركة في مثل هذه العمليات الديمقراطية من باب الضرورة، ولا شك أن الدخول في هذه الضرورة بعد عقد البيعة الشرعية يجعل الأمر أكثر وضوحا بحيث يدخل فيه المؤمن على بينة من دينه وأمره، أما القول بالدخول في هذه العمليات الديمقراطية قبل حصول هذه البيعة الشرعية فهو صعب جدا، وهو مسلك مظلم موحش، وإن قال به من قال من العلماء.
فهذا هو الحكم في هذا الوضع الخاص فيما يظهر لي والله أعلم، ومن كان له علم يدل على غير هذا فليسعف به، فإن حال المسلمين في هذا البلد، وما آل إليه من فساد، لم يعد خافيا على أحد، وإن كانوا هم أنفسهم لا يشعرون بخطورة ما هم عليه، لما أصابهم من تبلد الإحساس، وفقدان البصيرة، والتخبط في العماية التي - لا سمح الله - قد تلقي بهم في هوة سحيقة من الاقتتال والحرب الأهلية التي لا يعلم منتهاها إلا الله.
وحتى من يعتقد أن من في الشرق، أو من في الغرب هم الولاة الشرعيون، لا يستطيع أن ينكر حالة الانقسام الكبير الواقع بين الإقليمين، وما أدى ويؤدي إليه من أضرار وخيمة على الدين والدنيا في هذا البلد مما لا يمكن حصره هنا، وليس تسلط الكفرة على هذا البلد، وتدخلهم السافر في شؤونه استغلالا لحالة الانقسام هذه إلا واحدا فقط من أضرار هذا الانقسام، وإذا كان كذلك، فالواجب في مثل هذه الحال هو الدعوة إلى الصلح بين أطراف هذا الانقسام، كما قال تعالى: ( وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ). الحجرات (9). وسبيل الصلح الشرعي يكون أولا بتشاور أهل الحل والعقد لعقد إمامة شرعية للأكفأ والأقدر على توليها، ثم قد يدخل في هذا الصلح ما يتفرع عن ذلك من القضايا، كأخذ الضمانات لجميع الأطراف، والتوصل إلى خطة عادلة في طريقة تولي من يختارونه، إلى غير ذلك من القضايا التي تدعم هذا الصلح الشرعي وتفعله وترسخه وتقويه. أما السعي في الصلح عن طريق الديمقراطية وطريق الأمم المتحدة ولجانها فهو ركض خلف سراب، وهو فوق ذلك مما لا يقره الإسلام ولا يرضاه المؤمنون.
ثم من يقر بالولاية الشرعية لهذا الطرف أو ذاك، لا يقر بها بناء على بيعة شرعية صحيحة، بل غاية أمره أن يدعي هذه الولاية بالغلبة واستتباب الأمر لمن يؤيده، ومع مخالفة هذا للواقع، فإن هذا لا يمنع من السعي في عقد بيعة شرعية على كتاب الله وسنة رسوله، لا سيما وأن هذه البيعة هي التي ستسهم في الصلح بين الأطراف، وحل هذا الانقسام، كما وقع من الصلح بين معاوية والحسن بن علي رضي الله عنهما، مع أن الحسن بويع بالخلافة من قبل أنصاره قبل الصلح، ومع ذلك فقد تنازل عنها حقنا للدماء وإصلاح بين المسلمين، فصار الأمر إلى معاوية على رضا وتوافق من المسلمين، وسمي ذلك العام عام الجماعة.
وبهذا يتبين أن الدعوة إلى عقد البيعة الشرعية على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم هي الأساس لإصلاح الأوضاع في ليبيا في كل الأحوال، وعلى جميع التقديرات، سواء قيل بشغور منصب الولاية الكبرى وهو الصحيح، أو قيل بولاية هذا الطرف أو ذاك.
وإذا كان الحكم كذلك، فمما لا يخفى على عاقل، أن الأحكام الشرعية لا تسري في الهواء، ولكن يحملها المكلفون، ونحن في زمن غربة وتأخر، قد انطمست فيه كثير من معالم هذا الشرع المطهر، وعطلت كثير من أحكامه، في كثير من ديار المسلمين، وهذا هو سبب ذلنا، وتسلط الأمم الكافرة وتكالبها علينا
فإذا لم يحمل السلفيون هذا الحكم، وأضاعوه كما أضاعوا غيره من أحكام الله، فمن سيحمله بعدهم، وكيف يصلح الله أحوال هذا البلد، بعدما أضاعوا شرعه، وضيعوا أمره، والله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
كما أنه إذا بايع أهل الحل والعقد إماما بيعة شرعية لا ديمقراطية، ثم لم يقدروا على تنصيبه إلا بالاضطرار إلى هذه الطرق الديمقراطية بسبب فرض الكفرة لها، وعجز المسلمين عن رد ما يلزمونهم به منها، فقد أفتى بعض العلماء بجواز المشاركة في مثل هذه العمليات الديمقراطية من باب الضرورة، ولا شك أن الدخول في هذه الضرورة بعد عقد البيعة الشرعية يجعل الأمر أكثر وضوحا بحيث يدخل فيه المؤمن على بينة من دينه وأمره، أما القول بالدخول في هذه العمليات الديمقراطية قبل حصول هذه البيعة الشرعية فهو صعب جدا، وهو مسلك مظلم موحش، وإن قال به من قال من العلماء.
فهذا هو الحكم في هذا الوضع الخاص فيما يظهر لي والله أعلم، ومن كان له علم يدل على غير هذا فليسعف به، فإن حال المسلمين في هذا البلد، وما آل إليه من فساد، لم يعد خافيا على أحد، وإن كانوا هم أنفسهم لا يشعرون بخطورة ما هم عليه، لما أصابهم من تبلد الإحساس، وفقدان البصيرة، والتخبط في العماية التي - لا سمح الله - قد تلقي بهم في هوة سحيقة من الاقتتال والحرب الأهلية التي لا يعلم منتهاها إلا الله.
وحتى من يعتقد أن من في الشرق، أو من في الغرب هم الولاة الشرعيون، لا يستطيع أن ينكر حالة الانقسام الكبير الواقع بين الإقليمين، وما أدى ويؤدي إليه من أضرار وخيمة على الدين والدنيا في هذا البلد مما لا يمكن حصره هنا، وليس تسلط الكفرة على هذا البلد، وتدخلهم السافر في شؤونه استغلالا لحالة الانقسام هذه إلا واحدا فقط من أضرار هذا الانقسام، وإذا كان كذلك، فالواجب في مثل هذه الحال هو الدعوة إلى الصلح بين أطراف هذا الانقسام، كما قال تعالى: ( وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ). الحجرات (9). وسبيل الصلح الشرعي يكون أولا بتشاور أهل الحل والعقد لعقد إمامة شرعية للأكفأ والأقدر على توليها، ثم قد يدخل في هذا الصلح ما يتفرع عن ذلك من القضايا، كأخذ الضمانات لجميع الأطراف، والتوصل إلى خطة عادلة في طريقة تولي من يختارونه، إلى غير ذلك من القضايا التي تدعم هذا الصلح الشرعي وتفعله وترسخه وتقويه. أما السعي في الصلح عن طريق الديمقراطية وطريق الأمم المتحدة ولجانها فهو ركض خلف سراب، وهو فوق ذلك مما لا يقره الإسلام ولا يرضاه المؤمنون.
ثم من يقر بالولاية الشرعية لهذا الطرف أو ذاك، لا يقر بها بناء على بيعة شرعية صحيحة، بل غاية أمره أن يدعي هذه الولاية بالغلبة واستتباب الأمر لمن يؤيده، ومع مخالفة هذا للواقع، فإن هذا لا يمنع من السعي في عقد بيعة شرعية على كتاب الله وسنة رسوله، لا سيما وأن هذه البيعة هي التي ستسهم في الصلح بين الأطراف، وحل هذا الانقسام، كما وقع من الصلح بين معاوية والحسن بن علي رضي الله عنهما، مع أن الحسن بويع بالخلافة من قبل أنصاره قبل الصلح، ومع ذلك فقد تنازل عنها حقنا للدماء وإصلاح بين المسلمين، فصار الأمر إلى معاوية على رضا وتوافق من المسلمين، وسمي ذلك العام عام الجماعة.
وبهذا يتبين أن الدعوة إلى عقد البيعة الشرعية على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم هي الأساس لإصلاح الأوضاع في ليبيا في كل الأحوال، وعلى جميع التقديرات، سواء قيل بشغور منصب الولاية الكبرى وهو الصحيح، أو قيل بولاية هذا الطرف أو ذاك.
وإذا كان الحكم كذلك، فمما لا يخفى على عاقل، أن الأحكام الشرعية لا تسري في الهواء، ولكن يحملها المكلفون، ونحن في زمن غربة وتأخر، قد انطمست فيه كثير من معالم هذا الشرع المطهر، وعطلت كثير من أحكامه، في كثير من ديار المسلمين، وهذا هو سبب ذلنا، وتسلط الأمم الكافرة وتكالبها علينا
فإذا لم يحمل السلفيون هذا الحكم، وأضاعوه كما أضاعوا غيره من أحكام الله، فمن سيحمله بعدهم، وكيف يصلح الله أحوال هذا البلد، بعدما أضاعوا شرعه، وضيعوا أمره، والله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.