نؤكد على اهمية فقه السياسة الشرعية للمجاهدين، ونرى أن الحركات الجهادية تواجه في الغالب أوضاعا تتطلب ىمنها التعامل مع أقوام متنوعة ودول شتى وشعوب مختلفة، تقتضي التكيّف مع أحوال متقلبة وأحداث متغيرة، ولذا فنرى أنه يجب على المجاهدين وعلى طلبة العلم منهم وعلى أمرائهم_ كل منهم حسب مستواه ومسؤوليته وطبيعة عمله_ نيل قسط جيد من معرفة أحكام السياسة الشرعية وعلم الضوابط المتعلقة بتحديد الأولويات وتقدير المصالح والمفاسد ففقه الجهاد معظمه فقه مصلحي، مبني على مراعاة المصالح ودرء المفاسد، وكل حركة جهادية لا تحسن هذا الباب المهم من أبواب الدين ولا تتعلم أحكامه فالغالب أنها ستخسر الحرب وتفشل في تحقيق مقاصد الجهاد العظمى حتى وإن حققت النجاح في بعض المعارك هنا وهناك، فالحركات الجهادية تتقدم مع كل نجاح تحققه من الولاية الخاصة إلى الولاية العامة، فإن لم ترب أفرادها وتفقههم بأسلوب سياسة الأمم وكيفية تحييد الأعداء وتكثير الأصدقاء، ترسخ في أذهانهم أنه لا يكفي في العمل السياسي أن يكونوا محقين في تصرفاتهم من حيث أصل المشروعية بل عليهم أن ينظروا جيدا ما هي المصلحة الراجحة التي تحققها تصرفاتهم وما هي المفاسد التي قد تترتب عليها، ثم تدلهم على سبيل معرفة خير الخيرين وتقدير أخف الضررين ....... فما لم تحصل هذه التربية والتهيأة سيرتكب المجاهدون أخطاء سياسة فادحة تضيع ثمار جهود طويلة وتسهل على العدو اختطاف الحركة على مستوى المقاصد والأهداف الكبرى- ولكن مع الأسف لا يفقه البعض الفرق بين ممارسة السياسة الشرعية للحفاظ على مصالح الدين وبين المداهنة على حساب الدين ويرى البعض الآخرون لغفلتهم عن هذا الباب العظيم من أبواب الدين أنه يجب على المجاهدين أن يقولو كل كلمة ويقوموا بكل فعل يهيّج عليهم أمم الأرض قاطبة ويزيد من أعداد خصومهم ويقلل من عدد الأصدقاء أو المحايدين، وأن عليهم أن يخاطبوا الناس دائماً بلغة لا تفقهها إلا شرائح معينة ضيقة من المجتمع وبأسلوب يؤدي إلى تنفير الشعوب منهم وعزل الأمة عنهم ....... ثم يحسبون أن أسلوبهم هذا دليل على صلابة عقيدتهم وصفاء منهجهم ولا يدرون أنه ليس بدليل إلا على قلة عملهم، وضيق أفقهم، وبعدهم عن ((الحنيفية السمحة)) التي بعث بها النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم، واتباعهم سبيل الأمم السابقة التي شددت على نفسها وحملتها أصارا وأغلالا مبتدعة ماكتبها الله عليهم فما رعوها حق رعايتها فباءت بهم إلى الهلاك، أعاذنا الله من شرور هذا السبيل الملك. انتهى
📚من مقال فلنكن كالنحلة للأستاذ أحمد فاروق رحمه الله .
📚من مقال فلنكن كالنحلة للأستاذ أحمد فاروق رحمه الله .