«الفصل الخامس»
" يحزنني أن أرى أمتي على هذا الحال يحزنني أن أتذكر كيف كان الرجال في أمتنا في كل مجال وكيف صاروا اليوم القد كان منا الصديق أبو بكر والفاروق عمر والأسد حمزة، وكان منا سيف الله خالد بن الوليد وداهية العرب عمرو بن العاص، وكان منا الفاتحون صلاح الدين وقطر ومحمد الفاتح، كان منا ابن عباس ومجاهد وقتادة، كان منا ابن كثير والطبري والقرطبي، وكان منا البخاري ومسلم ومنا الأوزاعي والشافعي وأحمد بن حنبل، وكان منا سعيد بن جبير ويحيى بن معين وعلي بن المديني، وكان منا الحسن بن الهيثم والإدريسي والبيروني والخوارزمي، وكان منا المقريزي وابن النفيس وابن البيطار، وكان منا الخليل والأصمعي وابن منظور، وكان منا وكان منا ... واليوم صرنا أبطالا في الكرة والغناء وحتى الرقص مع الأسف... أهكذا يختزل معنى الرجولة ليصير ممتهنا ؟ !! لقد نجحوا مع الأسف في إكساب الرجال صفات الميوعة والدياثة، لقد نجحوا في أن يفقدوهم الهوية
الإسلامية وفي جعلهم تابعين لهم في كل شيء، بداية من تصفيفة شعرهم وشكل ملابسهم .. ومرورا بسلوكهم وأخلاقهم .. وحتى مفاسدهم ورذائلهم.". أوجعني ألمه، فأردت أن أغير اتجاه الحديث، فأخبرته" : تعلم ما الذي أثر
في أيضا في تلك القصة الجميلة؟." التفت نحوي، وقال ببسمة مصطنعة يكسوها حزن دفين" : ما الذي أثر
فيك؟"
قلت" : أثر في بشدة إصراره العظيم على تحقيق هدفه، وحبه العميق لبلده،
وحرصه على أن يرفع شأنه بصناعة وطنية قوية وتواضعه الذي دفعه لأن يقبل
أن يعمل في مهن تنظر لها مجتمعاتنا بتعجرف وامتهان على الرغم من أنه من
عائلة كبرى وبدل أن يعدّ رسالة الدكتوراه، قبل أن يعمل في تواضع كامل
تحت يد عامل ليتعلم كيف يصنع الماكينة التي يريدها، كما أعجبني وبشدة انهماكه في هدفه إلى الحد الذي نسي معه حاجات جسده فأخذ من وقت
طعامه ونومه ليعطي هدفه ." " معك حق .. هدف قوي استولى على كيانه بأكمله، فلم يسمح للعقبات أن تقف في طريقه، وأصر على تحقيقه مهما حصل .. وهذا المشهد بالتحديد الذي تكلمت عنه هو ما يعيدنا لشباب أمتنا الذي يتفنن في قتل الوقت.. ليس على حاجات الجسد وحسب، بل على نزوات وتصرفات خرقاء تضيع دينه وصحته وخلقه .. يستهلكون الساعات في الجلوس على المقاهي، وفي التنافس الغث على لعبة من ألعاب الحاسوب أو مباراة لكرة القدم .. فأنى لمثل هؤلاء الفارغين أن يصنعوا لأنفسهم نجاحا، فضلا عن أن يصنعوا لأمتهم
مجدا . "!
قلت مستسلما : " معك حق .. لكن ما الرسالة المحددة التي أردت أن توصلها لي بدفعك إياي لقراءة تلك القصة؟ ."
" إن القصة التي قرأتها تثبت لك أن تطوير الذات لا علاقة له أبدا بالظروف
فمهما كانت الظروف صعبة والعقبات كثيرة، فمن يرغب حقا في تطوير ذاته
سوف يتجاوز كل ذلك، ويوجد لنفسه الوقت والجهد والمال ليطور ذاته، لقد
حرم نفسه النوم وقلل من طعامه ودفع راتبه بأكمله ليشتري تلك الآلة التي
تساعده على التعلم، بل وتخلى عن مركزه في البعثة ومكانته في الجامعة
ورسالة الدكتوراه ليعمل في مهنة متواضعة تمكنه من تطوير ذاته بتعلم سر
صنع الماكينة .. هل فهمت ذلك؟ هل أدركت كيف تعمل تلك الروح المثابرة
التي لا تسمح لشيء أن يعيق تطويرها لذاتها؟."
" نعم وعيت وأدركت ."
" إذن الآن عليك أن تبدأ في اكتساب المهارات التي تنقصك، وتعلم ما
يجب عليك تعلمه الخبراء يؤكدون أن من يقرأ كتابا واحدا كل شهر في تخصصه فسوف يحرز تقدما كبيرا ومذهلا في مدة يسيرة، ويصير من المتمكنين في مجاله، يجب عليك أن تحرص ألا يمر عليك يوم جديد من
دون أن تتعلم شيئا جديدا يفيدك." " ولكن يا ضياء أنت ترى ظروفي ووقتي، وتعلم أنني لا أستطيع أن أجد وقتا لذلك، فأنا مضطر للعمل باستمرار لأوفر لأسرتي ما أستطيع توفيره لحاجاتهم
الأساسية، لا أستطيع أن أتخلى عنهم وأجلس لأطور ذاتي .. لا أجد وقتا"
" اسمعني جيدا يا فريد ليس هناك ما يمنعك من تطوير ذاتك سوى ذاتك
أنت .. سوى تخاذلك وسوء إدارتك لوقتك، وعدم إدراكك لأهمية التعلم وعدم حرصك عليه .. لكن يجب عليك أن تعلم وتفهم جيدا أنك من دون أن تطور ذاتك ستبقى قابعا في مكانك لن تبرحه .....
" حسنا سأضمن خطتي برنامجا لتطوير ذاتي وسأبدأ في إعادة جدولة وقتي لأدخل برنامج التعليم ضمن برنامجي اليومي قدر ما أستطيع، فلا يوجد
ما يمنعني من القراءة حتى وأنا جالس في الشارع أبيع بضاعتي الرخيصة." " أحسنت يا فريد، وهذا ما يجعلك تتعلم حقا وتكتسب قوة لا يستطيع أحد أن ينتزعها منك، وتصير مرغوبا حقا في سوق العمل، ولكن عليك أن تقدم
شيئا آخر للشركة التي تتقدم لها طالبا للعمل"
" وما هو ؟ ."
" عليك أن تصنع شيئا مميزا .. أن تريه نماذج من عملك ومن قدرتك الممتازة على التصميم، لقد كنت أكثرنا تميزا في التصاميم الهندسية، لقد كانت نماذجك تثير دهشة الأساتذة فضلا عن إعجابهم .. أنت متفوق
" هل تعني أن أرسم من جديد؟."
" نعم، عليك أن تفعل ذلك .. واليوم...
يتجدد لقاؤنا معكم إن شاء الله في الأسبوع القادم..
" يحزنني أن أرى أمتي على هذا الحال يحزنني أن أتذكر كيف كان الرجال في أمتنا في كل مجال وكيف صاروا اليوم القد كان منا الصديق أبو بكر والفاروق عمر والأسد حمزة، وكان منا سيف الله خالد بن الوليد وداهية العرب عمرو بن العاص، وكان منا الفاتحون صلاح الدين وقطر ومحمد الفاتح، كان منا ابن عباس ومجاهد وقتادة، كان منا ابن كثير والطبري والقرطبي، وكان منا البخاري ومسلم ومنا الأوزاعي والشافعي وأحمد بن حنبل، وكان منا سعيد بن جبير ويحيى بن معين وعلي بن المديني، وكان منا الحسن بن الهيثم والإدريسي والبيروني والخوارزمي، وكان منا المقريزي وابن النفيس وابن البيطار، وكان منا الخليل والأصمعي وابن منظور، وكان منا وكان منا ... واليوم صرنا أبطالا في الكرة والغناء وحتى الرقص مع الأسف... أهكذا يختزل معنى الرجولة ليصير ممتهنا ؟ !! لقد نجحوا مع الأسف في إكساب الرجال صفات الميوعة والدياثة، لقد نجحوا في أن يفقدوهم الهوية
الإسلامية وفي جعلهم تابعين لهم في كل شيء، بداية من تصفيفة شعرهم وشكل ملابسهم .. ومرورا بسلوكهم وأخلاقهم .. وحتى مفاسدهم ورذائلهم.". أوجعني ألمه، فأردت أن أغير اتجاه الحديث، فأخبرته" : تعلم ما الذي أثر
في أيضا في تلك القصة الجميلة؟." التفت نحوي، وقال ببسمة مصطنعة يكسوها حزن دفين" : ما الذي أثر
فيك؟"
قلت" : أثر في بشدة إصراره العظيم على تحقيق هدفه، وحبه العميق لبلده،
وحرصه على أن يرفع شأنه بصناعة وطنية قوية وتواضعه الذي دفعه لأن يقبل
أن يعمل في مهن تنظر لها مجتمعاتنا بتعجرف وامتهان على الرغم من أنه من
عائلة كبرى وبدل أن يعدّ رسالة الدكتوراه، قبل أن يعمل في تواضع كامل
تحت يد عامل ليتعلم كيف يصنع الماكينة التي يريدها، كما أعجبني وبشدة انهماكه في هدفه إلى الحد الذي نسي معه حاجات جسده فأخذ من وقت
طعامه ونومه ليعطي هدفه ." " معك حق .. هدف قوي استولى على كيانه بأكمله، فلم يسمح للعقبات أن تقف في طريقه، وأصر على تحقيقه مهما حصل .. وهذا المشهد بالتحديد الذي تكلمت عنه هو ما يعيدنا لشباب أمتنا الذي يتفنن في قتل الوقت.. ليس على حاجات الجسد وحسب، بل على نزوات وتصرفات خرقاء تضيع دينه وصحته وخلقه .. يستهلكون الساعات في الجلوس على المقاهي، وفي التنافس الغث على لعبة من ألعاب الحاسوب أو مباراة لكرة القدم .. فأنى لمثل هؤلاء الفارغين أن يصنعوا لأنفسهم نجاحا، فضلا عن أن يصنعوا لأمتهم
مجدا . "!
قلت مستسلما : " معك حق .. لكن ما الرسالة المحددة التي أردت أن توصلها لي بدفعك إياي لقراءة تلك القصة؟ ."
" إن القصة التي قرأتها تثبت لك أن تطوير الذات لا علاقة له أبدا بالظروف
فمهما كانت الظروف صعبة والعقبات كثيرة، فمن يرغب حقا في تطوير ذاته
سوف يتجاوز كل ذلك، ويوجد لنفسه الوقت والجهد والمال ليطور ذاته، لقد
حرم نفسه النوم وقلل من طعامه ودفع راتبه بأكمله ليشتري تلك الآلة التي
تساعده على التعلم، بل وتخلى عن مركزه في البعثة ومكانته في الجامعة
ورسالة الدكتوراه ليعمل في مهنة متواضعة تمكنه من تطوير ذاته بتعلم سر
صنع الماكينة .. هل فهمت ذلك؟ هل أدركت كيف تعمل تلك الروح المثابرة
التي لا تسمح لشيء أن يعيق تطويرها لذاتها؟."
" نعم وعيت وأدركت ."
" إذن الآن عليك أن تبدأ في اكتساب المهارات التي تنقصك، وتعلم ما
يجب عليك تعلمه الخبراء يؤكدون أن من يقرأ كتابا واحدا كل شهر في تخصصه فسوف يحرز تقدما كبيرا ومذهلا في مدة يسيرة، ويصير من المتمكنين في مجاله، يجب عليك أن تحرص ألا يمر عليك يوم جديد من
دون أن تتعلم شيئا جديدا يفيدك." " ولكن يا ضياء أنت ترى ظروفي ووقتي، وتعلم أنني لا أستطيع أن أجد وقتا لذلك، فأنا مضطر للعمل باستمرار لأوفر لأسرتي ما أستطيع توفيره لحاجاتهم
الأساسية، لا أستطيع أن أتخلى عنهم وأجلس لأطور ذاتي .. لا أجد وقتا"
" اسمعني جيدا يا فريد ليس هناك ما يمنعك من تطوير ذاتك سوى ذاتك
أنت .. سوى تخاذلك وسوء إدارتك لوقتك، وعدم إدراكك لأهمية التعلم وعدم حرصك عليه .. لكن يجب عليك أن تعلم وتفهم جيدا أنك من دون أن تطور ذاتك ستبقى قابعا في مكانك لن تبرحه .....
" حسنا سأضمن خطتي برنامجا لتطوير ذاتي وسأبدأ في إعادة جدولة وقتي لأدخل برنامج التعليم ضمن برنامجي اليومي قدر ما أستطيع، فلا يوجد
ما يمنعني من القراءة حتى وأنا جالس في الشارع أبيع بضاعتي الرخيصة." " أحسنت يا فريد، وهذا ما يجعلك تتعلم حقا وتكتسب قوة لا يستطيع أحد أن ينتزعها منك، وتصير مرغوبا حقا في سوق العمل، ولكن عليك أن تقدم
شيئا آخر للشركة التي تتقدم لها طالبا للعمل"
" وما هو ؟ ."
" عليك أن تصنع شيئا مميزا .. أن تريه نماذج من عملك ومن قدرتك الممتازة على التصميم، لقد كنت أكثرنا تميزا في التصاميم الهندسية، لقد كانت نماذجك تثير دهشة الأساتذة فضلا عن إعجابهم .. أنت متفوق
" هل تعني أن أرسم من جديد؟."
" نعم، عليك أن تفعل ذلك .. واليوم...
يتجدد لقاؤنا معكم إن شاء الله في الأسبوع القادم..