آية كريمة وتفسيرها:
(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
قال الإمام يحيى بن سلام البصري: "{لتسكنوا إليها} لتستأنسوا إليها. و{جعل بينكم مودة ورحمة}، يعني بالمودة: الحب". وقال ابن فورك ومعنى: "{لِتَسْكُنُوا} سكون أنس، وطمأنينة، بأن الزوجة من النفس؛ إذ هي من جنسها، وشكلها فهو أقرب إلى المودة، والألفة. والرحمة: رقة التعاطف بينهم؛ إذ كل واحد من الزوجين يرق على الآخر رقة العطف عليه؛ بما جعل في قلب كل واحد لصاحبه، ليتم سروره".
وقال أبو الحسن الواحدي: "جعل بين الزوجين المودة والرحمة، فهما يتوادان ويتراحمان، وما من شيء أحب إلى أحدهما من الآخر من غير رحم بينهما".
وقال أبو البركات النسفي: "المودة والرحمة من الله، والفرك من الشيطان، أي بغض المرأة زوجها وبغض الزوج المرأة".
وقال أبو السعود العمادي: "جعلَ بينكم بالزَّواج الذي شرعَه لكم توادَّاً وتراحُماً من غير أنْ يكونَ بينكم سابقةُ معرفةٍ ولا رابطةٌ مصحِّحةٌ للتَّعاطفِ من قرابةٍ أو رحمٍ".
وقال الشوكاني: "المودة حب الرجل امرأته، والرحمة: رحمته إياها من أن يصيبها بسوء".
وقال محمد جمال الدين القاسمي: "والله سبحانه قد جعل بين الزوجين مودة ورحمة. فأحدهما يحب لنفسه ما يحب للآخر".
وقال ابن عاشور: "جَعَلَ بَيْنَ كُلِّ زَوْجَيْنِ مَوَدَّةً وَمُحَبَّةً فَالزَّوْجَانِ يَكُونَانِ مِنْ قبل التزاوج مُتَجَاهِلَيْنِ فَيُصْبِحَانِ بعد التزاوج مُتَحَابَّيْنِ، وَأَنْ جَعَلَ بَيْنَهُمَا رَحْمَةً فَهُمَا قَبْلَ التِّزَاوُجِ لَا عَاطِفَةَ بَينهمَا فيصبحان بعد التزاوج متحابين، وَأَن جعل بَينهمَا رَحْمَة فهما قبل التزاوج لَا عاطفة بَيْنَهُمَا فَيُصْبِحَانِ بَعْدَهُ مُتَرَاحِمَيْنِ كَرَحْمَةِ الْأُبُوَّةِ وَالْأُمُومَةِ".
وقال ابن تيميَّة: "النكاح هو صلة بين الزوجين يتضمن عشرة ومودة ورحمة وسكنا وازدواجا، وهو مثل الأخوة والصحبة والموالاة ونحو ذلك من الصلات التي تقتضي رغبة كل واحد من المتواصلين في الآخر، بل هو من أوكد الصلات فإن صلاح الخلق وبقاءه لا يتم إلا بهذه الصلة".
ويقول ابن تيميَّة: "فَيَكُونُ أَلَمُ الْفِرَاقِ أَشَدَّ عَلَيْهِمَا مِنَ الْمَوْتِ أَحْيَانًا، وَأَشَدَّ مِنْ ذَهَابِ الْمَالِ، وَأَشَدَّ مِنْ فِرَاقِ الْأَوْطَانِ، خُصُوصًا إِنْ كَانَ بِقَلْبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُبٌّ وَعَلَاقَةٌ مِنْ صَاحِبِهِ".
ويقول ابن تيميَّة: "وقد سميت الزوجة سكنًا، فيسكن الرجل إلى المرأة بقلبه وبدنه جميعًا".
وقال ابن قيم الجوزيَّة: "فَجَعَلَ الْمَرْأَةَ سَكَنًا لِلرَّجُلِ، يَسْكُنُ قَلْبُهُ إِلَيْهَا، وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا خَالِصَ الْحُبِّ، وَهُوَ الْمَوَدَّةُ الْمُقْتَرِنَةُ بِالرَّحْمَةِ".
ويقول ابن قيم الجوزيَّة: "فلا عيب على الرجل في محبته لأهله، وعشقه لها، وإن أعانت على محبة الله ورسوله، وكانت من أسباب قوتها، فهي محمودة".
د.عايض الدوسري
#الزواج