•
أما الأستاذ
نجيب محفوظ فكم كان رقيقًا ومهذبًا في رسالته إلى الاسرائيليين بمناسبة عرض (
ثرثرة على النيل) على أحد مسارح
اسرائيل بالعبرية في أبريل ١٩٨٢م.
قال سيادته: [أرجو أن تكون هذه المسرحية رمزًا للصداقة وسبيلاً إلى تحقيق السلام الشامل في
الشرق الأوسط فإن أعجبتكم هذه المسرحية فالفضل في ذلك يرجع إلى العالِم الاسرائيلي
سوميخ الذي أوصى بها، وإلى الأستاذ الذي ترجمها، وإلى الفنان الذي قام بتمثيلها،
أما اذا لم تعجبكم فاللوم كان يقع على المؤلف، لذلك فأبادر بالإعتذار].
لا نظن أن الأستاذ
نجيب محفوظ قد خاطب جمهوره
المصري والعربي -قط- بمثل هذه الرقة والعذوبة رغم كل (العشرة) الطويلة بينهما ورغم كل الإعجاب الذي أحاطه المصريون والعرب بفن
نجيب محفوظ.
ولا شك أن الكاتب مخلص في دعوته للسلام الشامل العادل، ومخلص في استمالة
الاسرائيليين لهذا السلام بأسلوبه الرقيق المهذب. ولكن هل يعتقد الآن الأستاذ
نجيب محفوظ أنه وضع تهذيبه ورقته في مكانهما ولدى أهلهما؟ أو كما قال المتنبي:
وإن أنت أكرمت اللئيم…تمردا؟ وأيًا كان الأمر، فإن
الاسرائيليين قد شهدوا مسرحية (
الثرثرة) بالعبرية على مسرحهم ثم مروا بها مرور الكرام وهم في الطريق إلى حربهم بلبنان بلا سلام شامل ولا عادل ولا هم يكترثون.
وأما نحن فقد أكلنا (المذبحة) على مسرح صبرا وشاتيلا -
بالعبرية أيضًا- فهل بادر أحد من
الاسرائيليين بالإعتذار للأستاذ
محفوظ، ردًا على اعتذاره المهذب لهم عن مسرحية (
الثرثرة)، على الأقل من باب التكافؤ في الحوار الحضاري العتيد؟ وشر البلية ما يثير السخرية في زمن المذابح...
|انتحار المثقفين العرب
|محمد جابر الانصاري
#المغضوب_عليهم
•°