آمنتُ بالله. الأيَّام فَوضى من غيرِ نُظمِ قلبِك. إن تكُن وهمًا، فليُقصِني العُمرُ عن دربِك، لأمضيَ مُرغَمة، وأتوارَى عنِ الورى، وأتَّخذَ مكانًا قصيَّا، حتَّى يأذنَ الله لي أن أهزَّ الشَّجَرة. وإن تكُن حقَّا، فلتُدنِني المجالسُ من الأُنسِ بك، ولتُطوَ الأرضُ فيما بَيننا، كطَيِّ الصُّحُف. لكن؛ خشيَتي جهلي، بأنِّي لا أعرفُ مكانكَ بين المقامَين، محضُ خيالٍ أم حقيقةٌ مُثلى؟ لا غيركَ يملكُ صكَّ الجَواب. وبين الاثنَتَين، دارَت رَحى قلبي، شوقًا إليكَ وخَوفًا منك. وإلى معرفَتي الإجابة؛ أنا صامتةٌ غيرُ مبادِرة، تشدُّني اللَّهفةُ ويمنعُني الخجَل، من أن لا ألقانيَ في نفسِك، كما ألقاكَ في نفسي.

لا أدري إن كانت ستجمعُنا، يومًا ما، صورةٌ واحدة. أخشى مضيَّ العُمرِ دون أن نأنسَ بجلسةٍ واحدة، أو أن نتأمَّل البحرَ معًا، أو أن نُراقبَ الطَّيرَ عائدًا إلى وطنِه، أو أن نلتَقي. أريدُ الحديث، وحسبي من الخيالِ حديثًا أخترعُه بيني وبينك، لا يسمعُه سواي. يأخذُني نحوكَ فَيضُ شعور، ويردُّني عنكَ الحياء، مخافةَ أن أُثقِلَ على قلبِك، ما لا يقوى عليهِ قلبي. وأخشى النَّدامةَ عليكَ وفيك، وأن تهبَك الدُّنيا لغَيري، على بِساطٍ مريح، وأنا القلقُ مِن تحتي. يا ربّ، إنَّما خشيَتي منكَ فيه، ولكن لا تلُمني بقلبي. أقولُ يسِّرِ الخيرَ حيث كان، وأطمعُ أن يكونَ خيرَ ديني ودُنيايَ فيه. لا أعرفُ عنهُ شيئًا، وما أعرفُه حقًّا وصِدقا، بأنَّك سبحانك، إن أردتَ أن تأتيَ به، فسيأتي. الله؛ يا جامِع، قلبي يتناثرُ في كلِّ مكان.

فهمٌّ بكَ وهمٌّ علَيك، والأيَّام دوَّارة، واللُّقيا لمن ظنَّ أن لا تلاقِيا.

_عابِدة أحمد كدور.