السعودية ومنح البنك المركزي اليمني: ابتزاز مشروط أم التزام قانوني؟
قبل عام، أعلنت السعودية تقديم منحة للحكومة اليمنية لدعم البنك المركزي. وُضعت المنحة تحت شروط صارمة، تنص على تقسيمها إلى أربع دفعات، بحيث لا تُصرف الدفعة التالية إلا بعد تنفيذ الحكومة اليمنية للإصلاحات المطلوبة. المثير للجدل أن هذه الإصلاحات، بدلاً من أن تكون اقتصادية أو إدارية، جاءت في معظمها سياسية وعسكرية.
الاشتراطات السعودية: ابتزاز أم دعم مشروط؟
قبل صرف كل دفعة، تُمارس الرياض ضغوطًا كبيرة على القيادة اليمنية لقبول حزمة من التغييرات، منها:
1. إقالات وتعيينات في الجيش اليمني.
2. تعديلات داخل الحكومة أو مؤسسات الدولة.
3. الموافقة على المسارات التفاوضية السعودية مع مليشيات الحوثي تحت مسمى "خارطة الطريق".
هذا السلوك يجعل المنحة تبدو وكأنها أداة ابتزاز، وليس دعمًا حقيقيًا. خلال تلك الفترات، كانت العملة اليمنية تتعرض للضغط والانهيار، بينما تتوقف تدفقات الإيرادات الحكومية إلى البنك المركزي بسبب تدخلات أطراف مدعومة من الرياض وأبوظبي.
وبمراجعة توقيت صرف كل قسط من المنحة، نجد أنها تتزامن مع تقديم تنازلات سياسية تقلص من آمال الشعب في التحرر من الهيمنة الإيرانية.
التأثيرات الاقتصادية والسياسية
مؤخرًا، طالبت السعودية بتغييرات في قيادة الجيش اليمني. ورغم تحفظ الكثيرين على طبيعة هذه التغييرات، إلا أن الحكومة اليمنية أذعنت تحت ضغط التدهور الاقتصادي.
في وقتٍ ينادي الجميع -داخل اليمن وخارجها- بضرورة اتخاذ قرار الحسم العسكري، تستمر السعودية في تضييق الخناق على الاقتصاد اليمني. هذا الخناق يخنق أيضًا دعوات الحسم، ويُبقي اليمن تحت رحمة تفاهمات إقليمية ودولية لا تخدم مصالح الشعب.
المنحة السعودية الجديدة: دعم أم إذلال؟
اليوم، أعلن السفير السعودي عن منحة بقيمة 500 مليون دولار، منها 300 مليون كدفعة رابعة من المنحة السابقة، و200 مليون كإضافة جديدة.
لكن هنا يجب أن نسأل:
كيف تُمنع الحكومة اليمنية من تصدير النفط والغاز بسبب تفاهمات سعودية-حوثية-إيرانية، بينما تصل خسائر اليمن من هذا المنع إلى نحو 5 مليارات دولار؟
كيف تُغلق موانئ ومطارات تحت سيطرة كيانات مسلحة مدعومة من الرياض وأبوظبي، بينما يُمنع توحيد إيرادات الحكومة لتصل إلى البنك المركزي؟
إرث التنازلات والتدخلات
ضغوط السعودية لم تتوقف عند حدود الاقتصاد. فقد أجبرت الحكومة اليمنية على وقف معارك تحرير الحديدة وصنعاء، وهو ما أكدته تصريحات قيادات بارزة في الدولة، مثل رئيس البرلمان ونائب رئيس الوزراء السابق.
ما يحتاجه اليمن ليس منحًا مهينة بشروط أكثر إهانة. بل يحتاج إلى رفع الفيتو السعودي عن تصدير النفط والغاز، وتوحيد الإيرادات الحكومية، ومنح الحكومة الشرعية صلاحيات حقيقية لاستعادة البلاد وطرد الاحتلال الإيراني.
اليمن تحت الوصاية السعودية
وفقًا للقانون الدولي، تقع اليمن فعليًا تحت الوصاية السعودية. ومع هذا، لم تتحمل السعودية مسؤولياتها القانونية تجاه الشعب اليمني، سواء على الصعيد الاقتصادي أو الإنساني.
المنحة المُعلنة اليوم ليست دعمًا، بل جزءًا صغيرًا من التزامات قانونية وأخلاقية دولية. وهي تُظهر بوضوح مدى الهيمنة السعودية على القرار اليمني، حيث باتت تُعادل قيمتها لاعبًا محترفًا في أحد أندية الترفيه.
ختامًا
على الحكومة الشرعية أن تُدرك أن استمرار قبول هذه المنح المشروطة يعني مزيدًا من التنازلات، وتضييقًا على هامش الاستقلال السياسي والاقتصادي لليمن. لا بد من وقفة جادة لاستعادة السيادة والقرار الوطني، بعيدًا عن الضغوط الإقليمية التي حولت اليمن إلى ورقة تفاوضية تُستغل على حساب شعبه.
#سيف_الحاضري
#منصة_يمن24_الإعلامية
#عينك_على_الحقيقة
تيليجرام 👇
https://t.me/TwentyfourYemenواتس اب 👇
https://whatsapp.com/channel/0029Va8hvnm0rGiE15JMaB1Gفيسبوك 👇
https://www.facebook.com/profile.php?id=100077733940792