📍دعوات جامعة للخير كله :
عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُول ﷺ : " يَا شَدَّادُ بْنَ أَوْسٍ، إِذَا رَأَيْتَ النَّاسَ قَدِ اكْتَنَزُوا الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ، فَاكْنِزْ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ : اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ، وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ، وَأَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ، وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ، وَحُسْنَ عِبَادَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ قَلْبًا سَلِيمًا، وَلِسَانًا صَادِقًا، وَأَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا تَعْلَمُ، إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ "
أخرجه الطبراني وحسنه الألباني.
قال الشيخ عبد الرزاق البــــــــــــدر حفظه الله :
" معاشر المؤمنين إنها دعوات عظيمة جامعة ما أحوجنا إي والله إلى العناية بها والمحافظة عليها والعناية بالتأمل في معانيها ودلالاتها إنها دعوات جامعة للخير كله أوله وآخره، ظاهره وباطنه، خير الدنيا وخير الآخرة، إنها دعوات من جوامع الكلم وكوامل الدعاء وجوامع الخير.
عباد الله فهذه وصية بالعناية بهذا الدعاء وبكل دعاء صح وثبت عن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، والدّعاء عباد الله عنوان الفلاح ومفتاح كل خير في الدنيا والآخرة.
🔹 وقوله ﷺ في هذا الدعاء : " اللهم إني أسألك الثبات في الأمر " أي أن أثبت على دين الله وأن أستقيم على طاعة الله وأن لا أنحرف ذات اليمين وذات الشمال.
🔹 وقوله ﷺ : " والعزيمة على الرشد " هذا مطلب عظيم ما أحوجنا إليه، والرشد عباد الله هو كل خير وفلاح في الدنيا والآخرة، وكثيرا ما نسمع بالأحاديث والمواعظ النافعة إلا أن عزائمنا فاترة وهممنا ضعيفة
🔹 وقوله ﷺ : " وأسألك شكر نعمتك " شكر النعمة عباد الله من أعظم المنن وأكبر العطايا أن يوزعك الله جل وعلا شكر النعمة وشكرها قائم على أركان؛ فالقلب يشكر الله بالاعتراف بالنعمة، واللسان يشكر الله بالتحدث بها والثناء على الله وحمده بما هو أهله، والجوارح تشكر الله باستعمال النعم في طاعة الله جل وعلا.
🔹 وقوله ﷺ : " وحسن عبادتك " حسن العبادة عباد الله مطلب عظيم ومقصد جليل بل الله جل وعلا لا يقبل العبادة إلا إذا كانت متصفة بهذا ولهذا
🔹 وقوله ﷺ في هذا الدعاء : " وأسألك قلبا سليما " أي قلبا نقيا زكيا مطهَّرا، مطهرا من الشرك والنفاق والغل والحسد ومن كل أمراض القلوب وأسقامها وإذا زكى القلبُ وطاب صلحت الجوارح وحسنت.
🔹 وقوله ﷺ : " ولسانا صادقا " أي يحافظ الصدق ويتحراه في أقواله وأحاديثه، وإذا كان اللسان صادق اللهجة فإن الجوارح كلها تتبعه على الاستقامة.
🔹 وقوله ﷺ في هذا الدعاء : " وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم " هو من جوامع الدعاء وكوامله حيث سأل في هذه الجملة الخير كله ظاهره وباطنه سره وعلنه ما كان منه في الدنيا وما كان منه في الآخرة، فإن قوله : " اللهم إني أسألك من خير ما تعلم " يجمع الخير كله في الدنيا والآخرة.
🔹 وقوله عليه الصلاة والسلام : " وأعوذ بك من شر ما تعلم " من كوامل التعوذ وجوامعه فإنك في هذه الجملة تعوذت من كل شر وكل بلاء وضر، فإن قوله : " وأعوذ بك من شر ما تعلم " يجمع التعوذ كله.
🔹 وقوله في خاتمة هذا الدعاء صلوات الله وسلامه عليه : " وأستغفرك لما تعلم " فيه إقرار العبد بذنوبه وخطاياه وكثرتها وتعددها وأن منها ذنوبا كثيرة لا يعلمها نسيها العبد ولكن أحصاه الله ونسوه، فما أجمل أن يقول المستغفر في استغفاره : " وأستغفرك لما تعلمو" لأن علم الله عز وجل محيط بالسرائر والمعلنات، بالخفيات والظاهرات، بالذنوب المتقدمة والمتأخرة محيط بكل شيء فهو جل وعلا علام الغيوب الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء ولذا ختم النبي عليه الصلاة والسلام هذا الدعاء متوسلا إلى الله بقوله : " إنك أنت علام الغيوب " أي أحاط علمك بكل غائبة عنا، أما في حق الله جل وعلا فالغيب عنده شهادة والسر عنده علانية لا تخفى عليه خافية.
فهذه وصية عباد الله بالعناية بهذا الدعاء العظيم الجامع وهو ثابت عن نبينا عليه الصلاة والسلام ومع العناية به نعنى بالتأمل بدلالاته ومعانيه. ونسأل الله جل وعلا أن يوفقنا جميعا لكل خير وأن يهدينا سواء السبيل إنه تبارك وتعالى سميع الدعاء وهو أهل الرجاء وهو حسبنا ونعم الوكيل "
📚خطبة الجمعة (١٢ /١٠ /١٤٢٧ هـ)
الشيخ عبد الرزاق البدر حفظه الله.