من غرائب الزمان أن يحتاج وصف الطاهرة المطهرة فاطمة بنت النبي ﷺ بالزهراء إلى حديث صحيح!
أو أن يحتاج وصف الإمام علي بذلك إلى حديث صحيح!
أو يحتاج وصفه بــ"كرم الله وجهه" إلى حديث صحيح!
من تكلف طلب هذا ألم يتفكر في عشرات الألقاب للصحابة والصالحين من بعدهم التي تناقلها الأئمة من غير نكير؟
بل إن بعض الناس لا غضاضة عنده أن يصف نفسه أو يصفه أتباعه بالشيخ والعالم وربما المحدث والعلامة وأسد السنة، ولكنه يجد في نفسه حزازة من وصف أسياد المسلمين من آل بيت النبي ﷺ بأوصاف تليق بأحوالهم المشهورة!
هل يوجد في السنة وصف مالك بأنه إمام دار الهجرة؟ بل هل ستجد وصفا في كلام النبي ﷺ لعثمان بأنه ذو النورين؟ أليس وصفه بذلك مستفاد من كونه تزوج بنتي النبي ﷺ فحاز بذلك نورين؟
فما الفرق بين هذا الذي لا يخطر على بال أحد إنكاره، وبين وصف الطاهرة فاطمة بالزهراء؟
وما الفرق بين وصف عمر بالفاروق ووصف علي بالإمام؟
بل لو نزلت قليلا في التاريخ لوجدت الألفاظ التي لا حد لها، تسبغ على السلف والعلماء، كأمير المؤمنين في الحديث، والإمام الأعظم، وحجة الإسلام، وشيخ الإسلام!
فهل هذا يقول قائل إن هذه من دسائس أهل البدع؟
إن عداوتنا الراسخة للرافضة لا تخول سلب آل البيت عليهم السلام حقوقهم وفضلهم وتفضيلهم وإظهار هذا الفضل ونشره وبثه واعتقاده دينا ومذهبا وحجة!
فنحن أولى بآل البيت من الرافضة، كما أننا أولى بموسى وعيسى من اليهود والنصارى.
ثم إن فضل آل البيت وتوقيرهم هو فرع عن فضل محمد ﷺ.
ولهذا ذم أئمة السلف المجرمين الذين انتهكوا حق آل البيت وساموهم العذاب وقتلوهم.
ولما قال صالح ابن الإمام أحمد لأبيه: إن قومًا يقولون إنهم يحبون يزيد!
فقال: يا بني! وهل يحب يزيد أحد يؤمن باللَّه واليوم الآخر؟
فلماذا سلب الإمام أحمد من هؤلاء الإيمان؟
أليس لموالاتهم الطغاة الذين أجرموا في حق آل بيت رسول الله ﷺ؟
من أعظم الواجبات في هذا الوقت بث فضائل آل بيت النبي ﷺ واعتقاد محبتهم، ونشر سيرتهم، وقد كان العلماء ينشرون ذلك في البلدان التي يظهر فيها سب علي رضي الله عنه.
وعلى أهل العلم وطلابه أن يحذروا من شائبة النصب، وألا يكونوا سببا في نشر بدعة النواصب.
ولتعلم مقدار توقير المسلمين لآل بيت النبي ﷺ؛ فقد اشتهر في كتب السنة التسليم عليهم كالتسليم على النبي ﷺ، وما ذاك إلا لمعرفة العلماء لفضلهم.
ولو أنك فتحت صحيح البخاري في جملة من مواضعه فستجد فيه: (فاطمة عليها السلام)، (فاطمة وعلي عليهما السلام)، وسوف يقول قائل هذا من النساخ!
وهل كان نساخ كتب البخاري مبتدعة مدسوسين أيضا دسوا هذه الألفاظ؟ ثم إن كان هؤلاء كذلك فهل خفي هذا على العلماء الذين يُقرؤون البخاري وغيره من كتب السنة خلال أربعة عشر قرنا؟!
من المؤسف أن يكون ما سبق كله لأجل أن نقول: لا بأس بوصف فاطمة رضي الله عنها بالزهراء!