خرجَ أمير المؤمنين عُمر بن الخطاب رضي الله عنه من المدينة يُريدُ الشَّام، فلما صارَ في منطقة يُقال لها سَرْغ، لَقِيَهُ أبو عبيدة بن الجراح وأُمراء الجُند، وأخبروه أن الطَّاعون قد وقعَ في الشَّام. فدعا إليه المُهاجرين، فمنهم من أشارَ عليه أن يرجعَ إلى المدينة، ومنهم من أشارَ عليه أن يمضيَ في مسيره! فقال لهم: ارتفعوا عني! ثم دعا الأنصار واستشارهم، فإذا هم كالمُهاجرين على رأيين أحدهما العودة إلى المدينة، والآخر بالمُضي قُدُماً! فقال لهم: ارتفعوا عني. ثم دعا شيوخ قُريش الذين أسلموا بعد الفتح فاقترحوا عليه أن يرجعَ إلى المدينةِ فهو أمير المؤمنين ومن معه بقية صحابة النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وليس الأمر حثيثاً يدعو للمُخاطرة، فأخذَ برأيِهم!
فقال له أبو عبيدة: أفراراً من قدرِ الله يا أمير المؤمنين؟!
فقال له عُمر: لو أنَّ غيرك قالها يا أبا عبيدة، وكان عُمر يُحبُّه ويكرهُ خلافه، ثم قال له: لو كان لك إبل فهبطتْ وادياً فيه مكان خصيب ومكان جدب أليسَ إن رعيتَ في الخصيبِ رعيتَ بقدرِ الله، وإن رعيتَ في الجدبِ رعيتَ بقدرِ الله؟!
ثم أمر الناس أن يستعدُّوا للعودة إلى المدينة، وفي هذه الأثناء حضرَ عبد الرحمن بن عوف وكان مُتغيِّباً لبعض حاجته، فقال: إنَّ عندي من هذا علماً، سمعتُ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول عن الطاعون: "إذا سمعتم به بأرضٍ فلا تُقدِموا عليه، وإذا وقعَ بأرضٍ وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه"! فحمدَ عُمر اللهَ تعالى أن أراه الحقَّ وهداه إلى السُّنة، ثم مضى بالناس عائداً إلى المدينة! 💜
@A_aomr