ثمّ جاءت الطّامّة الكبرى وكانت #الحرب الطّاحنة ، وانقطعت صلات #جاوة و #سنغافورة عن #حضرموت ، فوقع الحضارم ـ ولا سيّما من نزل عن شبام ـ في أضيق من حلقة الميم ، وأشدّ من صمّاء الغبر (١) ، ورماهم الله بسبع كسبع يوسف (٢) ، يكفي لوصفها ما جاء في قصيدتي المستهلّة بقولي [من الكامل] :
عبر يلين بها الغليظ الجافي
ويحسّ منها القلب وخز أشافي (٣)
وقد طبعت مرّات ، وأشرت إلى شيء من ذلك في قصيدة أخرى ، مطلعها [من الكامل] :
يا ليت شعري هل يساغ الرّيق
ويدال بالإفراج هذا الضّيق
ولو أنّ #سيئون عادت بالفقر الأخير سيرتها الأولى من الأنس والصّفاء ، وكثرة السّرور وسلامة الصّدور .. لكان الأمر هيّنا ، بل ممدوحا ، فلا مرحبا بالمال إن لم يكشف البؤس ، ويؤنس النّفوس ، ولكن .. لا ذا تأتّى ولا ذا حصل (٤) ، وما أتوا إلّا من قبل نفوسهم ، وسوء أعمالهم ، ونغل قلوبهم ، وفساد نيّاتهم ، فكان الأمر كما قال القطب #الحدّاد [في «ديوانه» ١٢٦ من الرّمل] :
آية الأنفال والرّعد مع النّ
حل لمّا غيّروها .. غيّرت (٥)
______
(١) الصّمّاء : الحيّة. الغبر : الأرض الّتي لا يهتدى فيها ، يضرب مثلا للداهية العظيمة.
(٢) المجاعة الكبرى في حضرموت : بدأت من حدود (١٣٦٢ ه) إلى سنة (١٣٦٦ ه) إبان الحرب العالمية الثانية ، وقد مات أثناءها أمم لا تحصى ، وقد كانت من أسباب الهجرة إلى الحجاز ونواحي الجزيرة ، والبعض إلى الحبشة وأرتيريا ، ومؤخرا إلى السعودية وبلدان الخليج.
(٣) الأشافي : الإبر.
(٤) أخذا من البيتين المشهورين في التحذير من التقليد الأعمى :
غراب تعلم مشي القطا
وقد كان يحسن مشي الحجل
فهرول ما بين هذا وذا
فلا ذا تأتى ولا ذا حصل
(٥) آية الأنفال : هي قوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)
آية الرعد : هي قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ)
آية النحل : هي قوله تعالى : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ)
727
عبر يلين بها الغليظ الجافي
ويحسّ منها القلب وخز أشافي (٣)
وقد طبعت مرّات ، وأشرت إلى شيء من ذلك في قصيدة أخرى ، مطلعها [من الكامل] :
يا ليت شعري هل يساغ الرّيق
ويدال بالإفراج هذا الضّيق
ولو أنّ #سيئون عادت بالفقر الأخير سيرتها الأولى من الأنس والصّفاء ، وكثرة السّرور وسلامة الصّدور .. لكان الأمر هيّنا ، بل ممدوحا ، فلا مرحبا بالمال إن لم يكشف البؤس ، ويؤنس النّفوس ، ولكن .. لا ذا تأتّى ولا ذا حصل (٤) ، وما أتوا إلّا من قبل نفوسهم ، وسوء أعمالهم ، ونغل قلوبهم ، وفساد نيّاتهم ، فكان الأمر كما قال القطب #الحدّاد [في «ديوانه» ١٢٦ من الرّمل] :
آية الأنفال والرّعد مع النّ
حل لمّا غيّروها .. غيّرت (٥)
______
(١) الصّمّاء : الحيّة. الغبر : الأرض الّتي لا يهتدى فيها ، يضرب مثلا للداهية العظيمة.
(٢) المجاعة الكبرى في حضرموت : بدأت من حدود (١٣٦٢ ه) إلى سنة (١٣٦٦ ه) إبان الحرب العالمية الثانية ، وقد مات أثناءها أمم لا تحصى ، وقد كانت من أسباب الهجرة إلى الحجاز ونواحي الجزيرة ، والبعض إلى الحبشة وأرتيريا ، ومؤخرا إلى السعودية وبلدان الخليج.
(٣) الأشافي : الإبر.
(٤) أخذا من البيتين المشهورين في التحذير من التقليد الأعمى :
غراب تعلم مشي القطا
وقد كان يحسن مشي الحجل
فهرول ما بين هذا وذا
فلا ذا تأتى ولا ذا حصل
(٥) آية الأنفال : هي قوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)
آية الرعد : هي قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ)
آية النحل : هي قوله تعالى : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ)
727