إن النهج الذي ينتهجه الحكم الشيعي في العراق تحديدًا يتسم بمنح الأولوية لترضية الأطراف التي لا تكنّ له الرضا، سعيًا لتأمين استمراره في السلطة. أما الشيعة أنفسهم، فإن رضائهم أو سخطهم لا يُعدّ في العادة حجر الزاوية في معادلة بقائه؛ إذ تكمن الأهمية الحقيقية في كسب رضا الأطراف الأخرى من غير الشيعة. وتُعدّ هذه السمة ظاهرة متجذرة في بنية الحكم الشيعي، حيث إن النقد الداخلي الذي يأتي من داخل الطائفة لا يُعيره الشيعي الوزن ذاته الذي يُعطيه للنقد الآتي من خارجها، سواء أكان ذلك من طائفة أخرى أم من جهة معارضة على الضفة الأخرى من المشهد السياسي. هذا التوجه ينبع من حساسية مفرطة تجاه صورة الحكم أمام الآخر، والتي تعدّ في نظره أولوية تتقدم على أي جدل داخلي ضمن بنيته.