لا اله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
…….
ترجل الدرج حافي القدمين يتحسسه قبل نزول كل درجة منه ويحسب مسافاته بدقة ويعد كل درجة حتى انتهت المعاناة عند الأخيرة وحينها أخذ بصعوبة يتحسس الطريق بقدمه لكن تلك المرة بمساعدة عصاه حتى يعتاد عليه
لم يتذكر المكان جيدًا فقد مرت أعوام لم يأتي فيها إليه.
الظلام دامس من حوله لكنه اعتاد عليه أو هكذا يتظاهر كي لا يؤلم عمه
ظل يتخبط في الأشياء الموجودة في المنزل ومنه يستكشفها كي لا ينصدم بها مرة أخرى حتى استطاع الوصول إلى الشرفة.
قام بفتحها فتلفح وجهه نسمات الليل الآتية من البحر الهادئ على غير عادته.
فهو لا يحبه هادئًا مستسلمًا بل يعشقه ثائرًا هادرًا فيجابهه هو بكل شجاعة.
سار إليه بأقدامه العارية متلذذًا بنعومة الرمال رغم سخونتها لكنه لم يبالي فقد حرم من رؤية الشمس لذلك يتلفح بدفئها
توقف عن السير عندما بللت الموجة الرتيبة قدميه العارية وأخذ يتنفس بعمق ويملأ رئتيه برائحته الندية.
أعلنت ساعة يده عن العاشرة صباحًا وذلك الوقت الذي كان يستمتع به على الشاطئ قبل أن يفقد بصره.
اخرجه من شروده صوت عمه وهو يعاتبه
: داغر ايه بس اللي خرجك لوحدك؟
ابتسم داغر لعمه الذي لا يكف عن الإهتمام به منذ ما حدث وتمتم بروية: متخفش ياعمي انا فاكر المكان كويس وبعدين انت نسيت إني بقالي سنة بتدرب على التعامل مع الطريق حتى البحر.
تقدم منه عمه وقد أشار للعامل أن يأتي بمقعدين يجلسا عليهما وقال
_ماشي ياسيدي خلينا بقا نقعد نستمتع بالجو الجميل ده بدل ما انت واقف حافي كدة.
جاء العامل بالمقاعد وساعد خليل ابن أخيه على الجلوس ثم قال داغر للعامل: ياريت يا صالح تعملي فنجان قهوة
استاء عمه من طلبه وتمتم بامتعاض: وبعدين معاك ياداغر مش الدكتور منعك منها؟
رد داغر بابتسامته الواهنة: معلش مرة واحدة في اليوم مش هتضر.
وافقه خليل على مضد ثم انصرف العامل وظل داغر يستمع إلى الاصوات من حوله
فقد فقد بصره لكنه يرى بأذنيه ويتخيل كل ما حوله بالأصوات التي تترامى حوله
زقزقت العصافير في ذلك الصباح
وتلك النسائم الآتية من الشمال تتناغم مع رائحة يود البحر والتي تذكره بالماضي.
ذلك القبطان الذي كان يبحر في كل البحار أصبح الآن عاجزًا مستندًا على عصاه
ترى هل سيأتي اليوم الذي سيعود فيه ذلك القبطان قائدًا على مركبه؟
أم كتب عليه وعليه الرضا بما قسم له.
انتبه لانفاس عمه التي تدل على صعوبة تحكمه في دموعه حزنًا عليه ولا يعرف بأنه تعود على الحرمان من كل شيء
تحسس بيده حتى وصلت إلى يد عمه وشدد عليه قائلًا: طول عمرك وانت الجبل اللي بسترد منه ثباتي، بلاش تيجي في أكتر وقت محتاج قوتك فيه وتضعف.
حاول خليل جعل صوته ثابتًا وغمغم بحزن
: أنا مضعفتش بس أول مرة أقف عاجز قدامك
طول عمري وأنا بحاول أعوضك عن كل شيء مفتقده، فيه اللي قدرت أعوضك وفي اللي فشلت بس صدقني….
قاطعه داغر بصدق: انت عمرك مافشلت بالعكس لولا وجودك في حياتي وطريقي اللي رسمته معاك كان زماني مدمن مخدرات ولا واحد فاشل مستني قرشين أبوه يبعتهمله كل شهر وخلاص بس انت فضلت جانبي لاحد ما كبرت وبقيت راجل وحققتلي كل أحلامي بدعمك ليا، عشان كدة عايزك تكمل جميلك للآخر.
ربت بيده الأخرى على يد ابن أخيه وتمتم بحب: هفضل في ضهرك لآخر يوم في عمري.
ابتسم بامتنان لذلك الرجل الذي لم يتخلى عنه كما فعل والده وظل بجواره حتى تلك المحنة.
أراد التطرق في موضوع آخر وقال بثبوت
_بس أنت شايف إن أجازتك طولت أوي ولازم ترجع شغلك يا سيادة المستشار.
تنهد خليل بتعب وقال: والله ياابني انا بفكر أقدم استقالتي وأكتفي بالهدوء اللي أنا عايشه دلوقت.
علم داغر بأنه يود ترك عمله كي يبقى بجواره لذا تحدث برتابة
: بس ياعمي دي رسالة ولازم حضرتك تقدمها للآخر.
فكر خليل في العودة حقًا لعمله لكنه أيضًا لن يستطيع تركه وحيدًا حتى لدقائق معدودة
فمنذ ذلك الحادث وهو لا يتركه لحظة واحدة ويخشى أيضًا أن يشعره بأن إعاقته سببت مشكلة له لذا تحدث بجدية: صدقني من وقت ماعرفت إن سالم أخد إعدام وأنا قررت إني اتنازل عن المنصب ده.
ساد الصمت بينهم وكل واحد بهم يحمل نفسه ذنب ذلك الشاب الذي اتهم زورًا واستطاع الجاني تضليل العدالة والفرار منها متخذًا من شاب لم يتعدى عمره الثلاثون عامًا درعًا له
فلولا أن اضطر خليل لترك القضية اثناء الحادث لما حدث ذلك.
فقال داغر بإصرار
_يبقى الافضل إنك ترجع عشان اللي حصل ده ميتكررش تاني، أرجوك ياعمي بلاش تحسسني إني بقيت عقبة في حياتك عايز كل حاجة ترجع لطبيعتها.
تنهد خليل بيأس منه وقال باستسلام
_ماشي ياسيدي بس عندي شرط.
………….
…….
ترجل الدرج حافي القدمين يتحسسه قبل نزول كل درجة منه ويحسب مسافاته بدقة ويعد كل درجة حتى انتهت المعاناة عند الأخيرة وحينها أخذ بصعوبة يتحسس الطريق بقدمه لكن تلك المرة بمساعدة عصاه حتى يعتاد عليه
لم يتذكر المكان جيدًا فقد مرت أعوام لم يأتي فيها إليه.
الظلام دامس من حوله لكنه اعتاد عليه أو هكذا يتظاهر كي لا يؤلم عمه
ظل يتخبط في الأشياء الموجودة في المنزل ومنه يستكشفها كي لا ينصدم بها مرة أخرى حتى استطاع الوصول إلى الشرفة.
قام بفتحها فتلفح وجهه نسمات الليل الآتية من البحر الهادئ على غير عادته.
فهو لا يحبه هادئًا مستسلمًا بل يعشقه ثائرًا هادرًا فيجابهه هو بكل شجاعة.
سار إليه بأقدامه العارية متلذذًا بنعومة الرمال رغم سخونتها لكنه لم يبالي فقد حرم من رؤية الشمس لذلك يتلفح بدفئها
توقف عن السير عندما بللت الموجة الرتيبة قدميه العارية وأخذ يتنفس بعمق ويملأ رئتيه برائحته الندية.
أعلنت ساعة يده عن العاشرة صباحًا وذلك الوقت الذي كان يستمتع به على الشاطئ قبل أن يفقد بصره.
اخرجه من شروده صوت عمه وهو يعاتبه
: داغر ايه بس اللي خرجك لوحدك؟
ابتسم داغر لعمه الذي لا يكف عن الإهتمام به منذ ما حدث وتمتم بروية: متخفش ياعمي انا فاكر المكان كويس وبعدين انت نسيت إني بقالي سنة بتدرب على التعامل مع الطريق حتى البحر.
تقدم منه عمه وقد أشار للعامل أن يأتي بمقعدين يجلسا عليهما وقال
_ماشي ياسيدي خلينا بقا نقعد نستمتع بالجو الجميل ده بدل ما انت واقف حافي كدة.
جاء العامل بالمقاعد وساعد خليل ابن أخيه على الجلوس ثم قال داغر للعامل: ياريت يا صالح تعملي فنجان قهوة
استاء عمه من طلبه وتمتم بامتعاض: وبعدين معاك ياداغر مش الدكتور منعك منها؟
رد داغر بابتسامته الواهنة: معلش مرة واحدة في اليوم مش هتضر.
وافقه خليل على مضد ثم انصرف العامل وظل داغر يستمع إلى الاصوات من حوله
فقد فقد بصره لكنه يرى بأذنيه ويتخيل كل ما حوله بالأصوات التي تترامى حوله
زقزقت العصافير في ذلك الصباح
وتلك النسائم الآتية من الشمال تتناغم مع رائحة يود البحر والتي تذكره بالماضي.
ذلك القبطان الذي كان يبحر في كل البحار أصبح الآن عاجزًا مستندًا على عصاه
ترى هل سيأتي اليوم الذي سيعود فيه ذلك القبطان قائدًا على مركبه؟
أم كتب عليه وعليه الرضا بما قسم له.
انتبه لانفاس عمه التي تدل على صعوبة تحكمه في دموعه حزنًا عليه ولا يعرف بأنه تعود على الحرمان من كل شيء
تحسس بيده حتى وصلت إلى يد عمه وشدد عليه قائلًا: طول عمرك وانت الجبل اللي بسترد منه ثباتي، بلاش تيجي في أكتر وقت محتاج قوتك فيه وتضعف.
حاول خليل جعل صوته ثابتًا وغمغم بحزن
: أنا مضعفتش بس أول مرة أقف عاجز قدامك
طول عمري وأنا بحاول أعوضك عن كل شيء مفتقده، فيه اللي قدرت أعوضك وفي اللي فشلت بس صدقني….
قاطعه داغر بصدق: انت عمرك مافشلت بالعكس لولا وجودك في حياتي وطريقي اللي رسمته معاك كان زماني مدمن مخدرات ولا واحد فاشل مستني قرشين أبوه يبعتهمله كل شهر وخلاص بس انت فضلت جانبي لاحد ما كبرت وبقيت راجل وحققتلي كل أحلامي بدعمك ليا، عشان كدة عايزك تكمل جميلك للآخر.
ربت بيده الأخرى على يد ابن أخيه وتمتم بحب: هفضل في ضهرك لآخر يوم في عمري.
ابتسم بامتنان لذلك الرجل الذي لم يتخلى عنه كما فعل والده وظل بجواره حتى تلك المحنة.
أراد التطرق في موضوع آخر وقال بثبوت
_بس أنت شايف إن أجازتك طولت أوي ولازم ترجع شغلك يا سيادة المستشار.
تنهد خليل بتعب وقال: والله ياابني انا بفكر أقدم استقالتي وأكتفي بالهدوء اللي أنا عايشه دلوقت.
علم داغر بأنه يود ترك عمله كي يبقى بجواره لذا تحدث برتابة
: بس ياعمي دي رسالة ولازم حضرتك تقدمها للآخر.
فكر خليل في العودة حقًا لعمله لكنه أيضًا لن يستطيع تركه وحيدًا حتى لدقائق معدودة
فمنذ ذلك الحادث وهو لا يتركه لحظة واحدة ويخشى أيضًا أن يشعره بأن إعاقته سببت مشكلة له لذا تحدث بجدية: صدقني من وقت ماعرفت إن سالم أخد إعدام وأنا قررت إني اتنازل عن المنصب ده.
ساد الصمت بينهم وكل واحد بهم يحمل نفسه ذنب ذلك الشاب الذي اتهم زورًا واستطاع الجاني تضليل العدالة والفرار منها متخذًا من شاب لم يتعدى عمره الثلاثون عامًا درعًا له
فلولا أن اضطر خليل لترك القضية اثناء الحادث لما حدث ذلك.
فقال داغر بإصرار
_يبقى الافضل إنك ترجع عشان اللي حصل ده ميتكررش تاني، أرجوك ياعمي بلاش تحسسني إني بقيت عقبة في حياتك عايز كل حاجة ترجع لطبيعتها.
تنهد خليل بيأس منه وقال باستسلام
_ماشي ياسيدي بس عندي شرط.
………….