ذكاء الإمام الـطبري وحفـظه
ومما ظهر على ابن جرير ذكاؤه المفرط ، وهو نعمة من الله على عبده ، وفَّقه الله إلى استغلالها في نفعه الدنيوي والأخروي ؛ بتسخيرها في خدمة دينه بالعلم والتعليم.
والذكاء لا شك أنه من أهم مقوِّمات وأسباب التحصيل التام للعلم ، كما قال الشافعي - رحمه الله -:
أخي لن تنال العلمَ إلا بستةٍ ••
سأُنْبيك عن تفصيلها ببيانِ
ذكاءٌ وحرصٌ واجتهادٌ وبُلغةٌ ••
وصحبةُ أستاذٍ وطولُ زمانِ
وابن جرير - رحمه الله - وفِّق لهذه الأسباب الستة كلها.
ويربط كثير من الباحثين بين الذكاء والحفظ على أن الحفظ لازمٌ للذكاء ، وهذا صحيح في الجملة ، لكنه لا يلزم من الذكاء الحفظ ، ولا من الحفظ الذكاء ؛ إذ يوجد حفَّاظ لكنهم بضد ذلك في الذكاء ، وربما يكون ذكيًّا لكنه في الحفظ بليد.
لكنه في الغالب الأعم أن الذكي إذا وَظَّف ذكاءه في حفظه وما ينفعه ، فإنه ينتفع به.
والإمام ابن جرير ممن تكاملت عنده هاتان الصفتان ، ومثله ممن بعده شيخ الإسلام ابن تيمية.
● ومن شواهد هذا أنه - رحمه الله -: حفظ القرآن وعمره سبع سنين ، وأمَّ الناس وعمره ثمان ، وكتب الحديث وعمره تسع ، وهذا في العرف العام يعد طفلاً صغيرًا ، وهو في زمننا هذا لا يخرج من بيته.
● ومن قوة حفظه أيضًا قصته وأقرانه مع شيخهم الحافظ أبي كريب الهمداني الكوفي حيث اختبرهم في حفظ ما ألقاه عليهم ، ولم يجد فيهم من يحفظه إلا الحافظ ابن جرير ؛ فكان أن قرَّبه وأدخله داره من بينهم ، وكان عمره آنذاك في حدود العشرين سنة.
كذا لما دخل ابن جرير مصر ولقي الشيخ أبا الحسن عليَّ بن سراج المصري ، لم يجد ابن سراج في مصر من يحفظ شعر الطرماح بن حكيم (135هـ) سواه ، فأملاه الطبري عليه وفسَّر غريبَه.
وهو - رحمه الله - لم يدخل مصر ويلقى ابن السراج إلا بعد سنة 256هـ ، وكان عمره حينئذٍ ثنتين وثلاثين سنة.
● وذكر عن نفسه أنه طلب من صديقه العَروضَ للخليل بن أحمد الفراهيدي -الإمام المشهور بالعربية وفنونها - قال : فجاء به ، فنظرت فيه ليلتي ، فأمسيت غيرَ عروضيٍّ وأصبحت عَروضيًّا! وذلك لما دخل مصر ومساءلة العلماء كلٌّ في فنه الذي يجيده ، فكان يجيبهم كلهم ، حتى جاءه رجل فسأله عن العروض ، فواعده غدًا ثم أتقنه في ليلة.
● وفي هذا يقول تلميذه عبدالعزيز بن محمد الطبري - في كتابه الذي جمع فيه أخبار شيخه ، ونقل منه ياقوت في معجمه -: كان أبو جعفر من الفضل والعلم والذكاء والحفظ على ما لا يجهله أحد عرفه ؛ لأنه جمع من علوم الإسلام ما لا نعلمه اجتمع لأحد من هذه الأمة ، ولا ظهر من كتب المصنفين ، وانتشر من كتب المؤلفين ما انتشر له.
ومن شواهد فطنته وذكائه - مع ما تقدم - ما روي بالإسناد أن رجلاً تزوج جارية ، فأحبها وأبغضته حتى ضجرت منه ! فقال لها : لا تخاطبيني بشيء إلا قلت لك مثله ، فكم أحتملُك؟ فقالت المرأة في الحال : أنت طالق ثلاثًا. قال : فأبلستُ! فدُلِلْتُ على محمد بن جرير ، فقال لي : أقم معها بعد أن تقول لها : أنت طالق ثلاثًا إن طلقتُك ، فاستحسن هذا الجواب.
والمقصود من هذا توضيح نماذج من نباهة ابن جرير ، وأمثالها مبثوثة في مطولات تراجمه.
رابط الموضوع : https://www.alukah.net/culture/0/78321/#ixzz5qpFsJT6Y
٠٠٠٠٠┈┅•٭📚🌹📚٭•┅┈٠٠٠٠٠
❀ ✍ معًا نتعلم من الحياة ✍ ❀
📲 https://telegram.me/gasas1
ومما ظهر على ابن جرير ذكاؤه المفرط ، وهو نعمة من الله على عبده ، وفَّقه الله إلى استغلالها في نفعه الدنيوي والأخروي ؛ بتسخيرها في خدمة دينه بالعلم والتعليم.
والذكاء لا شك أنه من أهم مقوِّمات وأسباب التحصيل التام للعلم ، كما قال الشافعي - رحمه الله -:
أخي لن تنال العلمَ إلا بستةٍ ••
سأُنْبيك عن تفصيلها ببيانِ
ذكاءٌ وحرصٌ واجتهادٌ وبُلغةٌ ••
وصحبةُ أستاذٍ وطولُ زمانِ
وابن جرير - رحمه الله - وفِّق لهذه الأسباب الستة كلها.
ويربط كثير من الباحثين بين الذكاء والحفظ على أن الحفظ لازمٌ للذكاء ، وهذا صحيح في الجملة ، لكنه لا يلزم من الذكاء الحفظ ، ولا من الحفظ الذكاء ؛ إذ يوجد حفَّاظ لكنهم بضد ذلك في الذكاء ، وربما يكون ذكيًّا لكنه في الحفظ بليد.
لكنه في الغالب الأعم أن الذكي إذا وَظَّف ذكاءه في حفظه وما ينفعه ، فإنه ينتفع به.
والإمام ابن جرير ممن تكاملت عنده هاتان الصفتان ، ومثله ممن بعده شيخ الإسلام ابن تيمية.
● ومن شواهد هذا أنه - رحمه الله -: حفظ القرآن وعمره سبع سنين ، وأمَّ الناس وعمره ثمان ، وكتب الحديث وعمره تسع ، وهذا في العرف العام يعد طفلاً صغيرًا ، وهو في زمننا هذا لا يخرج من بيته.
● ومن قوة حفظه أيضًا قصته وأقرانه مع شيخهم الحافظ أبي كريب الهمداني الكوفي حيث اختبرهم في حفظ ما ألقاه عليهم ، ولم يجد فيهم من يحفظه إلا الحافظ ابن جرير ؛ فكان أن قرَّبه وأدخله داره من بينهم ، وكان عمره آنذاك في حدود العشرين سنة.
كذا لما دخل ابن جرير مصر ولقي الشيخ أبا الحسن عليَّ بن سراج المصري ، لم يجد ابن سراج في مصر من يحفظ شعر الطرماح بن حكيم (135هـ) سواه ، فأملاه الطبري عليه وفسَّر غريبَه.
وهو - رحمه الله - لم يدخل مصر ويلقى ابن السراج إلا بعد سنة 256هـ ، وكان عمره حينئذٍ ثنتين وثلاثين سنة.
● وذكر عن نفسه أنه طلب من صديقه العَروضَ للخليل بن أحمد الفراهيدي -الإمام المشهور بالعربية وفنونها - قال : فجاء به ، فنظرت فيه ليلتي ، فأمسيت غيرَ عروضيٍّ وأصبحت عَروضيًّا! وذلك لما دخل مصر ومساءلة العلماء كلٌّ في فنه الذي يجيده ، فكان يجيبهم كلهم ، حتى جاءه رجل فسأله عن العروض ، فواعده غدًا ثم أتقنه في ليلة.
● وفي هذا يقول تلميذه عبدالعزيز بن محمد الطبري - في كتابه الذي جمع فيه أخبار شيخه ، ونقل منه ياقوت في معجمه -: كان أبو جعفر من الفضل والعلم والذكاء والحفظ على ما لا يجهله أحد عرفه ؛ لأنه جمع من علوم الإسلام ما لا نعلمه اجتمع لأحد من هذه الأمة ، ولا ظهر من كتب المصنفين ، وانتشر من كتب المؤلفين ما انتشر له.
ومن شواهد فطنته وذكائه - مع ما تقدم - ما روي بالإسناد أن رجلاً تزوج جارية ، فأحبها وأبغضته حتى ضجرت منه ! فقال لها : لا تخاطبيني بشيء إلا قلت لك مثله ، فكم أحتملُك؟ فقالت المرأة في الحال : أنت طالق ثلاثًا. قال : فأبلستُ! فدُلِلْتُ على محمد بن جرير ، فقال لي : أقم معها بعد أن تقول لها : أنت طالق ثلاثًا إن طلقتُك ، فاستحسن هذا الجواب.
والمقصود من هذا توضيح نماذج من نباهة ابن جرير ، وأمثالها مبثوثة في مطولات تراجمه.
رابط الموضوع : https://www.alukah.net/culture/0/78321/#ixzz5qpFsJT6Y
٠٠٠٠٠┈┅•٭📚🌹📚٭•┅┈٠٠٠٠٠
❀ ✍ معًا نتعلم من الحياة ✍ ❀
📲 https://telegram.me/gasas1