وكانَ متاعي من الناسِ أن أُترَك وحيداً دون ذكرٍ أو سؤال، وحين اشتدّت بيَ الأيام ورأيتُ كيف يعيش الإنسان وحيداً، مخذولاً ومنسياً وغيرَ مكترثٍ له، عرفتُ فائدة هذا الأمر وقسوته في ذات الوقت، لم أكن أطيق كثرة الناس حولي أو حول أحدٍ أراه من المشاهيرِ أو ذوي المكانة الاجتماعية، ودائماً ما كنتُ أسأل نفسي: كيف يطيق هؤلاء كلّ هؤلاء؟ إنّ القلّةَ هي دأبي منذُ وقتٍ غير قريب، وحتى هذه القلّة، لا تعرفُ خطبي أو ما يراودني من ضروبِ هذا الدهر، فكنتُ وما زلتُ لا أفصحُ لأحد مهما كان قريباً منّي ما يعتريني من ضعفٍ وخذلان وأسى، وبقيتُ محتفظاً بتلك المساحة الفارغة، مساحة الشخص الذي لم يأتِ بعدُ، والتي لا يُمكن أن يملأها العابرون قلّ عددهم أو كثر.
- مصطفى كاطع