على مائدة العشاء..
وبينما نتناول "طاجين البطاطا" ونتسامر حول مخططات رمضان لهذا العام وسترجع ذكريات لسنوات ماضية..
حدّثنا أبي قائلًا: "زمان كنا نا والجماعة كل خمسة أيام نفطروا برا" مشيرًا الى الطاجين
وأردف قائلًا : طاجين زمان طعمته مش كيف توا كنت نأخذ في خضرة ولحم من فندق الزجاج ونديره ونعطيه للمصرية في الكوشه الي يالاي يطيبوه لنا
ونطلعوا نا والجماعة ونفطروا برا..
وهو يردد لفظ "الجماعة" كانت نبرة صوته ترتعش واستشعر في نظراته الحنين للماضي..
بريق عينيه الحزينتين، صمته للحظات وكأن عقله يسرد شريط أيام لم يبقى له سوى ذكراها..
يواصل الحديث حول ليالي رمضان في الصحراء..
.." عمكم عمر كان يدير في الكنافة عليها طعمة ما ذقت كيفها.. رحمة الله عليه.
يحدّثنا عن مغامراته مع صديق الطفولة"مفتاح بوشعيب" ..
فرج.. فايز.. جمعة.. وغيرهم..
يطرق برأسه قليلًا: " رحمة الله عليهم كلهم.. مازلت غير نا"
اراه يبتلع ريقه،يعافر كي لا تفر من عينيه دمعة..
لم يقوى على مواصلة الحديث صمت وصمتنا جميعًا.
لا شيء يقوى على هزيمة المرء سوى الحنين
هكذا يأتي بغتةً على غير موعد، يطرق أبواب قلبك، يغرق كيانك بسيل من الذكريات، ولا يرحل.. لا يرحل أبدًا.
في تلك الأمسية تمنيت أن أكون اول الراحلين عن أحبتي، لست قويةً كأبي..
حتمًا سيهلكني الحنين.
حتمًا سيهلكني...