الكلابية والصفات الخبرية: المدخل إلى بدعة التفويض.
مقالة الكلابية في الصفات الخبرية هي المدخل الذي دخلت منه بدعة التفويض على جماعة من العلماء.
فقد علم مما تقدم أنه لم يختلف قول الكلابية وقدماء الأشعرية في إثبات الصفات الخبرية في الجملة، وأنها صفاتُ الله تعالى قائمةٌ بذاته، وهذا من أوجه الاختلاف بينهم وبين متأخري الأشاعرة؛ كأبي المعالي الجويني ومن جاء بعده، الذين ينفون الصفات الخبرية ثم يتأولونها أو يفوضون نصوصها.
إلا أن إثبات الكلابيَّة وقدماء الأشعرية للصفات الخبرية ليس كإثبات أهل السنة المحضة الذين لم يتأثروا بالأصول الكلامية الفاسدة.
توضيح ذلك: أن إثبات الكلابية وقدماء الأشعرية لهذه الصفات هو إثباتٌ مع نفي شيءٍ من مدلولاتها، مما قد يُفضي بهم إلى قولٍ متناقض وغيرِ معلومٍ عند العقلاء، يؤدي إلى نوعٍ من التفويض، بل صار هذا القول هو بوابةَ القولِ بالتفويض فيما بعد.
وخلاصةُ قولهم في الصفات الخبرية؛ كالوجه واليد والعين ونحوها: أنها صفاتٌ ثابتةٌ لله تعالى زائدةٌ على الذات - لصحة قيام الصفات عمومًا بذات الرب تعالى -، إلا أنها ليست صفاتٍ قائمةً بنفسها أو أنها صفاتٌ عينيَّة، بل هي صفاتٌ معنويةٌ من جنس صفة العلم والقدرة والحياة.
وهذه المسألةُ من المسائل التي غابت عن كثيرٍ من أهل العلم والفضل، حتى ظنُّوا أن إثباتَ قدماء الأشعرية للصفات الخبرية هو من جنس إثباتِ أهل السنة، وكان لهذا الظن مسوِّغاتُه، ومن أعظمها استدلالُ أبي العباس بن تيمية وابن القيم وغيرهما على متأخري الأشاعرة بكلامِ متقدميهم في إثبات تلك الصفات.
وكان مرادُ الشيخين وغيرِهما إلزامَ المتأخرين بالإثبات، وبيانَ أنهم قد خالفوا أئمتهم في هذا الباب، وأنهم نَحَوْا منحى المعتزلة حتى صاروا إليهم أقرب، ولم يكن مرادُهم أن إثباتَ قدماء الأشاعرة لهذه الصفات هو إثباتُ أهل السنةِ سواءٌ بسواء.
ونظير ذلك: إثباتُ متأخري الأشاعرة للصفات السبع، فهم وإن كانوا يثبتونها لله تعالى، إلا أن إثباتهم لها ليس كإثبات أهل السنة، لا من حيث التأصيل ولا من حيث التفصيل.
ومع ذلك، فإن أبا العباس بن تيمية يُلزم من نفى منهم صفةً من الصفات بما أثبته من الصفات الأخرى، ولا يريد أبو العباس بذلك أن إثبات هذا المثبت من الأشعرية هو إثباتٌ صحيحٌ موافقٌ لأهل السنةِ من كل وجه، وإنما هو موافقٌ لأهل السنة في مجملِ الإثبات، ومن أثبت صفةً من الصفات إثباتًا مجملًا؛ كان أقربَ إلى الحقِّ ممن نفى تلك الصفة، وإن كان من أثبت تلك الصفة قد خالف أهل السنةِ المحضة في بعض جوانبها.
تقويض التفويض (صـ ٥٥-٥٦)
مقالة الكلابية في الصفات الخبرية هي المدخل الذي دخلت منه بدعة التفويض على جماعة من العلماء.
فقد علم مما تقدم أنه لم يختلف قول الكلابية وقدماء الأشعرية في إثبات الصفات الخبرية في الجملة، وأنها صفاتُ الله تعالى قائمةٌ بذاته، وهذا من أوجه الاختلاف بينهم وبين متأخري الأشاعرة؛ كأبي المعالي الجويني ومن جاء بعده، الذين ينفون الصفات الخبرية ثم يتأولونها أو يفوضون نصوصها.
إلا أن إثبات الكلابيَّة وقدماء الأشعرية للصفات الخبرية ليس كإثبات أهل السنة المحضة الذين لم يتأثروا بالأصول الكلامية الفاسدة.
توضيح ذلك: أن إثبات الكلابية وقدماء الأشعرية لهذه الصفات هو إثباتٌ مع نفي شيءٍ من مدلولاتها، مما قد يُفضي بهم إلى قولٍ متناقض وغيرِ معلومٍ عند العقلاء، يؤدي إلى نوعٍ من التفويض، بل صار هذا القول هو بوابةَ القولِ بالتفويض فيما بعد.
وخلاصةُ قولهم في الصفات الخبرية؛ كالوجه واليد والعين ونحوها: أنها صفاتٌ ثابتةٌ لله تعالى زائدةٌ على الذات - لصحة قيام الصفات عمومًا بذات الرب تعالى -، إلا أنها ليست صفاتٍ قائمةً بنفسها أو أنها صفاتٌ عينيَّة، بل هي صفاتٌ معنويةٌ من جنس صفة العلم والقدرة والحياة.
وهذه المسألةُ من المسائل التي غابت عن كثيرٍ من أهل العلم والفضل، حتى ظنُّوا أن إثباتَ قدماء الأشعرية للصفات الخبرية هو من جنس إثباتِ أهل السنة، وكان لهذا الظن مسوِّغاتُه، ومن أعظمها استدلالُ أبي العباس بن تيمية وابن القيم وغيرهما على متأخري الأشاعرة بكلامِ متقدميهم في إثبات تلك الصفات.
وكان مرادُ الشيخين وغيرِهما إلزامَ المتأخرين بالإثبات، وبيانَ أنهم قد خالفوا أئمتهم في هذا الباب، وأنهم نَحَوْا منحى المعتزلة حتى صاروا إليهم أقرب، ولم يكن مرادُهم أن إثباتَ قدماء الأشاعرة لهذه الصفات هو إثباتُ أهل السنةِ سواءٌ بسواء.
ونظير ذلك: إثباتُ متأخري الأشاعرة للصفات السبع، فهم وإن كانوا يثبتونها لله تعالى، إلا أن إثباتهم لها ليس كإثبات أهل السنة، لا من حيث التأصيل ولا من حيث التفصيل.
ومع ذلك، فإن أبا العباس بن تيمية يُلزم من نفى منهم صفةً من الصفات بما أثبته من الصفات الأخرى، ولا يريد أبو العباس بذلك أن إثبات هذا المثبت من الأشعرية هو إثباتٌ صحيحٌ موافقٌ لأهل السنةِ من كل وجه، وإنما هو موافقٌ لأهل السنة في مجملِ الإثبات، ومن أثبت صفةً من الصفات إثباتًا مجملًا؛ كان أقربَ إلى الحقِّ ممن نفى تلك الصفة، وإن كان من أثبت تلك الصفة قد خالف أهل السنةِ المحضة في بعض جوانبها.
تقويض التفويض (صـ ٥٥-٥٦)