إنّ رمضان –عباد الله!– مزرعة للآخرة، فهل من زارع؟!
إنّ رمضان –عباد الله!– فرصة للتائبين، فهل من تائب؟!
يا ذا الذي ما كفاه الذنبُ في رجبٍ
حتى عصى ربه في شهر شعبانِ
لقد أظلَّك شهر الصوم بعدهما
فلا تُصَيِّرْهُ أيضًا شهرَ عصيانِ
واتلُ القرآن وسبّح فيه مجتهدًا
فإنه شهرُ تسبيحٍ وقرآنِ
كم كنت تعرف ممن صام في سَلَفٍ
من بين أهلٍ وجيرانٍ وإخوانِ
أفناهمُ الموتُ واستبقاك بعدهمُ
حَيًّا فما أقرب القاصي من الداني.
عباد الله: إنّ بلوغ رمضان نعمة عظيمة وفضل كبير من الله تعالى، حتى إن العبد ببلوغ رمضان وصيامه وقيامه يسبق الشهداء في سبيل الله الذين لم يدركوا رمضان، فقد روى ابن ماجه، وصححه الألباني: عن طلحة بن عبيد الله ––: ((أن رجلين من بلي قدما على رسول الله –ﷺ–، فكان إسلامهما جميعاً، وكان أحدهما أشد اجتهاداً من الآخر، فغزا المجتهد منهما فاستُشهد، ثم مكث الآخر بعده سنة، ثم توفي، قال طلحة: فرأيت في المنام، بينا أنا عند باب الجنة، إذا أنا بهما، فخرج خارج من الجنة، فَأذِن للذي توفي الآخر منهما، ثم خرج فَأذِن للذي استُشهد، ثم رجع إليّ فقال: ارجِع، فإنك لم يأن لك بعد، فأصبح طلحة يحدّث الناس، فعجبوا لذلك، فبلغ ذلك رسول الله –ﷺ–، وحدّثوه الحديث، فقال: "من أيّ ذلك تعجبون؟" قالوا: يا رسول الله، هذا كان أشد الرجلين اجتهاداً، ثم استُشهد، ودخل هذا الآخر الجنة قبله! فقال رسول الله –ﷺ–: "أليس قد مكث هذا بعده سنة؟" قالوا: بلى، قال: "وأدرك رمضان فصام، وصلى كذا وكذا من سجدة في السنة؟" قالوا: بلى، قال رسول الله –ﷺ–: "فما بينهما أبعد مما بين السماء والأرض")).
الله أكبر! إنّه رمضان شهرُ المرابح، زائرٌ زاهر، وشهر عاطِر، فضلُه ظاهر، بالخيراتِ زاخر، فأرُوا الله خيرًا مِن أنفسكم، فبالجدّ فاز من فاز، وبالعزم جازَ مَن جاز، واعلَموا أنّ من دام كسله خاب أمله، وتحقَّق فشله، روى مسلم: عن عائشة –رضي الله عنها– قالت: ((كان رسول الله –ﷺ– يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره)).
وصيام رمضان وقيامه من أسباب مغفرة الذنوب، فطوبى لأقوام صاموا عن الشهوات، وقاموا في الخلوات، فقد ثبت في الصحيحَين: عن أبي هريرة –رضي الله عنه–: أن رسول الله –ﷺ– قال: ((من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه)).
جاء الصيام فجاء الخير أجمعه
ترتيل ذكرٍ وتحميدٍ وتسبيح
فالنفسُ تدأب في قولٍ وفي عملٍ
صوم النهار وفي الليل التراويح
قلت ما سمعتم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه.
الخطبة الثانية:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتّبع هداه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله الذي أرسله ربه رحمةً للعالمين.
أمَّا بعدُ: عباد الله! كيف نستقبل شهر رمضان؟
بالفرح نستقبله، وبعاطر التحايا نحييه، وبأشواق الفؤاد نلقاه، فله في النفس مكانة، وفي حنايا الفؤاد منزلة.
إنّه رمضان زبدة الشهور، وبدر البدور، إنه درة الخاشعين، ومعراج التالين، وحبيب العابدين، وأنيس الذاكرين، وفرصة التائبين، إنه مدرج أولياء الله الصالحين إلى رب العالمين.
مع بزوغ أول ليلةٍ من لياليه تخفق القلوب، وتتطلع النفوس إلى ذلك النداء الرباني الخالد: ((يا باغي الخير! أقبِل، ويا باغي الشر! أقصِر))
فيا لله ما أجمله من نداء يفرح به المؤمنون، ويستبشر به المتقون !! ، فيعمرون المساجد، ويهجرون المراقد، ويقبلون على القرآن، ويتلذذون بمناجاة الرحمن، العيون تدمع، والقلوب تخشع، والرقاب لربها تخضع، تختلط دموع التائبين بلذة الخاشعين، وتمتزج تلاوة التالين بدويّ الذاكرين، فترسم في الدنيا أبهى حلة، وأجمل صورة، وكأنك تعيش في روضة من رياض الجنة.
شهر يفوق على الشهور بليلةٍ
من ألف شهرٍ فُضِّلت تفضيلاً
طوبى لعبدٍ صحّ فيه صيامهُ
ودعا المهيمن بكرةً وأصيلاً
وبليلهِ قد قام يختم وردهُ
متبتلاً لإلـهه تبتيــلاً
فالمسلم –يا عباد الله!– في رمضان: حسناته مضاعفة إلى حدّ لا يعلمه إلا الله، وذنوبه مغفورة، ودعاؤه مستجاب، ومرشح للعتق في كل ليلة، والخيرات تتعرض له في كل حين، فأهلاً ومرحبًا بهذا الشهر المبارك.
عباد الله! هذا نسيم القَبول هبّ، هذا سيلُ الخير صَبّ، هذا باب الخير مفتوح لمن أحبّ، هذا الشّيطان كبّ، روى مسلم: عن أبي هريرة –رضي الله عنه–: أنّ رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلّم– قال: ((إذا جاء رمضانُ فُتِّحت أبوابُ الجنة، وغُلّقت أبواب النّار، وصُفِّدت الشياطين)).
علينا –معاشر الأحبة!– أن نستقبل هذا الشهر المبارك بتوبة صادقة خالصة نصوح نقلع فيها عن كل معصية، ونندم على ما مضى من أعمارنا في معصية الله تعالى، ونعاهد ربنا ألا نعود لمعصيته أبداً، قال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون} [سورة النور:31].
إنّ رمضان –عباد الله!– فرصة للتائبين، فهل من تائب؟!
يا ذا الذي ما كفاه الذنبُ في رجبٍ
حتى عصى ربه في شهر شعبانِ
لقد أظلَّك شهر الصوم بعدهما
فلا تُصَيِّرْهُ أيضًا شهرَ عصيانِ
واتلُ القرآن وسبّح فيه مجتهدًا
فإنه شهرُ تسبيحٍ وقرآنِ
كم كنت تعرف ممن صام في سَلَفٍ
من بين أهلٍ وجيرانٍ وإخوانِ
أفناهمُ الموتُ واستبقاك بعدهمُ
حَيًّا فما أقرب القاصي من الداني.
عباد الله: إنّ بلوغ رمضان نعمة عظيمة وفضل كبير من الله تعالى، حتى إن العبد ببلوغ رمضان وصيامه وقيامه يسبق الشهداء في سبيل الله الذين لم يدركوا رمضان، فقد روى ابن ماجه، وصححه الألباني: عن طلحة بن عبيد الله ––: ((أن رجلين من بلي قدما على رسول الله –ﷺ–، فكان إسلامهما جميعاً، وكان أحدهما أشد اجتهاداً من الآخر، فغزا المجتهد منهما فاستُشهد، ثم مكث الآخر بعده سنة، ثم توفي، قال طلحة: فرأيت في المنام، بينا أنا عند باب الجنة، إذا أنا بهما، فخرج خارج من الجنة، فَأذِن للذي توفي الآخر منهما، ثم خرج فَأذِن للذي استُشهد، ثم رجع إليّ فقال: ارجِع، فإنك لم يأن لك بعد، فأصبح طلحة يحدّث الناس، فعجبوا لذلك، فبلغ ذلك رسول الله –ﷺ–، وحدّثوه الحديث، فقال: "من أيّ ذلك تعجبون؟" قالوا: يا رسول الله، هذا كان أشد الرجلين اجتهاداً، ثم استُشهد، ودخل هذا الآخر الجنة قبله! فقال رسول الله –ﷺ–: "أليس قد مكث هذا بعده سنة؟" قالوا: بلى، قال: "وأدرك رمضان فصام، وصلى كذا وكذا من سجدة في السنة؟" قالوا: بلى، قال رسول الله –ﷺ–: "فما بينهما أبعد مما بين السماء والأرض")).
الله أكبر! إنّه رمضان شهرُ المرابح، زائرٌ زاهر، وشهر عاطِر، فضلُه ظاهر، بالخيراتِ زاخر، فأرُوا الله خيرًا مِن أنفسكم، فبالجدّ فاز من فاز، وبالعزم جازَ مَن جاز، واعلَموا أنّ من دام كسله خاب أمله، وتحقَّق فشله، روى مسلم: عن عائشة –رضي الله عنها– قالت: ((كان رسول الله –ﷺ– يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره)).
وصيام رمضان وقيامه من أسباب مغفرة الذنوب، فطوبى لأقوام صاموا عن الشهوات، وقاموا في الخلوات، فقد ثبت في الصحيحَين: عن أبي هريرة –رضي الله عنه–: أن رسول الله –ﷺ– قال: ((من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه)).
جاء الصيام فجاء الخير أجمعه
ترتيل ذكرٍ وتحميدٍ وتسبيح
فالنفسُ تدأب في قولٍ وفي عملٍ
صوم النهار وفي الليل التراويح
قلت ما سمعتم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه.
الخطبة الثانية:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتّبع هداه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله الذي أرسله ربه رحمةً للعالمين.
أمَّا بعدُ: عباد الله! كيف نستقبل شهر رمضان؟
بالفرح نستقبله، وبعاطر التحايا نحييه، وبأشواق الفؤاد نلقاه، فله في النفس مكانة، وفي حنايا الفؤاد منزلة.
إنّه رمضان زبدة الشهور، وبدر البدور، إنه درة الخاشعين، ومعراج التالين، وحبيب العابدين، وأنيس الذاكرين، وفرصة التائبين، إنه مدرج أولياء الله الصالحين إلى رب العالمين.
مع بزوغ أول ليلةٍ من لياليه تخفق القلوب، وتتطلع النفوس إلى ذلك النداء الرباني الخالد: ((يا باغي الخير! أقبِل، ويا باغي الشر! أقصِر))
فيا لله ما أجمله من نداء يفرح به المؤمنون، ويستبشر به المتقون !! ، فيعمرون المساجد، ويهجرون المراقد، ويقبلون على القرآن، ويتلذذون بمناجاة الرحمن، العيون تدمع، والقلوب تخشع، والرقاب لربها تخضع، تختلط دموع التائبين بلذة الخاشعين، وتمتزج تلاوة التالين بدويّ الذاكرين، فترسم في الدنيا أبهى حلة، وأجمل صورة، وكأنك تعيش في روضة من رياض الجنة.
شهر يفوق على الشهور بليلةٍ
من ألف شهرٍ فُضِّلت تفضيلاً
طوبى لعبدٍ صحّ فيه صيامهُ
ودعا المهيمن بكرةً وأصيلاً
وبليلهِ قد قام يختم وردهُ
متبتلاً لإلـهه تبتيــلاً
فالمسلم –يا عباد الله!– في رمضان: حسناته مضاعفة إلى حدّ لا يعلمه إلا الله، وذنوبه مغفورة، ودعاؤه مستجاب، ومرشح للعتق في كل ليلة، والخيرات تتعرض له في كل حين، فأهلاً ومرحبًا بهذا الشهر المبارك.
عباد الله! هذا نسيم القَبول هبّ، هذا سيلُ الخير صَبّ، هذا باب الخير مفتوح لمن أحبّ، هذا الشّيطان كبّ، روى مسلم: عن أبي هريرة –رضي الله عنه–: أنّ رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلّم– قال: ((إذا جاء رمضانُ فُتِّحت أبوابُ الجنة، وغُلّقت أبواب النّار، وصُفِّدت الشياطين)).
علينا –معاشر الأحبة!– أن نستقبل هذا الشهر المبارك بتوبة صادقة خالصة نصوح نقلع فيها عن كل معصية، ونندم على ما مضى من أعمارنا في معصية الله تعالى، ونعاهد ربنا ألا نعود لمعصيته أبداً، قال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون} [سورة النور:31].