فما بالك بمسلم! ما بالك بمؤمن! ما بالك بولدك! ما بالك بوالدك! ما بالك بجارك! ما بالك بزوجتك! ما بالك بأقربائك! ما بالك بإخوانك المسلمين! لماذا كثير من الناس تركوا هذه الأخلاق؟ فرَّطوا في هذه الآداب؟ لا يعرفون لأهل الفضل فضلهم، ولا لأهل المعروف معروفهم، ولا يشكرونهم على جميلهم نسأل الله العافية والسلامة.
الْخُطْبَةُ الْثَانِيَة
الحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
وهكذا كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يعرفون لأهل الفضل فضلهم ويشكرون لأهل المعروف معروفهم وإحسانهم وجميلهم، ونضرب على ذلك مثالين لرجل عظيم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ألا وهو عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ففي البخاري عن ثعلبة بن أبي مالك رضي الله عنه قال: «إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: قَسَمَ مُرُوطًا» نوع من الألبسة والأزر «بَيْنَ نِسَاءٍ مِنْ نِسَاءِ الْمَدِينَةِ فَبَقِيَ مِرْطٌ جَيِّدٌ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ عِنْدَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَعْطِ هَذَا ابْنَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي عِنْدَكَ يُرِيدُونَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيٍّ» أي: زوجته أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب فقال معلماً لهم خلقاً عظيماً وهو شكر المعروف لم ينسه بعد أن تولى الخلافة وبعد أن مرت السنين الطويلة مع ذلك ما نسي معروفها وموقفها العظيم يوم أحد معهم، قال: «أُمُّ سَلِيطٍ أَحَقُّ. وَأُمُّ سَلِيطٍ مِنْ نِسَاءِ الْأَنْصَارِ مِمَّنْ بَايَعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عُمَرُ: فَإِنَّهَا كَانَتْ تَزْفِرُ لَنَا الْقِرَبَ يَوْمَ أُحُدٍ». أي: تحمل لنا قرب الماء يوم أحد. ما نسي هذا المعروف وهذا الجميل بعد أن تولى الخلافة وصار أمير المسلمين، مرت سنوات طويلة بعد غزوة بدر حتى مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم خلافة أبي بكر سنتان، ثم بعد ذلك خلافة عمر وهو لا يزال في ذهنه هذا المعروف التي فعلته أم سليط في غزوة أحد، كانت تسقيهم الماء فجازاها بذلك. وجاء أيضا في صحيح البخاري «خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِلَى السُّوقِ، فَلَحِقَتْ عُمَرَ امْرَأَةٌ شَابَّةٌ، فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَلَكَ زَوْجِي وَتَرَكَ صِبْيَةً صِغَارًا، وَاللهِ مَا يُنْضِجُونَ كُرَاعًا، وَلَا لَهُمْ زَرْعٌ وَلَا ضَرْعٌ، وَخَشِيتُ أَنْ تَأْكُلَهُمُ الضَّبُعُ، وَأَنَا بِنْتُ خُفَافِ بْنِ إِيمَاءَ الْغِفَارِيِّ، وَقَدْ شَهِدَ أَبِي الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَوَقَفَ مَعَهَا عُمَرُ وَلَمْ يَمْضِ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِنَسَبٍ قَرِيبٍ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى بَعِيرٍ ظَهِيرٍ كَانَ مَرْبُوطًا فِي الدَّارِ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ غِرَارَتَيْنِ مَلَأَهُمَا طَعَامًا، وَحَمَلَ بَيْنَهُمَا نَفَقَةً وَثِيَابًا، ثُمَّ نَاوَلَهَا بِخِطَامِهِ، ثُمَّ قَالَ: اقْتَادِيهِ، فَلَنْ يَفْنَى حَتَّى يَأْتِيَكُمُ اللهُ بِخَيْرٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَكْثَرْتَ لَهَا؟ قَالَ عُمَرُ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، وَاللهِ إِنِّي لَأَرَى أَبَا هَذِهِ وَأَخَاهَا» ما زال يذكر الجميل «وَاللهِ إِنِّي لَأَرَى أَبَا هَذِهِ وَأَخَاهَا، قَدْ حَاصَرَا حِصْنًا زَمَانًا فَافْتَتَحَاهُ، ثُمَّ أَصْبَحْنَا نَسْتَفِيءُ سُهْمَانَهُمَا فِيهِ.» يذكر أنه نال غنيمة بسبب فتح أبيها وأخيها لحصن من الحصون فغنم المسلمون واستفاد عمر فبذلك، عرف معروفها، هذا هو الخلق الجميل، هذا هو الأدب العظيم الذي حث عليه الإسلام وقرره وأكد عليه «مَنْ لَمْ يَشْكُرِ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرِ اللَّهَ».
من الذين نشكرهم؟ كل من أسدى إلينا معروف؛ لكن على رأسهم وفي مقدمتهم رسولنا صلى الله عليه وسلم الذي به نجاتنا من الكفر والإلحاد، بدعوته وجهاده ونصرته لله عز وجل ودينه وبيانه وإضاحه وصل إلينا الدين؛ ولولا ذلك لكنا من حطب جهنم، ولكنا من أهل الشرك والإلحاد، فأين أولئك الذين يقابلون هذا المعروف العظيم باستنكار سنته صلى الله عليه وسلم؟ أين هم أولئك الذين إذا سمعوا حديثاً من حادث رسوله أو سنة من سنة رسول الله ردوها واحتقروها واستهزأوا بها؟ أين أولئك الذين يستهزئون بلباس رسول الله وهدي رسول الله وما دعا إليه رسول الله من الأحكام والشرائع والسنن والهدي والأخلاق؟ أين شكرهم للمعروفه صلى الله عليه وسلم؟ أين تقديرهم لجهوده؟ أين قيامهم بواجبهم تجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أهذا الذي تقابل به رسولك وإحسانه ومعروفه أن تنكر سنته وتتنكر لها؟ أن تبتعد عن هديه؟ أن تبتعد عن تعاليمه صلى الله عليه وسلم هذا؟ والله هذا هو النكران، وإن لم يكن هذا نكرانا فأين النكران؟
الْخُطْبَةُ الْثَانِيَة
الحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
وهكذا كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يعرفون لأهل الفضل فضلهم ويشكرون لأهل المعروف معروفهم وإحسانهم وجميلهم، ونضرب على ذلك مثالين لرجل عظيم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ألا وهو عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ففي البخاري عن ثعلبة بن أبي مالك رضي الله عنه قال: «إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: قَسَمَ مُرُوطًا» نوع من الألبسة والأزر «بَيْنَ نِسَاءٍ مِنْ نِسَاءِ الْمَدِينَةِ فَبَقِيَ مِرْطٌ جَيِّدٌ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ عِنْدَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَعْطِ هَذَا ابْنَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي عِنْدَكَ يُرِيدُونَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيٍّ» أي: زوجته أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب فقال معلماً لهم خلقاً عظيماً وهو شكر المعروف لم ينسه بعد أن تولى الخلافة وبعد أن مرت السنين الطويلة مع ذلك ما نسي معروفها وموقفها العظيم يوم أحد معهم، قال: «أُمُّ سَلِيطٍ أَحَقُّ. وَأُمُّ سَلِيطٍ مِنْ نِسَاءِ الْأَنْصَارِ مِمَّنْ بَايَعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عُمَرُ: فَإِنَّهَا كَانَتْ تَزْفِرُ لَنَا الْقِرَبَ يَوْمَ أُحُدٍ». أي: تحمل لنا قرب الماء يوم أحد. ما نسي هذا المعروف وهذا الجميل بعد أن تولى الخلافة وصار أمير المسلمين، مرت سنوات طويلة بعد غزوة بدر حتى مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم خلافة أبي بكر سنتان، ثم بعد ذلك خلافة عمر وهو لا يزال في ذهنه هذا المعروف التي فعلته أم سليط في غزوة أحد، كانت تسقيهم الماء فجازاها بذلك. وجاء أيضا في صحيح البخاري «خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِلَى السُّوقِ، فَلَحِقَتْ عُمَرَ امْرَأَةٌ شَابَّةٌ، فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَلَكَ زَوْجِي وَتَرَكَ صِبْيَةً صِغَارًا، وَاللهِ مَا يُنْضِجُونَ كُرَاعًا، وَلَا لَهُمْ زَرْعٌ وَلَا ضَرْعٌ، وَخَشِيتُ أَنْ تَأْكُلَهُمُ الضَّبُعُ، وَأَنَا بِنْتُ خُفَافِ بْنِ إِيمَاءَ الْغِفَارِيِّ، وَقَدْ شَهِدَ أَبِي الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَوَقَفَ مَعَهَا عُمَرُ وَلَمْ يَمْضِ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِنَسَبٍ قَرِيبٍ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى بَعِيرٍ ظَهِيرٍ كَانَ مَرْبُوطًا فِي الدَّارِ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ غِرَارَتَيْنِ مَلَأَهُمَا طَعَامًا، وَحَمَلَ بَيْنَهُمَا نَفَقَةً وَثِيَابًا، ثُمَّ نَاوَلَهَا بِخِطَامِهِ، ثُمَّ قَالَ: اقْتَادِيهِ، فَلَنْ يَفْنَى حَتَّى يَأْتِيَكُمُ اللهُ بِخَيْرٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَكْثَرْتَ لَهَا؟ قَالَ عُمَرُ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، وَاللهِ إِنِّي لَأَرَى أَبَا هَذِهِ وَأَخَاهَا» ما زال يذكر الجميل «وَاللهِ إِنِّي لَأَرَى أَبَا هَذِهِ وَأَخَاهَا، قَدْ حَاصَرَا حِصْنًا زَمَانًا فَافْتَتَحَاهُ، ثُمَّ أَصْبَحْنَا نَسْتَفِيءُ سُهْمَانَهُمَا فِيهِ.» يذكر أنه نال غنيمة بسبب فتح أبيها وأخيها لحصن من الحصون فغنم المسلمون واستفاد عمر فبذلك، عرف معروفها، هذا هو الخلق الجميل، هذا هو الأدب العظيم الذي حث عليه الإسلام وقرره وأكد عليه «مَنْ لَمْ يَشْكُرِ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرِ اللَّهَ».
من الذين نشكرهم؟ كل من أسدى إلينا معروف؛ لكن على رأسهم وفي مقدمتهم رسولنا صلى الله عليه وسلم الذي به نجاتنا من الكفر والإلحاد، بدعوته وجهاده ونصرته لله عز وجل ودينه وبيانه وإضاحه وصل إلينا الدين؛ ولولا ذلك لكنا من حطب جهنم، ولكنا من أهل الشرك والإلحاد، فأين أولئك الذين يقابلون هذا المعروف العظيم باستنكار سنته صلى الله عليه وسلم؟ أين هم أولئك الذين إذا سمعوا حديثاً من حادث رسوله أو سنة من سنة رسول الله ردوها واحتقروها واستهزأوا بها؟ أين أولئك الذين يستهزئون بلباس رسول الله وهدي رسول الله وما دعا إليه رسول الله من الأحكام والشرائع والسنن والهدي والأخلاق؟ أين شكرهم للمعروفه صلى الله عليه وسلم؟ أين تقديرهم لجهوده؟ أين قيامهم بواجبهم تجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أهذا الذي تقابل به رسولك وإحسانه ومعروفه أن تنكر سنته وتتنكر لها؟ أن تبتعد عن هديه؟ أن تبتعد عن تعاليمه صلى الله عليه وسلم هذا؟ والله هذا هو النكران، وإن لم يكن هذا نكرانا فأين النكران؟