4️⃣ كان اجتماع الناس للصلاة على عهد عمر رضي الله عنه بمحضر الصحابة جميعا في المدينة، ونحن نعلم أن أكثر الصحابة كانوا في المدينة على عهد عمر، ولم يتفرقوا في الأمصار إلا بعد استشهاده، ولم يُؤثَر أن أحدا منهم اعترض على الأمر قط، وهذا إجماع منهم على صواب ما فعله عمر، فهل يقال لسنة فعلها الخلفاء الراشدون عمر وعثمان وعلي بمحضر أكثر أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم بدعة؟! لا شك أن أدنى منصف ينزّه لسانه عن مثل هذا القول.
🔖 ونعود الآن إلى مذهب الهادوية فإنه يستحب عندهم صلاة التراويح فرادى، وأما صلاتها جماعة فهي عندهم بدعة (حكي ذلك في شرح الأزهار، والبحر الزخار، وغيرهما)، وخالف جماعة من علماء الهادوية ذلك كما سبق بيانه بداية المنشور، وأما بعض الهادوية في أيامنا فهم لا يقولون بها لا فرادى ولا جماعة.
🔖 استدل الهادوية على قولهم بأثر ينسبونه إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: (صلاة الضحى بدعة، وصلاة النوافل في رمضان جماعة بدعة)، ولم أجد في كتبهم المعتمدة دليلا لهم غير هذا الدليل، والرد على ذلك من وجوه عدة:
❶ هذا القول لا أصل له في شيء من كتب الحديث، ولم نجده في شيء من كتب السنة، لا بسند صحيح ولا حسن ولا ضعيف، فكيف يمكن لمثل هذه الرواية التي لا خطام لها ولا زمام أن تقاوم الروايات الصحيحة التي هي أوضح من ضوء الشمس؟!
❷ على افتراض صحة هذه الرواية فقد نُقل عن علي رضي الله عنه عكس هذا القول بأسانيد صحيحة، وثبت من قوله وفعله أنه يقول باستحباب صلاة التراويح جماعة، فقد نقل عنه في (البحر الزخار) وفي (الانتصار) أنه صلى بأصحابه جماعة، وأنه كان يسلم من كل ركعتين، وذكر يحيى بن حمزة في (الانتصار) أن علياً رضي الله عنه رأى القناديل في المساجد فقال: (رحم الله عمر نوَّر مساجدنا نوَّر الله قبره)، وكان عمر رضي الله عنه قد أمر بالقناديل أن تُسرج في المسجد أثناء صلاة التراويح، وسيأتي أدلة أخرى على ذلك.
❸ على افتراض أن الرواية صحت عن علي رضي الله عنه، وأنه لم يُنقل عنه ما يعارضها، فإن قول الصحابي ليس بحجة، وإنما الحجة في كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
❹ على افتراض أن الرواية صحت عن علي رضي الله عنه، وأنه لم يُنقل عنه ما يعارضها، وأن قول الصحابي حجة، فإن محل هذا إذا قال الصحابي قولا من اجتهاده ليس فيه معارضة لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما إذا عارض اجتهاده نصا صريحا للنبي صلى الله عليه وسلم فلا عبرة بقوله إجماعا.
❺ ورد في كتاب المجموع لزيد بن علي رحمه الله: (باب القيام في شهر رمضان، حدثني زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب أنه أمر الذي يصلي بالناس صلاة القيام في شهر رمضان أن يصلي بهم عشرين ركعة يسلم في كل ركعتين، ويراوح ما بين كل أربع ركعاتٍ فيرجع ذو الحاجة، ويتوضأ الرجل، وأن يوتر بهم من آخر الليل حين الانصراف). فهذا مذهب علي بن أبي طالب وزيد بن علي صريح واضح في استحباب صلاة التراويح جماعة.
❻ سبق أن استحباب صلاة التراويح جماعة هو قول علي رضي الله عنه، وقول زيد بن علي، وهو مروي عن علي بن الحسين زين العابدين، وعن الباقر، ونقل في الجامع الكافي عن القاسم بن إبراهيم أنه قال: أنا أفعله ـ يعني أنه يصلي التراويح بأهله ـ، وانتصر لهذا القول يحيى بن حمزة في كتاب الانتصار، وأورد حُججا كثيرة لذلك، وزيّف القول بخلافه، فمن كان ينتمي لمدرسة هؤلاء الأئمة لزمه الاقتداء بهم، والقول بقولهم.
🛑 فإن قيل: قد روى البخاري ومسلم في صحيحهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (صلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة)، وصلاة التراويح ليست من الصلوات المكتوبة، فما جوابكم على ذلك؟
✅ قلنا: حاشا أن نخالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم، أو نعارضه بأهوائنا، ولكن المنصف الذي يريد الحق هو من يجمع بين جميع النصوص في المسألة، ولا يأخذ نصا دون آخر لأنه يوافق هواه، بل يأخذ بها كلها؛ فكلها وحي.
وليس للمانعين أي دلالة تذكر في هذا الحديث، وذلك من ثلاثة وجوه:
1️⃣ دلت نصوص الشرع على أن النوافل نوعان:
🟤 نوع تستحب له الجماعة، كصلاة الاستسقاء، وصلاة الكسوف، وصلاة العيدين عند من يراها سنة، وهذا الأمر محل إجماع بين العلماء، والنصوص فيه لا تخفى على أدنى طالب علم، ومن ذلك أيضا صلاة التراويح التي صلاها النبي صلى الله عليه وسلم جماعة، ولم يتوقف عن فعلها إلا لعلّة معينة وهي خشيته أن تُفرض على أمته، وقد سبقت أدلة ذلك، وما أجابوا به عن هذه الصلوات الجماعية فهو جوابنا عنهم في صلاة التراويح.
🟤 ونوع لم يأت في النصوص ما يفيد صلاة النبي صلى الله عليه وسلم له جماعة في المسجد، كالسنن القبلية والبعدية للفرائض، فالأفضل في شأنها أن تُصلى في البيت فرادى.
🔖 ونعود الآن إلى مذهب الهادوية فإنه يستحب عندهم صلاة التراويح فرادى، وأما صلاتها جماعة فهي عندهم بدعة (حكي ذلك في شرح الأزهار، والبحر الزخار، وغيرهما)، وخالف جماعة من علماء الهادوية ذلك كما سبق بيانه بداية المنشور، وأما بعض الهادوية في أيامنا فهم لا يقولون بها لا فرادى ولا جماعة.
🔖 استدل الهادوية على قولهم بأثر ينسبونه إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: (صلاة الضحى بدعة، وصلاة النوافل في رمضان جماعة بدعة)، ولم أجد في كتبهم المعتمدة دليلا لهم غير هذا الدليل، والرد على ذلك من وجوه عدة:
❶ هذا القول لا أصل له في شيء من كتب الحديث، ولم نجده في شيء من كتب السنة، لا بسند صحيح ولا حسن ولا ضعيف، فكيف يمكن لمثل هذه الرواية التي لا خطام لها ولا زمام أن تقاوم الروايات الصحيحة التي هي أوضح من ضوء الشمس؟!
❷ على افتراض صحة هذه الرواية فقد نُقل عن علي رضي الله عنه عكس هذا القول بأسانيد صحيحة، وثبت من قوله وفعله أنه يقول باستحباب صلاة التراويح جماعة، فقد نقل عنه في (البحر الزخار) وفي (الانتصار) أنه صلى بأصحابه جماعة، وأنه كان يسلم من كل ركعتين، وذكر يحيى بن حمزة في (الانتصار) أن علياً رضي الله عنه رأى القناديل في المساجد فقال: (رحم الله عمر نوَّر مساجدنا نوَّر الله قبره)، وكان عمر رضي الله عنه قد أمر بالقناديل أن تُسرج في المسجد أثناء صلاة التراويح، وسيأتي أدلة أخرى على ذلك.
❸ على افتراض أن الرواية صحت عن علي رضي الله عنه، وأنه لم يُنقل عنه ما يعارضها، فإن قول الصحابي ليس بحجة، وإنما الحجة في كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
❹ على افتراض أن الرواية صحت عن علي رضي الله عنه، وأنه لم يُنقل عنه ما يعارضها، وأن قول الصحابي حجة، فإن محل هذا إذا قال الصحابي قولا من اجتهاده ليس فيه معارضة لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما إذا عارض اجتهاده نصا صريحا للنبي صلى الله عليه وسلم فلا عبرة بقوله إجماعا.
❺ ورد في كتاب المجموع لزيد بن علي رحمه الله: (باب القيام في شهر رمضان، حدثني زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب أنه أمر الذي يصلي بالناس صلاة القيام في شهر رمضان أن يصلي بهم عشرين ركعة يسلم في كل ركعتين، ويراوح ما بين كل أربع ركعاتٍ فيرجع ذو الحاجة، ويتوضأ الرجل، وأن يوتر بهم من آخر الليل حين الانصراف). فهذا مذهب علي بن أبي طالب وزيد بن علي صريح واضح في استحباب صلاة التراويح جماعة.
❻ سبق أن استحباب صلاة التراويح جماعة هو قول علي رضي الله عنه، وقول زيد بن علي، وهو مروي عن علي بن الحسين زين العابدين، وعن الباقر، ونقل في الجامع الكافي عن القاسم بن إبراهيم أنه قال: أنا أفعله ـ يعني أنه يصلي التراويح بأهله ـ، وانتصر لهذا القول يحيى بن حمزة في كتاب الانتصار، وأورد حُججا كثيرة لذلك، وزيّف القول بخلافه، فمن كان ينتمي لمدرسة هؤلاء الأئمة لزمه الاقتداء بهم، والقول بقولهم.
🛑 فإن قيل: قد روى البخاري ومسلم في صحيحهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (صلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة)، وصلاة التراويح ليست من الصلوات المكتوبة، فما جوابكم على ذلك؟
✅ قلنا: حاشا أن نخالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم، أو نعارضه بأهوائنا، ولكن المنصف الذي يريد الحق هو من يجمع بين جميع النصوص في المسألة، ولا يأخذ نصا دون آخر لأنه يوافق هواه، بل يأخذ بها كلها؛ فكلها وحي.
وليس للمانعين أي دلالة تذكر في هذا الحديث، وذلك من ثلاثة وجوه:
1️⃣ دلت نصوص الشرع على أن النوافل نوعان:
🟤 نوع تستحب له الجماعة، كصلاة الاستسقاء، وصلاة الكسوف، وصلاة العيدين عند من يراها سنة، وهذا الأمر محل إجماع بين العلماء، والنصوص فيه لا تخفى على أدنى طالب علم، ومن ذلك أيضا صلاة التراويح التي صلاها النبي صلى الله عليه وسلم جماعة، ولم يتوقف عن فعلها إلا لعلّة معينة وهي خشيته أن تُفرض على أمته، وقد سبقت أدلة ذلك، وما أجابوا به عن هذه الصلوات الجماعية فهو جوابنا عنهم في صلاة التراويح.
🟤 ونوع لم يأت في النصوص ما يفيد صلاة النبي صلى الله عليه وسلم له جماعة في المسجد، كالسنن القبلية والبعدية للفرائض، فالأفضل في شأنها أن تُصلى في البيت فرادى.