ورقة كانت تزين ذلك الغصن, تارة تحط عليها قطرة ندى، فتتوهج في حُلكة الليل، وتارة يقف بجانبها عصفور يزين الصباح بغناءه لها، وفي يوم هادئ، أحبت الورقة أن تحطّ رحالها على غصن آخر، لكن ما لم تعلمه أن بعض الأغصان لا تليق بها, ليس عيبًا بها، ولكن بعض الأغصان أضعف من أن تحمل ورقة في كنفها، وهذا ما حدث فعلًا، عندما حلقت تلك الورقة ليلتقطها ذلك الغصن، وإذ به غصن متقشف لا يليق بتلك الورقة التي سقطت على الأرض فتحول ربيعها إلى خريف, لم يكن ذنبها أنها أحبت ذلك الغصن، ولكن ذنب عديم المروءة، عندما تُقدم له التضحيات، وتقف بوجه العالم لأجله، حتى يشتد عوده، ويثبت أنها كانت محقة بما تفعله، ولكن العود كان أليّن من أن يُشد، وأقل من أن يُرفع، فبدل من أن يشتد العود لأجلها، اشتد لغيرها، وما مكر المخادع إلا ديّن سيرد عليه لوقت يظن بأنه نُسي أمره, حينها سيعلم أيّ خسارة نسبب بها على نفسه, فقط حين يتجرع مرارات الندم، حين يجد نفسه وحيدًا بحاجة لأي قشة ينجو بها، ولا نجاة لمن كان من المفترض أن يكون حائطًا يحميها من هبة نسيم قد تعكر صفوها، وأن يكون ظلها الذي تحتمي به, أن يرد بعض الجميل بحملها على كفوف الراحة, لكن حائط الأمان هذا سقط على من كان يحتمي به، هل كان ذنبها أنها أحبتك؟ أم لأنها تركت العالم كله لأجلك؟ سأخبرك بالجواب اليقين, كان ذلك لأنك لم تستحقها.