#مقتطفات
البدعة في الدين من كبائر المعاصي وعظائم المحرمات، دل على حرمتها الكتاب والسنة، وقد أوعد صاحبها النار على لسان النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وما هذا إلا لأن المبتدع ينازع سلطان الله تبارك وتعالى في التشريع والتقنين، ويتدخل في دينه ويشرع ما لم يشرعه الدين، فيزيد عليه شيئاً وينقص منه شيئاً في مجالي العقيدة والشريعة...
إن لله في كل واقعة حكما إلهيا لا يتبدل ولا يتغير إلى يوم القيامة، فإذا حكم الحاكم وفق ذلك الحكم فهو حاكم عادل معتمد على منصة الحق، إلا أن المبتدع يحكم على خلاف ذلك الحق فيصفه سبحانه بكونه كافراً وظالماً وفاسقاً
قال سبحانه {ومَن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}
وقال عز من قائل {ومَن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون}
وقال تعالى {ومَن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون} ( المائدة - ٤٤ ، ٤٥ ، ٤٧ )...
قال الخليل: البدع: إحداث شيء لم يكن له من قبل خلق ولا ذكر ولا معرفة... البدعة في اللغة وإن كانت شاملة
لكل جديد لم يكن له مماثل سواء أكان في الدين، أم العادات، كالأطعمة والألبسة والأبنية والصناعات وما شاكلها ولكن البدعة التي ورد النص على حرمتها هي ما استحدثت بعد رسول الله من الأهواء والأعمال في أمور الدين...
أما التطوير في ميادين الحياة وشؤونها فإن كان بدعة لغة فليس بدعة شرعاً بل يتبع التطوير في الحياة جوازاً ومنعاً الحكم الشرعي بعناوينه فإن حرمه الشرع ولو تحت عنوان عام فهو محرم، وإلا فهو حلال لحاكمية أصل البراءة في العادات ما لم يرد دليل على الحرمة...
إن أفضل التعاريف هو قولهم (إدخال ما ليس من الدين في الدين)
أو (إدخال ما لم يُعلم من الدين في الدين)
وبعبارة واضحة، البدعة في الشرع: ما حدث بعد الرسول ولم يرد فيه نص على الخصوص ولم يكن داخلاً في بعض العمومات...
قال العلامة المجلسي: البدعة في الشرع: ما حدث بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يرد فيه نص على الخصوص ولا يكون داخلاً في بعض العمومات أو ورد نهي عنه خصوصاً أو عموماً....
إن استعراض تاريخ المتنبئين الذين ادعوا النبوة عن كذب ودجل، يثبت بأن الأهواء وحب الظهور والصدارة كان له دور كبير في نشوء هذه الفكرة وظهورها على صعيد الحياة والمبتدع وإن لم يكن متنبئاً إلا أن عمله شعبة من شعب التنبؤ، وفي الروايات إشارات وتصريحات على ذلك
خطب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) الناس فقال : (أيها الناس إنما بدء وقوع الفتن أهواء تُتبع، وأحكام تُبتدع، يُخالف فيها كتاب الله، يتولى فيها رجال رجالاً...)
إن لحب الظهور دوراً كبيراً في الحياة الإنسانية فلو كانت هذه الغريزة جامحة لأدت بالإنسان إلى ادعاء مقامات ومناصب تختص بالأنبياء، ولعل بعض المذاهب الظاهرة بين المسلمين في القرون الأولى كانت ناشئة عن تلك الغريزة
روى ابن أبي الحديد في شرح النهج أن علياً مرّ بقتلى الخوارج فقال: بؤساً لكم لقد ضرّكم مَن غرّكم !!
فقيل: ومَن غرّهم ؟
فقال: الشيطان المضل، والنفس الأمّارة بالسوء، غرّهم بالأماني وفسحت لهم في المعاصي ووعدتهم الإظهار فاقتحمت بهم النار
البدعة مفهومها حدها وآثارها ص5الشيخ جعفر السبحانيhttps://t.me/hikma313