سُبات سّرمديّ،


Kanal geosi va tili: Eron, Forscha
Toifa: ko‘rsatilmagan


النسخة الافتراضيّة من ذاكرتي.
@witheringBot
@CANCEL6

Связанные каналы  |  Похожие каналы

Kanal geosi va tili
Eron, Forscha
Toifa
ko‘rsatilmagan
Statistika
Postlar filtri


حسبي الله ونعم الوكيل بس


.


تبدأ في العزف، ليس على البيانو فحسب، بل على كل شيء حولك: الحنين الذي يطاردك، المطر الذي يهمس بأغنية لا تنتهي، وحتى الغرفة التي تبدو وكأنها تردد صدى أفكارك. الموسيقى تصبح جسدًا يتحرك في الفضاء، تتخللها نبضات من صمت مهيب، كأنك تنتظر كلمة منها تقطع هذا الصمت. لكنها لا تأتي.

ترى نفسك في انعكاس النافذة، وجهك شاحب كضوء النهار في يوم شتائي، لكن عينيك تحملان بريقًا غريبًا. هو بريق الحب، أو ربما الحنين، أو ربما مزيج منهما معًا. تسأل نفسك: هل كانت تستحق كل هذا؟ هل كان من الممكن أن يكون هناك طريق آخر؟ لكن الإجابات لا تأتي، فقط المزيد من الأسئلة التي تذوب في لحنك.

عند هذه النقطة، تدرك أن الزمن ليس عدوك، بل شريكك في هذه الرحلة. أن حبك لها ليس مجرد ذكرى، بل فعل مستمر، يتجدد مع كل نغمة تعزفها، مع كل قطرة مطر تلامس النافذة. وأن الحياة، مهما كانت عبثية أو مؤلمة، تظل حياة مجيدة تستحق أن تعاش، حتى لو كانت مليئة بالانتظار.

ثم، كما يحدث دائمًا، تتلاشى الموسيقى ببطء. لكن في تلك اللحظة، حين يسود الصمت مجددًا، تدرك أنك لم تعد الشخص الذي كنت عليه. ربما لأنك أصبحت جزءًا من هذا الزمن الذي لا ينتهي، أو ربما لأنك، أخيرًا، تعلمت أن تحب الانتظار ذاته، لا ما تنتظره.

في النهاية، تفتح عينيك، تجد الغرفة كما هي، النافذة كما هي، لكنك تعلم أن شيئًا قد تغير. ليست الغرفة، ولا المطر، ولا حتى البيانو. بل أنت.


في خضم هذا الانتظار، تشعر أن الزمن نفسه صار شريكًا في لعبتك العبثية. ليس مجرد لحظات تتساقط واحدة تلو الأخرى كحبات الرمل في ساعة زجاجية، بل نسيج يتداخل فيه كل شيء: الذكريات، الأحلام، والأحاسيس التي تراودك في كل مرة تذكر تلك الندوب الصغيرة على أصابعها، علامات الحياة التي خاضتها، وكأنها خريطة سرية لنفسك أنت.

تغمض عينيك للحظة. هناك، خلف الجفون المطبقة، تبدأ الصور بالتشكل، متقطعة وغير مكتملة، لكنها حية. ترى شرفة غمرها ضوء شاحب، ترى وجهها هناك، تحاول تمييز ملامحها لكنها تذوب كألوان مائية تتلاشى مع أول لمسة. هل كانت تلك نافذتك، أم نافذتها؟ أم أنها مجرد نافذة لا تنتمي لأي زمان أو مكان، مثل الحلم الذي يرفض الانصياع لقوانين المنطق؟

تتذكر أول مرة أدركت أن صوتها ليس مجرد صوت، بل موسيقى خفية تسحبك نحوها كالموج الذي يلتف حول صخرة عنيدة. كان يومًا شتائيًا أيضًا، لكنها لم تكن مجرد سماء ملبدة بالغيوم. كان هناك دفء لا تفسير له، دفء ينبعث من كلماتها، من حضورها، حتى لو لم تكن حاضرة بجسدها. كانت أصابعك تتلمس الآن، ليس فقط مفاتيح البيانو، بل كل ذكرى اختبأت في زوايا الغرفة.


حين تجد نفسك في غرفتك مرة أخرى، حيث البيانو القديم ينتظر صبرًا، تدرك أنك لم تكن تعزف عليه بقدر ما كنت تعزف على فكرة وجودها. نافذة مفتوحة على المطر، يوم شتائي ثقيل يعبق برائحة الغيوم والمعاطف المبللة، يشكل امتدادًا لتلك اللحظة التي غادرتها لكنها لم تغادرك. تلمس أصابعك مفاتيح البيانو كما لو أنك تلمس حبات المطر التي انتظرتها طويلاً، تلك اللحظة التي تبدو فيها اليد والذاكرة والموسيقى متواطئة ضد الزمن.

أليس ذلك هو الخلود الذي كنت تبحث عنه؟ ليس في الزمن، بل في التداخل بين الماضي والحاضر، في لحظة تفيض بالحياة رغم أنف عبثيتها. ربما كانت يدها مجرد وهم، لكنك، في تلك اللحظة، شعرت بالحب كما لم تشعر به من قبل. ليس الحب الذي يكتمل، بل ذلك الحب الذي يبقى دائمًا بعيدًا، مستحيلًا، لكنه حاضر، يطاردك كظل لا يمكنك الهرب منه.

مع كل نغمة تعزفها، ومع كل قطرة مطر تلمس النافذة، تتلاشى الحدود بين الحاضر والماضي، بين الألم والسعادة. كأن العالم بأسره يتآمر ليضعك في مواجهة هذا الهذيان الجميل، هذا الجنون الذي يمنح الحياة معناها. تنتظر المطر، تنتظر صوتها، تنتظر نفسك، وكأن الانتظار هو الحياة نفسها، حياة مليئة بالوعد الذي لا يأتي أبدًا ولكنه يبرر كل شيء.


يتأرجح العقل بين الواقع والحلم، بين ماضٍ يمضي وأثره لا ينفكّ يتسلل إلى اللحظة الحاضرة. ذلك الأثير الخافت، صوت نعاسها الذي لم يكن مجرد نعاس، بل سيمفونية من الأسرار، يكاد يكون انعكاسًا لحقيقتك أنت أكثر مما هو حقيقة لها. غرابة إجاباتها لم تكن إلا مرايا صغيرة تعكس لك الطريق الذي طالما خشيت مواجهته، الطريق الذي لطالما التففت حوله، تُخفي نفسك من وهجه وتسترق النظر إليه من حين لآخر كأنك تراقب خصمًا تعرف أنك ستواجهه يومًا ما.

في تلك اللحظات العابرة، عندما كانت كلماتكما تتقاطع مثل ظلال تحت ضوء شاحب، شعرت بأنك لست سوى متفرج على نفسك، تراقب رجلاً آخر، يشبهك لكنه أكثر جرأة أو ربما أكثر يأسًا. كانت الحياة آنذاك تبدو وكأنها تنتظر منك تلك القفزة التي تخرجك من دوامة الزمن، لعلها قفزة نحوها، لعل ضوء النافذة الذي أصررت أن يقتحم الغرفة يغسل وحدتك المتراكمة، تلك الوحدة التي لم تكن سوى انعكاس لذكرى مضت ولم تتركك.

تداعب كلماتك لها كما تداعب عازف مبتدئ أوتار كمانه، خائفًا من أن ينكسر الوتر أو يخفت اللحن. تدرك جيدًا أن الكلمات لن تصل إلى حيث تريد، إلى قلبها، إلى تلك الزاوية المخفية التي تشكل جوهرها. ومع ذلك، كان صوتها يأتِيك من وراء بُعد لا تراه ولكنه حاضر كأنفاسك، كأنه جزء من ذلك الفضاء اللامرئي الذي يحتضن العالم حين يغرق في سكون ما بعد منتصف الليل.

الذكريات تتداخل كما لو أن الزمن يذوب في كأس ماء، وتجد نفسك فجأة في أماكن لم تغادرها أبدًا وإن مضت سنوات طويلة. يدها، وهي تعزف الحروف التي تقرب بينكما، لم تكن إلا حياة أخرى، حياة مجيدة تستحق أن تُعاش لا مرة، بل ألف مرة. تلك اللحظات الهاربة، التي تمنحك شعورًا طاغيًا بالخلود، تصفعك فجأة بحقيقتك: الوحدة التي تعود لتبتلعك بعد أن ظننت للحظة أنك امتلكت العالم بأسره.


وربما لهذا السبب تنتشر الأكاذيب الكبرى التي تروج لأكاذيبنا الصغيرة، تلك التي تساعدنا على الاستمرار في الحياة يومًا بعد يوم. هذه الأكاذيب تشكل تطبيقًا عمليًا للمقولة الشهيرة: "ما لا يقتلك يجعلك شخصًا ذو آليات تأقلم فاسدة وروح دعابة كئيبة." ليس هناك ما هو أسهل من ارتكاب الأخطاء الفادحة التي قد تظل ثابتة في حياتنا إلى الأبد. مثل ذلك العجوز البدين الذي قابلته ذات مرة عند الفجر، وهو يحاول إقناعي بأن المشي يحرق الدهون أسرع من الركض. لم أستطع إلا أن أنظر إلى الدهون المتراكمة على جسده، وأدركت أن السبب الوحيد لقناعته هو أن المشي هو الحد الأقصى لما يستطيع فعله. كان يحتاج إلى تصديق أن ما يعجز عن فعله ليس له تأثير حقيقي على حياته.

أو كـ (.....) الذي يعاني من عقدة نقص عميقة تجعله يتفاخر دومًا بثروته، ممتلكاته، كرمه، وقوة تحمله أمام أقاربه والغرباء الذين ينفق عليهم بسخاء؛ فقط ليظهر كأكثر الشخصيات جمالًا وقوة من الشخص الذي يشعر أنه ينبغي أن يكونه في أعماقه. كم هو محزن أن تقودك حياتك محاولات يائسة للتعويض عن شعورك بالضعف والانكسار والعجز عن الاستحقاق. والأكثر مرارة أن الخطوة الأولى للتخلص من هذه المشاعر هي الاعتراف بها، وهو ما يبدو أصعب خطوة على الإطلاق.


لكن في الوقت نفسه، لا يرغب الناس في مواجهة عمق قصورهم أو الاعتراف بما يعيقهم شخصيًا عن تحقيق أفضل حياة ممكنة لهم. كلنا نحمل في داخلنا السم الذي يفتك بنا يومًا بعد يوم. نحن لا نحتمل المساوئ الخفية التي تكمن في كل شيء نرغب فيه. إذا عدت إلى الفقرة الأولى وقرأت ما ورد فيها مرة أخرى، ستلاحظ أن الثمن الذي ندفعه يظل متمثلًا في كل لحظة: نؤدي الثمن مرة للحصول على ما نريد، ومرة أخرى بينما نتمتع بما نملك، دون أن ندرك أحيانًا مقدار الألم والتضحية الذي يتسلل إلى حياتنا في كل مرة نبحث فيها عن شيء نعتقد أنه سيجعلنا أكمل.


الناس يريدون أن يشعروا بالحب، أن يكون في حياتهم طفل يمنحهم عاطفة صادقة، أو أم وأب يحيطونهم بالحنان. يبحثون عن انتباه الآخرين واهتمامهم، عن أصدقاء يدعمونهم، وأمل يضيء دروبهم. يرغبون في مشاركة محادثات عميقة ومليئة بالمعنى مع شخص يهتم لأمرهم ويستمتع بوجودهم، حتى في الساعات المتأخرة من الليل. يريدون التحرر من ثقل الروتين اليومي، والعيش بشغف، والتمتع باستقرار مادي وعاطفي.

يتوقون للنوم بجوار من يحبون، لشخص يحفزهم ليكونوا أفضل نسخة من أنفسهم، للشعور بالانتماء لفكرة أو مجموعة تمنح حياتهم معنى أعمق. يريدون أن يشعروا بالإنتاجية والإنجاز في حياتهم اليومية، وأن يروا طاقاتهم ومواهبهم تُستثمر بشكل مثمر، بعيدًا عن عبث المجتمعات أو الأيديولوجيات التي تبدو بلا جدوى.

يريدون أن يعيشوا حياتهم إلى أقصى حدودها، أن يتحرروا من ثقل القرارات التي لم يتخذوها والطرق التي لم يسلكوها، حتى وإن كانوا راضين عمّا وصلوا إليه. في النهاية، يسعون جميعًا إلى تحقيق التوازن بين الاستقرار والتحرر، بين الإنجاز والبحث عن المعنى.


"من يسعى للريح لا يحصد إلا العواصف".


-


دوستويفسكي في هذه الفلسفة يحاول أن يُبرز التوتر المستمر بين العقلانية والرومانسية، وكيف يمكن للإنسان أن يعيش في حالة من الصراع بين هذين القطبين. فمن جهة، يرى أن الرومانسية تحمل معها نوعًا من التحرر من قيود الواقع، والانطلاق إلى عالم أسمى، مليء بالأحلام والمثل العليا. ومن جهة أخرى، يدرك أن العقلانية هي ما يبقي الإنسان على الأرض، متزنًا ومستقرًا، حيث تحميه من الانجراف في مشاعر وأوهام قد تكون مدمرة.

بالنسبة له، الرومانسية ليست مجرد انعزال في الخيال، بل هي أيضًا حالة داخلية تُلهم الشخص وتدفعه نحو البحث عن الجمال والحقيقة في العالم. ومع ذلك، يحذر من أن الإفراط فيها قد يؤدي إلى الفناء، تمامًا كما يُظهر المثال الروسي الذي قدمه، حيث يمكن للأشخاص أن يغنوا حتى الموت، بدون وعي حقيقي بما يحدث حولهم.

هذا المزيج بين العقل والرومانسية هو ما يجعل رؤية دوستويفسكي عميقة ومعقدة. فهو لا يرفض أحدهما لصالح الآخر، بل يسعى لفهم كيف يمكن للإنسان أن يعيش في هذا التوازن الدقيق بين الحلم والواقع، بين الجمال والعقل، بين السمو والانهيار.

يقول دوستويفسكي في مذكراته وكأنه يلخص فلسفته: "العظمة ليست في أن تعيش الحياة بالكامل في الأحلام، ولكن أن تعرف متى تفتح عينيك لتواجه الحقيقة دون أن تفقد القدرة على الحلم".


دوستويفسكي، في هذه الرؤية العميقة، يوضح أن الرومانسية ليست مجرد حالة شعورية سطحية، بل هي حالة عقلية وروحية يمكن أن تكون متجذرة في الأشخاص بطرق معقدة. الرومانسيون الحقيقيون، حتى لو بدوا محتالين أو فاسدين في أفعالهم، يمتلكون نوعًا من الارتباط العاطفي العميق، ولديهم مشاعر نقية تجاه الأشياء التي تهمهم، سواء كانت الجمال أو السمو الروحي أو حتى الحب.

وفي تعليقه على الأوروبيين، خاصة الفرنسيين، يرى أن لديهم القدرة على التحكم في انفعالاتهم، فهم لا يسمحون لمشاعرهم أن تسيطر عليهم بشكل كامل. هذا يعكس "العقلانية الرومانسية" التي تجعلهم يحتفظون بتقديرهم للجمال والسمو كشيء داخلي، غير معلن دائمًا للعالم. هذه القدرة على الفصل بين العقل والعاطفة هي ما يجعلهم مميزين في نظر دوستويفسكي، لأنهم قادرون على تبني الرومانسية دون أن يفقدوا توازنهم العقلي.

إجمالًا، يضع دوستويفسكي نفسه في موضع وسط بين الرومانسية المجنونة التي قد تؤدي إلى الهلاك، وبين العقلانية الباردة التي قد تخنق الروح. وهذا يعكس تعقيده الشخصي وتفاعله مع العالم من حوله، فهو يقدر الرومانسية لكنه يراها ضمن حدود معينة، ويدرك أهمية الحفاظ على نوع من التوازن بين العقل والعاطفة، بين الحلم والواقع.


دوستويفسكي في "مذكرات قبو" يوضح ببراعة التباين بين الرومانسية الروسية والأوروبية. يقول إن الروس، بعكس الأوروبيين مثل الألمان والفرنسيين، ما عندهم الرومانسية المجنونة واللامعة بنفس الشكل. الروس في نظرة دوستويفسكي، حتى لو كانت الأرض تنهار تحت أقدامهم، بيبقون ثابتين ويواصلون الغناء رغم المصاعب، لأن عندهم نوع من الإيمان والجنون اللي يخليهم يواجهون المصير بابتسامة حتى النهاية.

في المقابل، الرومانسية الأوروبية، خاصة الفرنسية، تمتاز بالوعي العميق والتفكير الحاد. الأوروبي الرومانسي، حسب رأيه، يدرك كل شيء ويمتلك قدرة على التأمل العميق بدون ما يُشوشه الحزن أو الانفعالات الشديدة. يحتفظ "بفلسفة السمو والجمال" داخله، وكأنها جوهرة ثمينة مغلفة بعناية، مما يجعله يبرز بمستوى أعلى من المجتمعات الأخرى، ويمنحه رؤية خاصة.

ويضيف دوستويفسكي: "حتى لو كان الرومانسيين محتالين أو مجرمين، غالبًا ما يحملون قلوبًا نقية، ويمتلكون احترامًا كبيرًا لعمق الأفكار والمشاعر، لدرجة تجعلهم يتأثرون بالبكاء." لكنه ما يشجع على "شيطانية وطنية"، بل يعترف بأن الرومانسية فيها جانب نبيل، ويجد نفسه بين العقلانية والرومانسية أو ما تسمى بِالرومانطيقية.


في حياتي، أتعامل أحيانًا مع أشخاص ما يعجبهم شيء على الإطلاق، ودائمًا عندهم حاجة يتذمرون منها. مهما كان الوضع، حتى لو كان جيد أو فيه جوانب إيجابية، تلاقيهم مركزين فقط على السلبيات ويشكون باستمرار. هذا النوع من الأشخاص، بغض النظر عن الظروف، يلقون دايمًا سبب للتذمر أو الانتقاد، سواء كانت أشياء بسيطة أو أمور معقدة.

المشكلة مع هالنوع من الناس إنهم يستنزفون الطاقة النفسية بشكل كبير. تحاول تساعدهم أو تغير نظرتهم للأمور، لكنهم غالبًا ما يكونون متمسكين بالشكوى وكأنها جزء لا يتجزأ من شخصيتهم. ما يعترفون بالجوانب الجيدة في حياتهم، أو إذا فعلوا، يكون مجرد تعليق سريع قبل العودة للتذمر.

التعامل مع شخص يتذمر باستمرار يحطك في موقف صعب، لأنك تشعر وكأنك مهما قدمت أو حاولت تغيير الجو، ما في شيء يكفي. هذا النوع من السلبية المستمرة يمكن أن يكون مرهق ومؤثر على نفسيتي، لأن الجو اللي يخلقونه يشبه الغيمة السوداء اللي تحجب كل شيء إيجابي من حولك.

في النهاية، لازم أفهم أني ما أقدر أغير طريقة تفكير كل شخص، ولا أتحمل عبء تذمرهم المستمر. أحيانًا الحل يكون ببساطة أني أحافظ على مسافة معينة وأحمي نفسي من التأثر بهذا التذمر اللي ما ينتهي.


أشعر أني أعيش وسط أشخاص سلبين وكئيبين طوال الوقت، وأجد صعوبة في التعامل مع هذا الجو المستمر من الحزن والتشاؤم. اللي يضايقني أكثر هو أن البعض يبدو وكأنهم يعتبرون الكآبة أسلوب حياة أو يرون أن الحزن المستمر شيء "واو" ويعبر عن العمق أو الشخصية المميزة.

أنا أفهم تمامًا أن الحياة ليست سهلة، وكل واحد فينا يمر بأوقات صعبة، لكن لما تكون السلبية هي الطابع الدائم للتفاعل بين الناس، يبدأ الأمر يستهلكني. أحاول أكون متفائل وأحافظ على طاقتي الإيجابية، لكن الصعب هو إني أتعامل مع الأشخاص اللي يستسلمون للحزن ويعتقدون أنه جزء من هويتهم.

مو معناته إني ما أتعاطف مع الآخرين أو ما أفهم اللي يمرون فيه، لكن في نفس الوقت أحتاج أحافظ على نفسي. الانغماس الدائم في السلبية والتشاؤم بيأثر على حياتي، وأنا ما أقدر أعيش في هذا الجو الثقيل بشكل مستمر.


👍.


Fallen Sequoias, Sierra Nevada mountains, California, 1977 - by Bruce Barnbaum (1943), American


إن فى الأمر الذى سأحكيه الآن شيئا غريبا جدا، غريبا بندرة حدوثه.

هو رجل اقتيد مع رجال آخرين محكوم عليهم بالإعدام، اقتيد معهم على المكان الذى سيتم فيه تنفيذ الحكم، و قرئ عليهم قرار المحكمة بإعدامهم رميا بالرصاص لجريمة سياسية.

وبعد نحو عشرين دقيقة تلى عليهم قرار آخر يعفو عنهم، فيلغى حكم الإعدام و يبدله بحكم بالسجن مع الأشغال الشاقة.

ولكن فى هذه الفترة التى انقضت بين تلاوة الحكم الاول و تلاوة الحكم الثاني، أى خلال العشرين دقيقة أو الربع ساعة على الأقل، عاش الرجل فى يقين مطلق بأنه ميت لا محالة بعد بضع لحظات.

ما كان أشد رغبتى الرهيبة فى ان اسمعه يصف المشاعر التى أحس بها اثناء ذلك! كان يتذكر كل شئ بوضوح خارق، ويؤكد أنه لن يستطيع نسيان تلك الدقائق فى يوم من الأيام.

على مسافة عشرين خطوة من صقالة الإعدام التى وقف قربها الناس والجنود، كانت قد دقت فى الارض أعمدة ثلاثة، إذ كان هنالك عدة رجال محكوم عليهم بالإعدام.

اقتيد الثلاثة الاول نحو تلك الأعمدة، وشدوا إليها، و ألبسوا لباس المحكوم عليهم بالإعدام (وهو نوع من جلباب طويل ابيض)؛ وعصبت أعينهم حتى لا يروا البنادق. وبعد ذلك جاءت تقف، قبالة كل عمود، زمرة الجنود التى ستطلق رصاص الإعدام.

إن الرجل الذي أحدثكن عنه هو الثامن في الترتيب. فكان عليه إذن أن يذهب إلى العمود في الفوج الثالث.

وجاء كاهن يبارك الرجال المحكوم عليهم بالإعدام. ولم يبق لهم من الحياة إلا خمس دقائق يعيشونها.

قال لي الرجل: إن هذه الدقائق الخمس قد بدت طويلة طولًا لا نهاية له، غنية غنى لا ينضب.

بدا له أنه خلال هذه الدقائق الخمس سيعيش حيوات تبلغ من الكثرة أنه ليس في حاجة بعد إلى التفكير في اللحظة الأخيرة.

حتى لقد رتب أموره واتخذ إجراءاته على هذا الأساس، فحدد الزمان الذي سيودع فيه رفاقه و وقف عليه دقيقتين ،وعين دقيقتين أخريين للتجمع على نفسه مرة أخيرة، وترك الوقت الباقي لإلقاء نظرة على ما حوله.

وانه ليتذكر تذكرا واضحا أنه تقيد بهذا التوزيع للوقت تقيداً تاماً. كان سيموت وهو في السابعة و العشرين من عمره، مليئاً بالصحة والعافية، زاخراً بالنشاط والقوة.

وإنه ليتذكر انه حين ودّع رفاقه ألقى على كل منهم سؤالاً لا علاقة له بالحالة الراهنة، حتى انه اهتم اهتماما كبيراً بسماع أجوبتهم. حتى اذا فرغ من التوديع، جاء دور الدقيقتين اللتين نذرهما "للتجمع على نفسه" من أجل التأمل.

كان يعلم سلفاً ما الذي سيفكر فيه. كان يريد أن يتصور بأقصى سرعة ممكنة و بأكبر وضوح ممكن ما سيحدث: هو الان هنا، هو الان حي؛ و بعد ثلاث دقائق سيُصبِح "شيئاً آخر"، ولكن ماذا يصبح؟ و أين يصبح؟

كان يقدر انه سيعرف ذلك كله خلال هاتين الدقيقتين، وفي مكان غير بعيد، كانت تقوم كنيسة تلتمع قبتها المذهبة تحت أشعة الشمس.

ولكنه قال إنه لا شيء كان أشق على نفسه عندئذ من هذه الفكرة التي كانت تدور في خاطره: "ليتني أستطيع ألا أموت! ليت الحياة تُرد الي! ما أعظم الأبدية التي سأنعم بها اذا أمكن ذلك! لأُحيلن كل دقيقة دهراً، و لأحصين جميع الدقائق لا أضيع منها واحدة، ولا أبدد منها واحدة!"

أنه يتذكر الآن شدة تحديقه على تلك القبة وإلى الأشعة التى كانت تنعكس عليها حينذاك. كان لا يستطيع أن ينتزع نفسه من تأمل تلك الأشعة، كان يتراءى له أن تلك الأشعة هي طبيعته الجديدة، وانه بعد ثلاث دقائق سيندمج فيها وينصهر معها.

إن تلك الحالة من عدم اليقين ومن النفرة تجاه المجهول الذي سيحين حينه كانت رهيبة فظيعة.

وقال إن هذه الفكرة قد صارت أخر الامر على نوع من جنون حتى أصبح لا يتمنى إلا أن يطلق عليه الرصاص.


ااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااه

20 ta oxirgi post ko‘rsatilgan.