وعصره السياسي؛ هي المرحلة الأسوأ في تاريخ العراق الحديث؛ إذ حكم العراق بالحديد والنار، حزب البعث الإبليسي، وبداية تشكل الحركة الإسلامية السياسية المتمثلة بحزب الدعوة الإسلامية، وانخراطه في التنظيم؛ مما شكّل في حياته منحى الوقوف في وجه الظالم ونصرة المظلوم، في ظل نظام دكتاتوري عشائري أذاق العراق وأهله الويلات، وترك إرثاً إجرامياً يندى له جبين الإنسانية؛ مما أتاح للدكتور المؤمن أرخنةً مصداقيةً لتاريخ العراق السياسي المعاصر، ولمسيرة حزب الدعوة وفكره، وخاصة في كتابه «جدليات الدعوة»، وهو ينم عن خبرة في التحليل والتقويم ووفرة في المعلومة؛ لإنه من الرعيل الوسط. وتزداد أهمية هذا الكتاب؛ لأن الدكتور المؤمن كتبه بعد خروجه من الحزب، الأمر الذي أتاح له حرية طرح ما للحزب وما عليه.
ولا أرى هنا عيباً في مراجعة القناعات وتبدلها عند الباحث؛ فله حججه ومبرراته الموضوعية؛ فما كان بالأمس له ظروفه الموضوعية؛ يمكن أن يصبح اليوم لا حاجة في الاستمرار فيه؛ من أجل تقديم الأهم على المهم، والانتقال إلى موقع يخدم أفضل في الساحة، وهو ما أراه مناسباً من التماس العذر للدكتور المؤمن، وهو ما سوف يأتي.
وقد نجح السيد المؤمن في استثمار الهم السياسي العراقي في المهجر؛ ليخلق منه مناخاً للدراسة والبحث والعلم؛ ففي المهجر غربةٌ وكربة تتصارعُ مع الطموح، وأتصور بأنها كانت مصهر الدكتور المؤمن، وقد جعلت منه إنساناً حديدياً صعب المراس على الظروف القاهرة؛ بسبب فجائع البعث وإجرامه؛ فيمم شطره ناحية الدراسة الأكاديمية تلميذاً في جامعات إيران ولبنان وبريطانيا التي تزخر بخيرة المفكرين؛ فكان له حضوره المتميز الذي سوف يخط مساره الفكري المستقبلي في قابل حاضر العراق، بعد سقوط صنم بغداد عام ٢٠٠٣ م، في رفد الحركة الفكرية بمعالم مشروعه النهضوي داخل العراق، والاستنهاضي خارجه.
راقبته؛ فوجدته كالنحلة؛ لا يستكين من الحط على رحيق المعرفة من أجلك وأجلي؛ فقد همستُ لنفسي ذات مرة، حين ألاحق حالة منصته الإعلامية على الوميض الأخضر في الثلث الأخير من وقت السحَر: عجباً لهذا الرجل.. متى ينام!؟ أتراه الآن ممسكاً بين أنامله قلم التأصيل والتأسيس لبناء بقية طوابق مشروعه؟ أم هو قائم يصلي في محرابه من أجل حلِّ عويصةٍ استعصت عليه؛ فاستعان عليها بالصبر والصلاة؟
سفير الفكر الإمامي المستنير:
حين أريد الحديث عن المفكر الإسلامي الدكتور علي المؤمن في عيون قرّائه أو قارئيه؛ فأنا أُفضِّل مفردة قارئيه على قرائه؛ لأنّ الأولى تمثل القراءة الهواية، في حين أن الثانية تعني القراءة التخصصية العميقة. وهو ما بقيت أفعله عند التعليق والتداخل على بعض تجليات كتاباته أو أطروحاته، ولعلها تعليقات ومداخلات لا توفيه حقه في تعريف القارئ العربي المثقف بنتاجه الغزير ومديات وهج عقله الوافر.
الدكتور علي المؤمن عندي، هو سفير الفكر الإمامي المستنير، لا على التوصيف عند المتعلمنين العرب.. المبهورين بالبضاعة الأوروبية أو وكلائهم في عالمنا الإسلامي.. المتسيِّدين للمشهد السياسي والإعلامي الثقافي. هو سفيرٌ في زمنِ ندرة؛ فبأمثاله قلّما يجود الزمان، خاصة مع الواقع المزري الذي يضع العصا في العجلة، إما حسداً من داخل البيت الشيعي ممن لا يروق لهم علو كعبه، أو من طائفيين محليين وإقليميين موتورين يغيظهم تفوق الإسلام الحركي الشيعي الذي يمثله فكرياً. وها هنا تكمن غربة المفكر بالفعل.. غربة صامتة لا يكتوي بنارها إلّا هو، وصبرٌ مريرٌ على قطاف غرسه الفكري الذي يأمل أن يسهم في خدمة الإنسانية جمعاء فيما لو تم هضمه وتفعيل مخرجاته.
إن هموم الدكتور المؤمن وغربته، والتي أحسبها بعدد شعر رأسه، عن قرب ومعايشة هموم مشتركة ودقائق، لا يعلمها إلّا الصنو المماثل، وأتعاب وذكريات حلوة ومرة في الوطن، وفي المهجر، وتشابك خطوط الإسلام الحركي، وخفايا المعارضة وإخفاقاتها ونجاحاتها وانشطاراتها، ومحلّه من الإعراب في مجمل ما ذكرت. وفي خضم تعقيداتها كانت حقبة الصقل والنضج الفكري والتأصيل للمشروع الاستنهاضي الذي ينظِّر له الدكتور المؤمن. أقول: الصقل والنضج وذلك لما لهاتين المفردتين من تماه وامتزاج معنوي في تكوّن تضاريس المشروع؛ لإنه مخاض رحم المعاناة على مستوى المنظومة الفكرية للباحث، وكذلك بيئته الاجتماعية والسياسية، وهو ما تلخص بعضه في كتابه أو نظريته الموسومة بـ «الاجتماع الديني الشيعي: ثوابت التأسيس ومتغيرات الواقع»، وهو في ذات الوقت؛ يبين بجلاء اتكاءاته ومنطلقاته ومصادر فهمه وتوليفاته ومراميه وأهداف مشروعه، وهو بحق أول تصنيف في هذا الحقل، لم يسبقه سابق بحثي عربي، بحسب تتبعي القاصر.
ولا أرى هنا عيباً في مراجعة القناعات وتبدلها عند الباحث؛ فله حججه ومبرراته الموضوعية؛ فما كان بالأمس له ظروفه الموضوعية؛ يمكن أن يصبح اليوم لا حاجة في الاستمرار فيه؛ من أجل تقديم الأهم على المهم، والانتقال إلى موقع يخدم أفضل في الساحة، وهو ما أراه مناسباً من التماس العذر للدكتور المؤمن، وهو ما سوف يأتي.
وقد نجح السيد المؤمن في استثمار الهم السياسي العراقي في المهجر؛ ليخلق منه مناخاً للدراسة والبحث والعلم؛ ففي المهجر غربةٌ وكربة تتصارعُ مع الطموح، وأتصور بأنها كانت مصهر الدكتور المؤمن، وقد جعلت منه إنساناً حديدياً صعب المراس على الظروف القاهرة؛ بسبب فجائع البعث وإجرامه؛ فيمم شطره ناحية الدراسة الأكاديمية تلميذاً في جامعات إيران ولبنان وبريطانيا التي تزخر بخيرة المفكرين؛ فكان له حضوره المتميز الذي سوف يخط مساره الفكري المستقبلي في قابل حاضر العراق، بعد سقوط صنم بغداد عام ٢٠٠٣ م، في رفد الحركة الفكرية بمعالم مشروعه النهضوي داخل العراق، والاستنهاضي خارجه.
راقبته؛ فوجدته كالنحلة؛ لا يستكين من الحط على رحيق المعرفة من أجلك وأجلي؛ فقد همستُ لنفسي ذات مرة، حين ألاحق حالة منصته الإعلامية على الوميض الأخضر في الثلث الأخير من وقت السحَر: عجباً لهذا الرجل.. متى ينام!؟ أتراه الآن ممسكاً بين أنامله قلم التأصيل والتأسيس لبناء بقية طوابق مشروعه؟ أم هو قائم يصلي في محرابه من أجل حلِّ عويصةٍ استعصت عليه؛ فاستعان عليها بالصبر والصلاة؟
سفير الفكر الإمامي المستنير:
حين أريد الحديث عن المفكر الإسلامي الدكتور علي المؤمن في عيون قرّائه أو قارئيه؛ فأنا أُفضِّل مفردة قارئيه على قرائه؛ لأنّ الأولى تمثل القراءة الهواية، في حين أن الثانية تعني القراءة التخصصية العميقة. وهو ما بقيت أفعله عند التعليق والتداخل على بعض تجليات كتاباته أو أطروحاته، ولعلها تعليقات ومداخلات لا توفيه حقه في تعريف القارئ العربي المثقف بنتاجه الغزير ومديات وهج عقله الوافر.
الدكتور علي المؤمن عندي، هو سفير الفكر الإمامي المستنير، لا على التوصيف عند المتعلمنين العرب.. المبهورين بالبضاعة الأوروبية أو وكلائهم في عالمنا الإسلامي.. المتسيِّدين للمشهد السياسي والإعلامي الثقافي. هو سفيرٌ في زمنِ ندرة؛ فبأمثاله قلّما يجود الزمان، خاصة مع الواقع المزري الذي يضع العصا في العجلة، إما حسداً من داخل البيت الشيعي ممن لا يروق لهم علو كعبه، أو من طائفيين محليين وإقليميين موتورين يغيظهم تفوق الإسلام الحركي الشيعي الذي يمثله فكرياً. وها هنا تكمن غربة المفكر بالفعل.. غربة صامتة لا يكتوي بنارها إلّا هو، وصبرٌ مريرٌ على قطاف غرسه الفكري الذي يأمل أن يسهم في خدمة الإنسانية جمعاء فيما لو تم هضمه وتفعيل مخرجاته.
إن هموم الدكتور المؤمن وغربته، والتي أحسبها بعدد شعر رأسه، عن قرب ومعايشة هموم مشتركة ودقائق، لا يعلمها إلّا الصنو المماثل، وأتعاب وذكريات حلوة ومرة في الوطن، وفي المهجر، وتشابك خطوط الإسلام الحركي، وخفايا المعارضة وإخفاقاتها ونجاحاتها وانشطاراتها، ومحلّه من الإعراب في مجمل ما ذكرت. وفي خضم تعقيداتها كانت حقبة الصقل والنضج الفكري والتأصيل للمشروع الاستنهاضي الذي ينظِّر له الدكتور المؤمن. أقول: الصقل والنضج وذلك لما لهاتين المفردتين من تماه وامتزاج معنوي في تكوّن تضاريس المشروع؛ لإنه مخاض رحم المعاناة على مستوى المنظومة الفكرية للباحث، وكذلك بيئته الاجتماعية والسياسية، وهو ما تلخص بعضه في كتابه أو نظريته الموسومة بـ «الاجتماع الديني الشيعي: ثوابت التأسيس ومتغيرات الواقع»، وهو في ذات الوقت؛ يبين بجلاء اتكاءاته ومنطلقاته ومصادر فهمه وتوليفاته ومراميه وأهداف مشروعه، وهو بحق أول تصنيف في هذا الحقل، لم يسبقه سابق بحثي عربي، بحسب تتبعي القاصر.