[ مصـير ] - الفصل السابع.
بإسم العزيز نبدأ.
أكثر ما يجعلنا ثائرين هو طرق باب مواجهة ذواتنا، فقد نغضب دون أن يفهم الآخرين السبب، ونبرر لأنفسنا أن ذلك الغضب تدفق بسبب تصرف هذا، أو قول ذاك.. لكننا لا ندرك أننا غير مسؤولون على تصرفات الآخرين، بل مسؤولون عن السيطرة على ردود أفعالنا.
قد تجد إحدى الفتيات تغتاب زميلتها عند ارتكابها خطأ معين بحجة أنها ترفض ذلك الفعل، لكن عميقًا هي تبحث بكدٍ عن زلةٍ تتصيدها ضدها، غيرةً أو حقدًا.. فالشخص الخالي من هاتين الصفتين وشبيهاتهما، لا يمكن له أن يغتاب أحدًا، ولكنه يوجه النصيحة بالشكل اللائق.
الغيرة، الانفعال، محاولة السيطرة على الآخرين، جحود المشاعر، الوقاحة.. كلها واجهة لمشاعر سلبية تكدست بسبب جروح الطفولة والماضي، فهي قد تكون شعور بالنقص، عدم تقدير للذات، عدم تلقي الحب الكافي من الأهل، محاولة أحدهم فرض السيطرة عليه وكبت ارائه عنوة، التقليل منه وتجريحه بالكلمات.. داخليا، حتمًا هذه هي الأسباب الرئيسية التي تدفع الإنسان أن يحرر إحدى وحوشه.
جميعنا تلقينا معاملة سيئة في إحدى مراحل حياتنا، وكلنا نُلنا نصيبًا من الحزن وعدم تقدير الذات.. لكن إلى متى ستتمكن منك الامك؟ هل يستحق كيانًا مهمًا مثلك أن يبقى أسيرًا خلف قضبان السلبية؟ هل أنت مهم؟ بالطبع! ستيف هارڨي يقول «طالما أنك استيقظت من النوم اليوم، إذن الرب لم ينتهي منك بعد»، بما معناه انك تحمل رسالة وهدفًا ساميًا اوجدك الله لأجله. مهما كانت وظيفتك في الحياة، أينما كنت، كيفما تكون.. أنت مهم؛ لأنك مخلوق الله المميز، ذلك الذي سير لأجله الدنيا وبسطها وخيراتها لمنافعه.
انظر لنفسك بعمق، ما هو ذلك الشيء الذي يوجعك باستمرار فيجعلك في دوامةٍ من الظلمات والأسى؟ ربما لن تعثر عليه بسهولة؛ فصوته مدفون عميقًا بداخلك، تعلوه أصوات تقول: «بسبب فلان انا هكذا، بسبب هذا الموقف، بسبب الظروف الاجتماعية، بسبب وضعي الصحي، بسبب وضعي المادي.. الخ».
لن تقبل في مطارحٍ معينة أن تبدو ضعيفًا في نظر نفسك، ولن ترغب أن تعترف ببعض اخطائك التي اوصلتك إلى وضعٍ لست راضٍ عنه.. لكن تذكر: لا يمكن حل المشاكل بالهرب، فالمواجهة هي نصف الحل.
عن مراقبتي لتطور أحد الشخصيات في حياتي الواقعية، انتبهت أن فلانة كانت انسانة شديدة الغضب والسيطرة والقسوة، لكنها بمرور الوقت أصبحت أكثر هدوءًا. اكتئاب؟ أبدًا! أصبحت أكثر رحمةً وحكمة، تفهمًا وودًا ووقارًا. وحينما سألتها عمّا حدث اجابتني: «لا يمكنني أن اسيطر على الآخرين لأجل تنفيذ ما أرغب به، لأنهم أيضًا يملكون أراءً وأفكارًا خاصة. وطالما لا يؤذيني ما يفعلون، فلا دخل لي. ولا أن اسمح لتخبطاتهم باصابة اعماقي، فلستُ سفينةً مثقوبة ولا كائن بسيط.. أنا حرة كما خلقني الإله، لن تسيطر علي مشاعر الآخرين.»
أي أنها لا تقصد التمرد، لكنها تقصد الأشخاص الذين ينقلون لنا عدوى السلبية والشعور بالغضب، لست مضطرًا للتفاعل مع مشاعرهم فتغضب وتنفعل وتحزن فيحتدم النقاش وتُخدَش كرامتك. لكنك مضطر أن تحمي نفسك من ظلمات الآخرين، أن تبقي على مصباحك منيرًا ما حييت.
لربما واجهت اهمالًا في صغرك، ولربما اخفقت في إحدى التجارب.. لا تحمل معك طويلًا مشاعر وافكار لا تخدمك. فمن اهملك لا يدرك معنى الحب، ولربما لغة حبه تختلف عن لغتك. تحرر من غضبك نحوه، وقابل ما حدث بحبك لنفسك. أنت لا تحتاج إلى الآخرين، لكنك بحاجة إلى نفسك.
ولا تتذكر طويلًا اخفاقاتك، لكن تذكر دروسك منها. ماذا تعملت؟ كيف ستواجه الأمور بعدها؟ كيف ستتصرف إن تكررت التجربة؟ بل وكيف تتفادى التجربة بحد ذاتها إن كان ذلك ممكنًا.
أن تواجه نفسك يتطلب منك أن تكون رحيمًا بها، فتلك العثرات التي أوقعتك سابقا لم تكن تدري وقتها كيف تتصرف بالشكل الصحيح، وإن كنت تدري وتجاهلت معرفتك؟ ليست مشكلة، هذا يعلمك أن تثق بتجاربك وارائك.
من أعظم ما عليك فعله بعيدًا عن الجانب الروحاني، أن تمنح نفسك قدرًا عاليًا من الحب والتسامح. أن تتعلم من اخطائك، وتراعي حالتك النفسية بألا تسمح لأحد أن يتجاوز حدودها الآمنة.. ومن ضمنهم أنت.
لا اريدك أن تدخل حروبًا مع الآخرين لتحمي نفسك، فهذا خطأ. لكنني اريدك أن تحصنها من الأفكار والمشاعر السلبية. أن تكون منصفًا بحقها وحاميًا لها.
وتذكر..
إن امتلك الإنسان الرغبة في الوصول، سيصل مهما كان الطريق وعرًا.
مهما كنت تجد مواجهة ذاتك صعبة، ستعرف كيف تتعامل معها وتُنَقيها من السوء وتعالجها من الألم.
في نهاية هذا الفصل، أوجه كلمة شكر بحق الأعضاء اللطيفين الذين شاركونا ارائهم الفصل السابق.
هذه المرة اطلب منكم أن تتركوا لأنفسكم رسالة حب، عسى أن يتأثر شخصٌ ما بها فيتحسن بسببكم.
كل الحب. 🤍
--*--
لا تنسَ مشاركة القناة مع أصدقائك، ومن تعتقد انهم يبحثون عن مواضيع مشابهة لما اطرحه فيها.
بإسم العزيز نبدأ.
أكثر ما يجعلنا ثائرين هو طرق باب مواجهة ذواتنا، فقد نغضب دون أن يفهم الآخرين السبب، ونبرر لأنفسنا أن ذلك الغضب تدفق بسبب تصرف هذا، أو قول ذاك.. لكننا لا ندرك أننا غير مسؤولون على تصرفات الآخرين، بل مسؤولون عن السيطرة على ردود أفعالنا.
قد تجد إحدى الفتيات تغتاب زميلتها عند ارتكابها خطأ معين بحجة أنها ترفض ذلك الفعل، لكن عميقًا هي تبحث بكدٍ عن زلةٍ تتصيدها ضدها، غيرةً أو حقدًا.. فالشخص الخالي من هاتين الصفتين وشبيهاتهما، لا يمكن له أن يغتاب أحدًا، ولكنه يوجه النصيحة بالشكل اللائق.
الغيرة، الانفعال، محاولة السيطرة على الآخرين، جحود المشاعر، الوقاحة.. كلها واجهة لمشاعر سلبية تكدست بسبب جروح الطفولة والماضي، فهي قد تكون شعور بالنقص، عدم تقدير للذات، عدم تلقي الحب الكافي من الأهل، محاولة أحدهم فرض السيطرة عليه وكبت ارائه عنوة، التقليل منه وتجريحه بالكلمات.. داخليا، حتمًا هذه هي الأسباب الرئيسية التي تدفع الإنسان أن يحرر إحدى وحوشه.
جميعنا تلقينا معاملة سيئة في إحدى مراحل حياتنا، وكلنا نُلنا نصيبًا من الحزن وعدم تقدير الذات.. لكن إلى متى ستتمكن منك الامك؟ هل يستحق كيانًا مهمًا مثلك أن يبقى أسيرًا خلف قضبان السلبية؟ هل أنت مهم؟ بالطبع! ستيف هارڨي يقول «طالما أنك استيقظت من النوم اليوم، إذن الرب لم ينتهي منك بعد»، بما معناه انك تحمل رسالة وهدفًا ساميًا اوجدك الله لأجله. مهما كانت وظيفتك في الحياة، أينما كنت، كيفما تكون.. أنت مهم؛ لأنك مخلوق الله المميز، ذلك الذي سير لأجله الدنيا وبسطها وخيراتها لمنافعه.
انظر لنفسك بعمق، ما هو ذلك الشيء الذي يوجعك باستمرار فيجعلك في دوامةٍ من الظلمات والأسى؟ ربما لن تعثر عليه بسهولة؛ فصوته مدفون عميقًا بداخلك، تعلوه أصوات تقول: «بسبب فلان انا هكذا، بسبب هذا الموقف، بسبب الظروف الاجتماعية، بسبب وضعي الصحي، بسبب وضعي المادي.. الخ».
لن تقبل في مطارحٍ معينة أن تبدو ضعيفًا في نظر نفسك، ولن ترغب أن تعترف ببعض اخطائك التي اوصلتك إلى وضعٍ لست راضٍ عنه.. لكن تذكر: لا يمكن حل المشاكل بالهرب، فالمواجهة هي نصف الحل.
عن مراقبتي لتطور أحد الشخصيات في حياتي الواقعية، انتبهت أن فلانة كانت انسانة شديدة الغضب والسيطرة والقسوة، لكنها بمرور الوقت أصبحت أكثر هدوءًا. اكتئاب؟ أبدًا! أصبحت أكثر رحمةً وحكمة، تفهمًا وودًا ووقارًا. وحينما سألتها عمّا حدث اجابتني: «لا يمكنني أن اسيطر على الآخرين لأجل تنفيذ ما أرغب به، لأنهم أيضًا يملكون أراءً وأفكارًا خاصة. وطالما لا يؤذيني ما يفعلون، فلا دخل لي. ولا أن اسمح لتخبطاتهم باصابة اعماقي، فلستُ سفينةً مثقوبة ولا كائن بسيط.. أنا حرة كما خلقني الإله، لن تسيطر علي مشاعر الآخرين.»
أي أنها لا تقصد التمرد، لكنها تقصد الأشخاص الذين ينقلون لنا عدوى السلبية والشعور بالغضب، لست مضطرًا للتفاعل مع مشاعرهم فتغضب وتنفعل وتحزن فيحتدم النقاش وتُخدَش كرامتك. لكنك مضطر أن تحمي نفسك من ظلمات الآخرين، أن تبقي على مصباحك منيرًا ما حييت.
لربما واجهت اهمالًا في صغرك، ولربما اخفقت في إحدى التجارب.. لا تحمل معك طويلًا مشاعر وافكار لا تخدمك. فمن اهملك لا يدرك معنى الحب، ولربما لغة حبه تختلف عن لغتك. تحرر من غضبك نحوه، وقابل ما حدث بحبك لنفسك. أنت لا تحتاج إلى الآخرين، لكنك بحاجة إلى نفسك.
ولا تتذكر طويلًا اخفاقاتك، لكن تذكر دروسك منها. ماذا تعملت؟ كيف ستواجه الأمور بعدها؟ كيف ستتصرف إن تكررت التجربة؟ بل وكيف تتفادى التجربة بحد ذاتها إن كان ذلك ممكنًا.
أن تواجه نفسك يتطلب منك أن تكون رحيمًا بها، فتلك العثرات التي أوقعتك سابقا لم تكن تدري وقتها كيف تتصرف بالشكل الصحيح، وإن كنت تدري وتجاهلت معرفتك؟ ليست مشكلة، هذا يعلمك أن تثق بتجاربك وارائك.
من أعظم ما عليك فعله بعيدًا عن الجانب الروحاني، أن تمنح نفسك قدرًا عاليًا من الحب والتسامح. أن تتعلم من اخطائك، وتراعي حالتك النفسية بألا تسمح لأحد أن يتجاوز حدودها الآمنة.. ومن ضمنهم أنت.
لا اريدك أن تدخل حروبًا مع الآخرين لتحمي نفسك، فهذا خطأ. لكنني اريدك أن تحصنها من الأفكار والمشاعر السلبية. أن تكون منصفًا بحقها وحاميًا لها.
وتذكر..
إن امتلك الإنسان الرغبة في الوصول، سيصل مهما كان الطريق وعرًا.
مهما كنت تجد مواجهة ذاتك صعبة، ستعرف كيف تتعامل معها وتُنَقيها من السوء وتعالجها من الألم.
في نهاية هذا الفصل، أوجه كلمة شكر بحق الأعضاء اللطيفين الذين شاركونا ارائهم الفصل السابق.
هذه المرة اطلب منكم أن تتركوا لأنفسكم رسالة حب، عسى أن يتأثر شخصٌ ما بها فيتحسن بسببكم.
كل الحب. 🤍
--*--
لا تنسَ مشاركة القناة مع أصدقائك، ومن تعتقد انهم يبحثون عن مواضيع مشابهة لما اطرحه فيها.