Postlar filtri


والمدانة التي رافقت العمليه السياسيه التي جاءت بعد 2003.

     إياد آل عوض الحسناوي
                  ٣/ ١ / ٢٠٢٥


كتب الأستاذ أياد آل عوض الحسناوي:

فيما يلي نص تعقيبنا على ماورد في مقال الأستاذ والمفكر الإسلامي الكبير الدكتور علي المؤمن، والذي كان تحت عنوان ((لو كان الشيعة والسنة واقعيين لما حدث الصراع الطائفي في العراق)):

الأخ الاستاذ الفاضل الدكتور علي المؤمن
تحية طيبة ومساء الخير
لقد اطلعت على مقالكم المنشور على صفحتكم في الفيسبوك والذي كان تحت عنوان ((لو كان الشيعه والسنه واقعيين لما حدث صراع طائفي في العراق))، وقد وجدت من المفيد أن أذكر ما تبلور لدي حول هذا الموضوع من خلال الأحداث التي عشتها وأطلعت عليها منذ العهد الملكي في خمسينيات القرن الماضي والى هذا اليوم، ولو بشكل مختصر جدا، لأن الموضوع فيه تفاصيل كثيرة.

ابتداء ان النفس الطائفي موجود منذ مئات السنين وهو مرتبط بالعصبيات المختلفه التي تلازم النفس البشريه والتي تعود الى عوامل متعدده تترسخ بالعقل الباطن للشخصيه كالبيئة والمحيط والاسرة وتاثيراتها المعروفه ، اما بالنسبه للأصطفاف والتخندق الطائفي الذي عندنا في العراق وهذا مااثبتته الاحداث وخاصة بعد تموز عام 1958، هو يحدث عندما تسقط الانظمة وليس الانقلابات العسكرية ، وفي تأريخ العراق الحديث سقط نظامين هما النظام الملكي عام 1858 ونظام صدام عام 2003 فهاذين النظامين عندما سقطا اعقبهما اصطفاف طائفي ، والسبب يعود اما الى اهتزاز المعادلة التقليديه في الحكم كما حصل بعد ثوره 14 تموز 1858 او انقلاب هذه المعادله كما حدث بعد سقوط نظام صدام وبتعبير اوضح هو عندما اهل السنه في العراق يرفضون المتغير الحادث.

ففي الحاله الاولى وعلى الرغم ان الدوله وكبار مسؤوليها لم يكونوا من الشيعه ولكن كان من تداعيات ثوره 14 تموز هو بروز نشاط الحزب الشيوعي الذي كثير من قياداته وجماهيره هم من الشيعة كما ان الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم على الرغم انه كان بعيد عن اي نفس طائفي فقد حسب على الشيعه ،، وهكذا جرى استهدافة وتعرض نظامه الى سته وثلاثون مؤامرة كان واحدة منها هي محاولة اغتياله واصيب فيها اصابه بالغة وكان اخرها الانقلاب الدموي في 8 شباط 1963 ،، ان هذا الصراع في تلك المرحلة اخذ صورة اخرى وهو صراع القوميين والشيوعين لان الظروف السياسيه والاجتماعيه والثقافيه كانت لا تسمح بذكر صريح لحقيقة الصراع ، فالتوجهات الدينيه والاسلاميه كانت في تلك المرحلة هي في طور سبات وكانت العلمنه والعصرنة هي السائدة. اما بعد عام 2003 والذي انقلبت فيه المعادلة التقليدية فقد اخذ الصراع عنوان واضح وصريح.

ان السبب الحقيقي لموقف اهل السنه الرافض في كلا الحالتين هو يعود الى المقدسات الحقيقية والتي لا يمكن المساس بها كتحصيل حاصل ، فاهل السنه اصبحت مقدساتهم ليس البخاري او الترمذي او النسائي او الرازي او غيرهم من العلماء ولا حتى ابا حنيفة او الشيخ الكيلاني وحتى ابا بكر وعمر ، وانما اصبحت مقدساتهم الحقيقية هي الدولة والسلطة والحاكم مهما كان يحمل من صفات ومزايا ان كان فاضلا وعادلا ، او فاسقا فاجرا ، ولذلك فهم يستميتون في منع اي مكون ان يترأس الدولة والسلطة والاجهزة الحساسة المهمة لان ذلك يعتبراعتداء على مقدساتهم ولذا نجد ان المناطق الساخنة التي ظهرت بعد السقوط هي نفسها كانت ساخنة قبل اكثر من ستة عقود ، فهل هذا جاء بمحض الصدفة ؟!! وحتى الشعارات التى رفعوها متشابهة فاليوم (الهجمة الصفوية) ، وايام الزعيم الراحل (بالهجمة الشعوبية) وكلها تجري تحت قاعدة (اليك اعني واسنمعي ياجارة).

اما بالنسبة للشيعة فقد اصبحت مقدساتهم هي الرموز الكبيره والمناسبات الدينيه والشعائر والطقوس المعروفه ، فهم كذلك ايضا مستعدون للتضحية من اجل الدفاع عنها وان اي محاوله استلابها ومنعها تؤدي الى ردود افعال قوية ولذلك فقد رأينا ان صراعهم مع السلطات المتعاقبة على حكم العراق؟ هو يكاد يكون فقط بسبب منع القيام بهذة الشعارات ولم نسمع انهم في يوم من الايام تحدثوا عن التهميش او الاقصاء على الرغم من مما اصابهم من مظلومية كبيرة ،، او ان كان لهم طمع في قياده الدوله والحكم ،، وحتى الصراع مع البعثيين كانت البدايه في حادثه خان النصف في سبعينيات القرن الماضي عندما منع زائري الاربعين من الوصول الى كربلاء.

ان الخطأ االذي وقع فيه اهل السنه هو ابتعادهم عن الواقعية بعد هذة المتغيرات الحادثة في الساحة العراقية على مستوى الفرد والمجتمع وذلك بسبب العصبيات المتوارثة. وهذه المعادلات التي اشرنا اليها كانت ماضيه ولحد الستينيات او السبعينات من القرن الماضي عندما كان شرطي في قوة الخياله وليس في مديرية الامن العامه يقود عشائر ويطاع اطاعة عمياء ،، اما لو نذهب اليوم فقط الى مدينه الصدر فكم سنرى فيها من مئات الالوف من المسلحين ؟! وكم يوجد فيها من اشخاص اشد شراسه وعنفا من (ناظم كزار مدير الامن العام الشهير) ! فكيف سيتم اعاده المعادلة السابقة وفي خضم تصاعد قوه الشيعه على الرغم من الظروف السلبية


كتبت الباحثة والأكاديمية العراقية الدكتورة أمل محمد الأسدي:

((يستحق الدكتور علي المؤمن الترويج لفكره الذي يبني هوية الفرد الشيعي الذي تعرض للقمع والملاحقة والتهميش علی مر العصور، نعم؛ نحتاج إلی أُطروحة إسلامية تتلاءم مع طبيعة المجتمع وتحترم خصائصه ولا تنال من ثوابته ولا تعمل علی نزع هويته وتذويبها. لهذا؛ فكر الدكتور المؤمن جدير بالدراسة والتطبيق.

وعن نفسي؛ فقد أفدت من فكره في كتابي «الاجتماع الديني الشيعي للزيارة الأربعينية»، ولكن مشكلتنا أن إعلامنا يعيش علی رد الفعل ولا يوظف إمكاناته في خدمة المجتمع وهويته الغالبة، بل منشغل برد ما يسوقه الإعلام المعادي الذي يهاجم كل شيء في عراق ما بعد 2003، ويدلس علی القبح كله قبل 2003، وعلی هذا بقي إعلامنا منشغلا برده!

أما الجامعات، وبحسب ما أراه عن كثب؛ فقد باتت مهتمة بدرجات التقييم السنوي والجودة، لهذا فإنّ الورش والندوات التي تُعقد كثيرة جداً، ولكنها شكلية غير مدروسة ومقننة ومحددة الأهداف؛ لذا لا تترك هذه الندوات أثرا في الغالب! مع أننا نحتاج إلی مركزية تحدث نهضةً في بناء هوية الفرد وتصحيح ما تم إلصاقه بالمجتمع الشيعي من متبني الفكر الغربي!

دام موفقا جناب المفكر الشجاع علي المؤمن

أمل محمد الأسدي)).


من العجيب جداً أن يتشدق المسلم، مهما بلغت وضاعته واستهتاره، بأنه أُموي؛ بالنظر لما تمثله العقيدة الأموية وسلوك مؤسسيها من خروج على الإسلام وأحكامه وأخلاقه، بما في ذلك التعاليم العبادية والسلوكية الفردية البسيطة.

حكام سوريا الجدد يعلنون صراحة، وبمزيد من الفخر والتشفي واللؤم، بأنهم أمويّون، وأنهم أحفاد معاوية ويزيد، رغم زعمهم أنهم متدينون وملتزمون بأحكام الشريعة، حتى أنهم لا يصافحون النساء ولا يستمعون إلى الغناء؛ فكيف يستقيم ذلك مع فخرهم بأنهم اتباع الأمويين الذين كانوا عصابة ارتكبت كل أنواع المحرمات، من الخروج على خليفة رسول الله إلى قتل ريحانته وسبي عياله، إلى استباحة مدينته وذبح صحابته، إلى تهديم الكعبة، إلى اغتصاب المسلمات، إلى ممارسة الدعارة وشرب الخمر ولعب القمار والغناء الخليع.. جهاراً نهاراً؟!

علي المؤمن


عندما تصبح تنقية الموروث الإسلامي استعراضاً شعبوياً
علي المؤمن

يتعامل بعض علماء الدين والمثقفين الدينيين مع موضوع تصحيح التراث الإسلامي وتنقيته، تعاملاً استعراضياً ودعائياً وشعبوياً، وهو تعامل يتعارض مع خصوصيات عملية تنقية التراث الديني، ومراجعته ومسارات التصحيح العلمي، ويتعارض مع مبدأ التخصص في الفهم الديني المستند الى عملية تصحيح التراث المعرفي والعلمي الديني، بالرغم من أهمية عملية التنقية والتصحيح؛ كونها من لوازم استمرار ربط الفهم الديني بالواقع وتحولاته، لأن الموروث الديني يمثل المادة المعرفية التي نستند إليها في مواجهة تحولات الحاضر ومآلات المستقبل، وبدون ذلك؛ ستتوسع الهوة بين الفهم الديني والعصر، وسيؤدي الى انسلاخ شرائح من المتدينين عن الدين، وكذلك انسلاخ شرائح أخرى منهم عن الواقع، وكلا الانسلاخين ليسا في مصلحة الدين ومؤسسته العلمية.

ولكن؛ ينبغي أن تكون تنقية التراث الديني وتصحيحه، وفق المناهج والأدوات العلمية الصحيحة، وداخل المؤسسات المتخصصة، ومن قبل أصحاب الاختصاص، لأنه عمل شبيه بالأبحاث الأكاديمية والمختبرية الدقيقة. أما منهج التسفيه الإعلامي والخطاب الشعبوي، الذي يستخدمه قسم من المثقفين الدينيين وعلماء الدين حيال التراث التفسيري والروائي والمعرفي الديني، بذريعة التنقية والتصحيح والتجديد والإصلاح؛ فهو ــ في حقيقته ــ منهج استعراضي دعائي رخيص، يهدف الى إغواء بعض الشباب، وكسبهم كأنصار يصفقون له في وسائل التواصل وفي المحافل العامة، ولكي يقال عن هذا (الأفندي) أو ذاك (المعمم) بأنه مثقف مستنير، وصاحب فكر منفتح وسلوك عابر على الجمود الديني والانحياز الطائفي!.

أما ما يهم جمهور المتدينين؛ فهي مخرجات نتائج التصحيح والاكتشاف والتجديد، وليس العمليات العلمية المختبرية الاستدلالية التي يقوم بها أصحاب الاختصاص العلمي في الدراية والرجال والكلام والتفسير ودلالات الألفاظ والأمارات والأصول، والخلافات العلمية الدقيقة بشأنها، بل أن من لوازم التوعية الجماهيرية بشوائب الموروث الديني ومشاكله، هي أن تكون جرعاته ومستوياته متناسبة مع الفهم العام وليس مع الفهم التخصصي، حاله حال التوعية العامة الصحية أو التوعية البيئية أو الاقتصادية؛ فالجمهور لا يعنيه معرفة التفاصيل التقنية للعمليات الجراحية والشروحات الفنية للأزمات الاقتصادية؛ بل تعنيه مخرجات ذلك وحلوله، بالشكل الذي ينفعه في حياته العملية.

وبالتالي؛ فإن ما يسمونه أسلوب (الصدمة العامة) في طرح شوائب الموروث الديني عبر الاستعراضات الإعلامية؛ لها نتائج سلبية عكسية خطيرة؛ فكما أن هذه الشوائب تقف وراءها النخبة العلمية الدينية، التي عاشت في فترات سابقة، وقد ولدت داخل المؤسسات الدينية العلمية، وتداولها أهل الاختصاص العلمي، ولم يكن يعني الجمهور المتدين منها سوى مخرجاتها العامة المتعلقة بإيمانه العقدي النظري وتكليفه الشرعي العملي؛ فإن التنقية والتصحيح كذلك؛ ينبغي أن يكونا بحوزة أهل الاختصاص، ثم تخرج نتائجهما للجمهور، بما ينفعهم في عقيدتهم وتكاليفهم، دون ضجيج.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لمتابعة "كتابات علي المؤمن" الجديدة وارشيف مقالاته ومؤلفاته بنسخة (Pdf) على تلغرام: https://t.me/alialmomen64


كتب الأستاذ إياد آل عوض الحسناوي:

فيما يلي نص تعقيبنا على البحث الرائع الذي قدمه المفكر الاسلامي الكبير الاستاذ الفاضل الدكتور علي المؤمن والموسوم (( ماذا يخبئ الشام للعراق)) وهو بحث يقع في ثلاث حلقات ،ومن الضروري اطلاع الاخوة الاصدقاء على ماورد فية مع فائق التقدير :

في بحثكم القيم والرائع (ماذا يخبئ الشام للعراق) كان تحديدكم وتوصيفكم للقوى والتكتلات التكفيرية والطائفية والتي باتت تشكل خطرا جديا على الوضع القائم في العراق كان في الواقع دقيقا وشاملا ، ولكن نرى ان الامر الاخر الذي لا يقل خطورة هو موقف وتصرف وتعامل الطبقة السياسية الشيعية في العراق تجاه هذه التحديات ومدى جديتها في اتخاذ الاجراءات القوية والشجاعة والجريئة والحازمة في عدم السماح لاي نشاط لحاضنات هذه القوى في الداخل العراقي او التي تتعاطف معها في المناطق التي عرفت بالمناطق الساخنه منذ بدايه السقوط والى يومنا هذا ان كانت على الساحة البغدادية او العراقية وهي نفسها كانت ساخنة قبل اكثر من ستة عقود ابان حكم الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم باستثناء المناطق التي انشئت حديثا فهل هذا جاء بمحض الصدفة ؟!

والجواب قطعا لا وانما الاسباب التي جعلت هذه المناطق ساخنه هي واحده على الرغم من تباعد الحقبتين الزمتين فهي تستميت في الدفاع عن اهم مقدساتها وهي قيادة الدوله والسلطه والحكم.

ان فشل هذه الطبقه السياسيه وعدم ارتقائها الى مستوى الكفاءه والجرأة والقدرة على تقدير الموقف والتردد وعدم اتخاذ القرار الشجاع امام كل هذه التحديات التي اصبحت من الخطورة بمكان بعد احداث لبنان واخرها سيطرة القوى التكفيرية والسلفية على سوريا ،، ان هذه القيادات عندنا في العراق لا زالت تعيش امراضها الاجتماعية والنفسية والتي اشرنا اليها في الكثير من مقالاتنا وتعليقاتنا التي نشرناها.

ان استمرار هذا الوضع وبقاء هذه القيادات بهذا التوصيف الذي اشرنا اليه هو الخطر بعينه ، وفي الواقع ان هنالك شواهد كثيره على ما ذهبنا اليه ، فعلى سبيل المثال ، يقول وزير الداخلية السابق السيد صولاغ بانه ذهب الى السيد رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة في حينه لاحاطته حول عملية امنية واسعة ضد تنظيم القاعده في منطقه الكرخ في بغداد واذا يفاجئ بهذا الرئيس والقائد العام للقوات المسلحة يتناول سبحه وياخذ (خيرة) ومن ثم يخبره بان الخيرة لا تشجع !! فهل يوجد مثل هذا في دول العالم او الدول الاسلامية ؟! وهل وزاره الدفاع الامريكية واضحه (مسابح) في (البنتاجون) للاستخاره عند تنفيذ العمليات العسكريه والامنية ؟!! وهنا تتسائل هل هذه دولة ام (تكية) وهل هذا رئيس الوزراء ام (فوال) ؟! ام ماذا !! ،،، ورئيس وزراء اخر وقائد عام للقوات المسلحه يظهر على شاشة التلفزيون ويقول انه اصدر امرا لاسترجاع ابنيه وسيارات ومواد اخرى استحوذ عليها احد المقاولين المتنفذين في المنطقة الخضراء وبسبب علاقته فان الاوامر لم ينفذ وعندها جاء ابنه وقام بتنفيذ الامر؟!

فهل حدثت مثل هذا في تاريخ الدولة العراقيه او المؤسسة العسكرية التي كانت تعتبر ارفع مؤسسه عسكرية في الشرق الاوسط ومن خلال الاسماء اللامعه والكبيره لضباطها وقادتها التي شهدتها في تأريخها الحديث.

والمثال الاخر هو مانراه الان من هذا النشاط المحموم وهذه التصريحات الطائفية لاشخاص كانوا هاربين بتهم الارهاب وتم اعادتهم من قبل احد شخصيات الاطار التنسيقي من الطبقة السياسيه الشيعيه.

وفي الحقيقه فان هنالك شواهد أخرى كثيرة والتي لا يسع المجال لذكرها . وخلاصة القول ان الامور لا تبشر بخير وفي مرحله دقيقة وحساسة وامام هذه الهجمة المسعورة المعادية ان كانت على مستوى الولايات المتحدة او المحيط العربي والتركي او على مستوى القوى التي في الداخل والمتمثله بالخلايا النائمه التي تنتظر لحظه الانطلاق وهي تهتف (قادمون يابغداد).

إياد آل عوض الحسناوي
٣٠ / ١٢ / ٢٠٢٥


والمدانة التي رافقت العمليه السياسيه التي جاءت بعد 2003.

إياد آل عوض الحسناوي
٣/ ١ / ٢٠٢٥


كتب الأستاذ أياد آل عوض الحسناوي:

فيما يلي نص تعقيبنا على ماورد في مقال الأستاذ والمفكر الإسلامي الكبير الدكتور علي المؤمن، والذي كان تحت عنوان ((لو كان الشيعة والسنة واقعيين لما حدث الصراع الطائفي في العراق)):

الأخ الاستاذ الفاضل الدكتور علي المؤمن
تحية طيبة ومساء الخير
لقد اطلعت على مقالكم المنشور على صفحتكم في الفيسبوك والذي كان تحت عنوان ((لو كان الشيعه والسنه واقعيين لما حدث صراع طائفي في العراق))، وقد وجدت من المفيد أن أذكر ما تبلور لدي حول هذا الموضوع من خلال الأحداث التي عشتها وأطلعت عليها منذ العهد الملكي في خمسينيات القرن الماضي والى هذا اليوم، ولو بشكل مختصر جدا، لأن الموضوع فيه تفاصيل كثيرة.

ابتداء ان النفس الطائفي موجود منذ مئات السنين وهو مرتبط بالعصبيات المختلفه التي تلازم النفس البشريه والتي تعود الى عوامل متعدده تترسخ بالعقل الباطن للشخصيه كالبيئة والمحيط والاسرة وتاثيراتها المعروفه ، اما بالنسبه للأصطفاف والتخندق الطائفي الذي عندنا في العراق وهذا مااثبتته الاحداث وخاصة بعد تموز عام 1958، هو يحدث عندما تسقط الانظمة وليس الانقلابات العسكرية ، وفي تأريخ العراق الحديث سقط نظامين هما النظام الملكي عام 1858 ونظام صدام عام 2003 فهاذين النظامين عندما سقطا اعقبهما اصطفاف طائفي ، والسبب يعود اما الى اهتزاز المعادلة التقليديه في الحكم كما حصل بعد ثوره 14 تموز 1858 او انقلاب هذه المعادله كما حدث بعد سقوط نظام صدام وبتعبير اوضح هو عندما اهل السنه في العراق يرفضون المتغير الحادث.

ففي الحاله الاولى وعلى الرغم ان الدوله وكبار مسؤوليها لم يكونوا من الشيعه ولكن كان من تداعيات ثوره 14 تموز هو بروز نشاط الحزب الشيوعي الذي كثير من قياداته وجماهيره هم من الشيعة كما ان الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم على الرغم انه كان بعيد عن اي نفس طائفي فقد حسب على الشيعه ،، وهكذا جرى استهدافة وتعرض نظامه الى سته وثلاثون مؤامرة كان واحدة منها هي محاولة اغتياله واصيب فيها اصابه بالغة وكان اخرها الانقلاب الدموي في 8 شباط 1963 ،، ان هذا الصراع في تلك المرحلة اخذ صورة اخرى وهو صراع القوميين والشيوعين لان الظروف السياسيه والاجتماعيه والثقافيه كانت لا تسمح بذكر صريح لحقيقة الصراع ، فالتوجهات الدينيه والاسلاميه كانت في تلك المرحلة هي في طور سبات وكانت العلمنه والعصرنة هي السائدة. اما بعد عام 2003 والذي انقلبت فيه المعادلة التقليدية فقد اخذ الصراع عنوان واضح وصريح.

ان السبب الحقيقي لموقف اهل السنه الرافض في كلا الحالتين هو يعود الى المقدسات الحقيقية والتي لا يمكن المساس بها كتحصيل حاصل ، فاهل السنه اصبحت مقدساتهم ليس البخاري او الترمذي او النسائي او الرازي او غيرهم من العلماء ولا حتى ابا حنيفة او الشيخ الكيلاني وحتى ابا بكر وعمر ، وانما اصبحت مقدساتهم الحقيقية هي الدولة والسلطة والحاكم مهما كان يحمل من صفات ومزايا ان كان فاضلا وعادلا ، او فاسقا فاجرا ، ولذلك فهم يستميتون في منع اي مكون ان يترأس الدولة والسلطة والاجهزة الحساسة المهمة لان ذلك يعتبراعتداء على مقدساتهم ولذا نجد ان المناطق الساخنة التي ظهرت بعد السقوط هي نفسها كانت ساخنة قبل اكثر من ستة عقود ، فهل هذا جاء بمحض الصدفة ؟!! وحتى الشعارات التى رفعوها متشابهة فاليوم (الهجمة الصفوية) ، وايام الزعيم الراحل (بالهجمة الشعوبية) وكلها تجري تحت قاعدة (اليك اعني واسنمعي ياجارة).

اما بالنسبة للشيعة فقد اصبحت مقدساتهم هي الرموز الكبيره والمناسبات الدينيه والشعائر والطقوس المعروفه ، فهم كذلك ايضا مستعدون للتضحية من اجل الدفاع عنها وان اي محاوله استلابها ومنعها تؤدي الى ردود افعال قوية ولذلك فقد رأينا ان صراعهم مع السلطات المتعاقبة على حكم العراق؟ هو يكاد يكون فقط بسبب منع القيام بهذة الشعارات ولم نسمع انهم في يوم من الايام تحدثوا عن التهميش او الاقصاء على الرغم من مما اصابهم من مظلومية كبيرة ،، او ان كان لهم طمع في قياده الدوله والحكم ،، وحتى الصراع مع البعثيين كانت البدايه في حادثه خان النصف في سبعينيات القرن الماضي عندما منع زائري الاربعين من الوصول الى كربلاء.

ان الخطأ االذي وقع فيه اهل السنه هو ابتعادهم عن الواقعية بعد هذة المتغيرات الحادثة في الساحة العراقية على مستوى الفرد والمجتمع وذلك بسبب العصبيات المتوارثة. وهذه المعادلات التي اشرنا اليها كانت ماضيه ولحد الستينيات او السبعينات من القرن الماضي عندما كان شرطي في قوة الخياله وليس في مديرية الامن العامه يقود عشائر ويطاع اطاعة عمياء ،، اما لو نذهب اليوم فقط الى مدينه الصدر فكم سنرى فيها من مئات الالوف من المسلحين ؟! وكم يوجد فيها من اشخاص اشد شراسه وعنفا من (ناظم كزار مدير الامن العام الشهير) ! فكيف سيتم اعاده المعادلة السابقة وفي خضم تصاعد قوه الشيعه على الرغم من الظروف السلبية




من خلال الحفر في معطيات الواقع وتحليلها، يمكن التأكيد بأنّ أمريكا لا تستطيع إسقاط العراق ودولته ونظامه، ولا تستطيع تدمير حشده ومقاومته، إلًا من خلال الاحتلال المباشر، وهو خيار صعب جداً وفق المعادلات الدولية والإقليمية القائمة، وأنّ أقصى ما تستطيع فعله، بمساعدة حلفائها البريطانيين والإسرائيليين والسعوديين والأتراك والقطريين والإماراتيين والأردنيين، هو ما يلي:

1- القصف الجوي والصاروخي لمقرات المقاومة والحشد والجيش وبعض مؤسسات الدولة.

2- رفع سعر الدولار ومحاولة تخريب الاقتصاد العراقي.

3- استقدام الجماعات التكفيرية والطائفية العراقية والأجنبية من سوريا وإطلاق أيديها في المحافظات الغربية.

4- إعادة التظاهرات في محافظات الوسط والجنوب.

5- الاستمرار في منع إعمار البنية التحتية، وفي مقدمتها الكهرباء.

وليس مؤكداً أن تغامر أمريكا وحلفاؤها في القيام بهذه الأعمال، ولكن؛ فيما لو قاموا بها؛ فإنها ستفشل دون تحقيق هدف إسقاط العراق ونظامه وحشده ومقاومته. نعم؛ قد ينجم عن ذلك تخريب وصدامات طائفية، وصدامات شيعية - شيعية، ولكن؛ في النهاية، ستتبخر جميع آثارها خلال سنة واحدة حداً أقصى، من خلال دعم النجف وصمود الحكومة وصد الحشد والمقاومة والقوات المسلحة والحلفاء، وستكون في أرض العراق نهاية الضغوطات الأمريكية وأحلام (إسرائيل)، ومعهما الجماعات الطائفية والتكفيرية؛ لأنّ العراق ليس سوريا ولا لبنان ولا أفغانستان.. لا في تركيبته السكانية ولا نظامه السياسي ولا قدراته العسكرية والاقتصادية، ولا في ظهره المحمي عقدياً واستراتيجياً.

ختاما؛ ليس الهدف من هذه المقاربة استدعاء الهمم أو طرح نبؤات، إطلاقاً، إنما هي قراءة تفصيلية للواقع العراقي وللارتدادات المحتملة للواقع السوري، ولخيارات أمريكا وإسرائيل في ضرب العراق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لمتابعة "كتابات علي المؤمن" الجديدة وارشيف مقالاته ومؤلفاته بنسخة (Pdf) على تلغرام: https://t.me/alialmomen64


بعض النخب الشيعية العراقية المرعوبة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
د. علي المؤمن

لا نتحدث هنا عن المجنّدين المدفوعين من المؤسسات المخابراتية والإعلامية والسياسية الحكومية الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية والسعودية والتركية والقطرية والأردنية والإماراتية، أو من القنوات الطائفية والعنصرية العراقية، والذين يمارسون عملية ترهيب الشعب العراقي وتخويفه من التغيير والثورة والتظاهرات والتحوّلات والذبح والمشانق والتخريب والفوضى والتفجيرات والقصف والاجتياح و و و وغيرها من تعميمات الإرهاب النفسي الفضفاضة..

وإنما نتحدث عن بعض النخب الشيعية العراقية المستقلة، والمرعوبة من التهديدات الأمريكية للعراق ومشروع نظامها العالمي الجديد، ومن المخططات الإسرائيلية للعبث في المنطقة ومشروع نظامها الشرق أوسطي الجديد؛ إذ تتناقل هذه النخب الأخبار والبيانات والتصريحات الصحيحة والمفبركة والمدسوسة في وسائل التواصل، وهي ترتجف وتتهامس وتنظِّر وتحلل على مدار الساعة، لكنها تخفي هزيمتها النفسية وراء ترديد مصطلحات (الواقعية) و(العقلانية) و(بناء الدولة) و(الحرص) و(الوطنية)، وهي مصطلحات فضفاضة ونسبية، يوجهها كل إنسان حسب ميوله الفكرية والسياسية والنفسية، ولا توجد فيها معايير ثابتة.

وسواء كان منطلق رعب هذه النخب هو الخوف الحقيقي على العراق أو منطلق الخوف على نفسها ومصالحها أو اقتناعاً بالخطاب الأمريكي؛ فإنه في كل الأحوال انهزام نفسي وخوف غير مبرر أحياناً أو مبالغ به جداً أحياناً أخرى، وكأنّ ما تفكر به أمريكا وإسرائيل هو لمصلحة العراق، وكأنهما ستنفذان ما تفكران به وتخططان له حتماً، وأن كل ما تنفذانه سينجح ويتحقق.

ويزداد رعب هؤلاء المحسوبين على النخبة الشيعية، واستنفارهم النفسي كلما نُشر تقرير أو بيان عن السفارة الأمريكية في بغداد أو تقرير وتحليل لوكالة أنباء أو صحيفة أجنبية، وهو يكرر التهديدات الأمريكية بأسلوب مدروس ومؤثر، وكأن قيامة أمريكا ستقوم غداً، وسوف لن تبقي حجراً على حجر؛ إن لم تسارع الدولة العراقية بإعلان استسلامها للشروط الأمريكية المتمثلة بحل الحشد الشعبي وتفكيك المقاومة الإسلامية وإنهاء أي حضور لإيران في العراق وتقاسم القرار السياسي مع السنة والأكراد ومنع أي خطاب كراهية ضد (إسرائيل).

وبما أن أجهزة المخابرات والوكالات والصحافة الأمريكية والأوروبية والإسرائيلية والعربية، وكذلك عملاءها من المحللين والكتّاب المحليين، يعرفون مكمن الشلل في عقول هذه النخب، ومسارب الرعب إلى نفوسها، وأساليب سلب إرادتها؛ فإنهم يكرسون خطابهم الترهيبي؛ لدفعها تلقائياً إلى نقل رعبها وشللها العقلي إلى مجتمع الوسط والجنوب العراقي وإلى بعض البسطاء من المسؤولين الحكوميين والحزبيين.

ولا تكتفي هذه النخب المنهارة نفسياً، بنقل رعبها إلى المجتمع، وإنما تلمح أحياناً وتعلن أخرى، إلى انعدام الخيارات أمام العراق ودولته وحكومته وشعبه وقواه السياسية والدينية، سوى خيار الاستسلام لأمريكا ونظامها العالمي الجديد، ولإسرائيل ونظامها الشرق أوسطي الجديد، والعمل بما يطلبانه ويشترطانه، وصولاً إلى الانخراط في الشرق الأوسط الأمريكي- الإسرائيلي الجديد، ولسان حالها يقول: لنكن واقعيين؛ لا حل أمام العراق لتجنب الدمار الحتمي سوى الرضوخ لأمريكا وإسرائيل!!.

والأنكى من ذلك؛ أن تكون أهداف جزء من هذه النخب الشيعية ونواياها، متوافقاً مع أهداف أمريكا وإسرائيل والسعودية وتركيا وبعض الجماعات الطائفية والعنصرية العراقية، والمتلخصة في القضاء على أهم عناصر قوة الشيعة في العراق، وفي مقدمتها الحشد والمقا ومة والظهير الإيراني والتماسك المجتمعي الشيعي، مقابل الانحياز الكامل لأمريكا ومشروعها، وترجيح كفة الأحزاب السنية والكردية في الإمساك بقرار الدولة ومفاصلها، ومنع ما يسمى بخطاب الكراهية ضد (إسرائيل)، وصولاً إلى التطبيع معها، والدخول في الحلف الأمني الأمريكي - الإسرائيلي - العربي، وهو ما يطالب به الحضن العربي ويشترطه أيضاً على العراق.

هذه الخطورة الوجودية المتمثلة بخطاب هذه النخب، يفرض على مجتمع الوسط والجنوب العراقي، الذي يُراد ترهيبه وسلب إرادته وشل تفكيره الإيجابي، أن يفصل نفسه من هذه النخب المرعوبة المنهزمة نفسياً، وأن يتأكد بأنّ الأقدار والمقدرات والحاضر والمستقبل ليس بيد أمريكا وإسرائيل. صحيح أنهما فاعلان أساسيان في المنطقة، لكنهما ليسا الفاعلين الوحيدين، وأن هناك فواعل أخرى أساسية أيضاً، وفي مقدمتها الشعب العراقي والمرجعية الدينيه والقوى الدينية والسياسية والعسكرية العراقية الأصيلة وحلفائها. وفوق كل هؤلاء القدرة الإلهية المطلقة.

وهنا نتساءل: ماذا يمكن لأمريكا و(إسرائيل) أن تفعلا بالعراق؟ وكيف يمكنهما تحويل تهديداتهما إلى أفعال؟.




كلمح البصر:
ولدتُ قبل أسبوع.. دخلتُ الابتدائية قبل ستة أيام.. دخلتُ ميادين العمل قبل خمسة أيام.. أنجبتُ قبل أربعة أيام.. نشرتُ أول كتبي قبل ثلاثة أيام.. تقاعدتُ قبل يومين.. صار عندي كثير من الأحفاد أمس.. تزوج آخر بناتي اليوم.. غداً سينتهي كل شيء.
والله هذا ما أحس به.. بهذه السرعة.
فاستغل ـ أيها الشاب ـ كل ثانية من حياتك؛ بالمفيد والمنتج والصالح.
علي المؤمن
28/ 9/ 2024




ما هذا الجنون والتهريج؟!
قد نتفهم موقف بعض السنة العراقيين وهم يروِّجون للإرهابي الجولاني، ولكن أن ينخرط بعض الشيعة السذّج والمدفوعين في حملة الترويج؛ لمجرد أن الجولاني غيّر مظهره ولغته؛ فهو جنون وتهريج.
الجولاني ينبغي أن يقاضيه العراق في المحكمة الجنائية الدولية، لمسؤوليته عن تفجير مئات السيارات المفخخة في بغداد والحلة والكاظمية وكربلاء، والتي تسببت بمجموعها في قتل وجرح ما يقرب من (20) ألف مواطن عراقي، كما أنه المسؤول عن تفجير مرقد الإمامين العسكريين في سامراء.
وإذا كان تغيير المظهر واللغة يعفيان المجرم من كل ما ارتكبه؛ فإن هذه البدعة ستكون سابقة قانونية لم تعرفها النظم القانونية من قبل.


ماذا قدّم شيعة العراق لسنّته بعد 2003؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
د. علي المؤمن

ما يحدث في سورية اليوم من حملات تنكيل وقمع وإقصاء وقتل وثأر ممنهجة ضد علويي سوريا وشيعتها؛ بتهمة أنهم كانوا حاضنة نظام الأسد، يدفع للحديث عن تعامل الشيعة مع أهلهم السنة في العراق بعد العام 2003، والذين كانوا حاضنة نظام البعث.

ففي حين بادر الحكم الطائفي الجديد في سوريا إلى تصنيف العلويين والشيعة كأقلية طائفية، حالهم حال المسيحيين، بهدف عزلهم دينياً وسياسياً واجتماعياً عن الأغلبية السنية، ومنعهم مستقبلاً من الحصول على مناصب عليا في الدولة، رغم أن نسبتهم لا تقل عن 20% من عدد سكان سوريا؛ فإن حكم الشيعة التعددي في العراق منح السنّة العرب ثلث القرار السياسي في الدولة وثلث مناصبها، رغم أن نسبتهم السكانية لا تزيد عن 16% من نفوس العراق، بينما تبلغ نسبة الشيعة 65%. ولو كانت نسبة السنة 65% من عدد سكان العراق، والشيعة 16%، لما أعطى السنة للشيعة حتى منصب مدير بلدية في مدينة نائية.

ولا يستطيع أحد نكران ما فعله شيعة العراق من حقنٍ لدماء أهلهم السنة العرب ورفض التعرض لهم بعد سقوط نظام البعث الذي كان يحتمي بحاضنته السنية العربية، حين منع الشيعة أي لون من ألوان الانتقام والثأر ضد السنة، بفعل فتاوى مراجع الشيعة وفقهائهم، وبفعل انتمائهم لمدرسة آل البيت الرحيمة المتسامحة، وارتضوا بالمصالحة، والعفو عما سلف، وإدارة الظهر الى الماضي الأسود، وذلك رغم كل الأسى والحزن والجراحات الغائرة في أجسادهم.

لكن السنّة في المقابل، لم يكلِّفوا أنفسهم حتى الاعتذار للشيعة عن سنوات طويلة من الطائفية والعنصرية، والقمع والقتل والتشريد وانتهاك الأعراض للنظام الذي ينتمي إليهم، كما لم يتقدموا للشيعة بالشكر، على قرارات العفو المتوالية التي أصدرتها حكومة الشيعة بعد العام 2003، دون شروط.

ولكن بدل الاعتذار والشكر؛ تحوّل أكثر مناطق السنة إلى حواضن لانطلاق حملات ذبح الشيعة وتفجير أسواقهم ومساجدهم و تدمير مناطقهم. كما لا يزال كثير منهم يستفز الشيعة ويحرق قلوبهم، عندما يتعمد الإشادة بصدام والبعث، ويرفع علمه وشعاراته، أو يرفع صور ذباحي الشيعة وأعلامهم، دون أدنى مراعاة لمشاعر ملايين الشيعة الذين حصد صدام والبعث رقاب أبنائهم ودفنهم أحياء في المقابر الجماعية، وشرّدهم، ومزق مجتمعاتهم قبل العام 2003، أو ذبحتهم الجماعات الطائفية والتكفيرية بعد العام 2003.

وإذا كان بعض السنة ينكر ذلك أيضاً؛ فإنه لا يستطيع أن ينكر أن الشيعة دافعوا عن أهلهم السنة العرب بدمائهم بعد العام 2014، وحموهم من منظمات الإرهاب والتكفير التي جلبها بعضهم واحتضنها، بهدف ضرب الشيعة واحتلال بغداد وإعادة الحكم الطائفي العنصري، وخاصة بعد أن انقلبت هذه المنظمات على السنة بقدرة قادر؛ فبادر الشيعة إلى التضحية بأنفسهم من أجل حفظ أرواح أهلهم السنة وحماية أعراضهم، وهي أعراض الشيعة أيضاً، ثم أنقذوهم وحرروا مدنهم، وأعادوهم الى بيوتهم، وساعدوهم بكل شيء، دون أن يمنّ عليهم الشيعة بما فعلوه لهم.

ولكن في المقابل؛ قامت بعض عشائر الغربية بذبح شباب الشيعة في (سبايكر) وفي عشرات (السبايكرات) الأخرى، وانتمى كثير من شبابها الى (القاعدة) و(داعش)، وفجروا وذبحوا وخربوا، كما ساعدوا في تمكين (داعش) الإرهابي التكفيري من احتلال مدنهم، وهم الذين أطلقوا على أنفسهم (ثوار العشائر)، وهو للأسف موروث دموي إقصائي ينبغي أن يتخلصوا منه، ليرتاحوا ويريحوا.

وبينما لا يكف بعض مشايخ السنة عن وصف الشيعة بالكفر والشرك والمجوسية والصفوية؛ فإن مشايخ الشيعة ومراجعهم يأمرون الشيعة بالتآخي مع أهل السنة، وبمحبتهم والوحدة معهم، بل أن السيستاني سيد الشيعة يأمر رعاياه: ((لا تقولوا السنة إخواننا، بل قولوا أنفسنا))؛ لكي يسد الباب على أي تمييز احتمالي يلحق بالسنة، أو يصنفهم كأقلية مذهبية.

والمفارقة أن كثيراً من المشايخ والنخب السنية يعدّون الشيعة بسطاء وساذجون وجبناء؛ ذلك لأنّ الشيعة يتسامحون مع جلاديهم، ولا يعرفون الغدر، ولأنهم ينسون أوجاعهم بسرعة، ويتنازلون لأهلهم السنة عن استحقاقاتهم. ونسي هؤلاء الطائفيون بأن الشيعة في اخلاقياتهم هذه يتأسون بنبيِّهم وأئمتهم، وهو ما خطه لهم أمير المؤمنين بقوله: ((والله ما معاوية بأدهى مني، ولكنه يغدر ويفجر، ولولا كراهية الغدر كنت من أدهى الناس)).

وبالتالي؛ فإن ما حدث في العراق بعد العام 2003 وما يحدث في سوريا اليوم يذكِّر بقول الشاعر: ((ملكنا فكان العفو منّا سجيّة... فلمّا ملكتم سال بالدم أبطح)).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لمتابعة "كتابات علي المؤمن" الجديدة وارشيف مقالاته ومؤلفاته بنسخة (Pdf) على تلغرام: https://t.me/alialmomen64




للسيد محمود الهاشمي الشاهرودي ثلاثة أشقاء أعدمهم نظام صدام بتهمة الإنتماء لحزب الدعوة الإسلامية في العام ١٩٨٠، وهي التهمة نفسها التي دفعت حكومة البعث لاعتقال السيد الهاشمي في العام ١٩٧٤، وتعريضه لأبشع ألوان التعذيب والتنكيل. وكان البعثيون يهدفون من وراء ذلك الى حمل السيد الهاشمي على الاعتراف بانتمائه لحزب الدعوة، للوصول الى السيد محمد باقر الصدر، لأن الهاشمي كان أقرب تلامذة الصدر اليه.
لقد ظل السيد محمود الهاشمي وفياً لمدرسة الشهيد الصدر، و إبناً باراً لمدينته النجف الأشرف التي ولد فيها في العام ١٩٤٨. وستبقى روحه بانتظار أن تبرّ به أمّه النجف.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لمتابعة "كتابات علي المؤمن" الجديدة وارشيف مقالاته ومؤلفاته بنسخة (Pdf) على تلغرام: https://t.me/alialmomen64


في ذكرى رحيله السادسة:
السيد محمود الهاشمي فقيد الحوزتين
علي المؤمن
برحيل آية الله السيد محمود الهاشمي الشاهرودي، فقدت الحوزتان النجفية والقمية أحد فقهائهما البارزين، المتميزين بالسيرة الجهادية الحركية الواعية. فلم يكن الهاشمي مجرد مرجع ديني وأستاذ كبير في الحوزة العلمية، بل كان رجل جهادٍ وسياسة وقيادة وفكر ودولة، أعطى كلّ حياته للإسلام والمذهب، ولم يتأخر عن ملء أي فراغ يجده في مسار العمل العلمي والدعوي، بصرف النظر عن الجغرافية والحدود، ولذلك تنقّل من الحوزة العلمية النجفية، الى معتقلات نظام البعث، الى المهجر، الى الصفوف الأولى في قيادة المعارضة العراقية، الى التدريس والتأليف في الحوزة العلمية القمية، الى أرفع مناصب الدولة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية؛ ليس لأنه يحمل الجنسيتين العراقية والإيرانية؛ بل لأنه يعمل في إطار تكليفه الديني.
كان السيد محمود الهاشمي أحد أهم خريجي مدرسة السيد الشهيد محمد باقر الصدر النجفية.. علماً ووعياً وحركية وجهاداً وورعاً وأخلاقاً، و يعدّ أحد أضلاع المثلث العلمي لمدرسة السيد الصدر، الى جانب آية الله السيد كاظم الحائري، وآية الله السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر، والذين تبوءوا مواقع المرجعية الدينية عن فقاهة رفيعة وعدالة وكفاءة.
وقد حمل الهاشمي هذا الإرث الكبير الى قم مهاجراً في العام ١٩٧٩، فكان - ابتداءً- المبعوث الخاص للسيد محمد باقر الصدر الى الإمام الخميني وقيادة الثورة الاسلامية في ايران، والوكيل المطلق للشهيد الصدر في الخارج.
وحين حطّ السيد الهاشمي رحاله في قم، أصبح أحد اساتذة البحث الخارج البارزين فيها، وكان درسه ونتاجه الفقهي والأصولي والفكري محط أنظار أصحاب الإختصاص. لكنه لم يتأخر عن واجبه في العمل على إسقاط النظام البعثي، فبادر ـ ابتداءً ـ الى إعادة تشكيل جماعة العلماء في النجف الأشرف، كواجهة للعمل الإسلامي المعارض ضد دولة صدام، ثم ساهم في تأسيس وقيادة جماعة العلماء المجاهدين في العراق، ثم المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق، وكان أول رئيس للمجلس، ولأربع دورات متتالية.
وفي إطار مشروع الجمهورية الإسلامية الإيرانية باستقطاب الشخصيات الإسلامية العلمية والفكرية والسياسية والمهنية العراقية، سواء من ذوي الأصول الإيرانية أو غيرهم؛ فقد كان السيد الهاشمي أحد أبرز من دخلوا بكل ثقل في مؤسسات الدولة الإيرانية بعد العام 1991؛ فتدرج في مناصبها، بدءاً بعضوية مجلس صيانة الدستور، ثم رئاسة السلطة القضائية، ثم رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام.
ورغم موجات ردود الفعل التي قادها بعض القوميين الإيرانيين، وآخرون محسوبون على اليسار الديني الاصلاحي الإيراني، ضد تعيين آية الله الهاشمي رئيسا للسلطة القضائية، كونه عراقي الأصل، وينشط في أجواء المعارضة العراقية، إلّا أن الكفاءة العلمية والإدارية والمهنية التي أثبتها، ودعم آية الله الخامنئي له، أغلقت معظم أبواب اللغط ضده. بل طُرح اسمه في وقت لاحق كأبرز مرشح لخلافة آية الله الخامنئي لموقع القيادة.



20 ta oxirgi post ko‘rsatilgan.