الجزء الثاني - رقم الفتوى (57) #العقيدة #صلاة_الجنازة #الترحم_على_الكفار
📌السؤال:
السلام عليكم
ما حكم من صلى صلاة الجنازة على مسيحي والدعاء له بالرحمة والتعاون في دفن ميتهم؟
✍️ الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد...
نعيش اليوم زمن الغربة في الدين، قد رأينا فيه العجب العجاب التي لم نتوقع أن نراها منتشرة بهذه الصورة، ومن هذه الأمور المستنكرة: التشكيك في ثوابت الدين ومحكماتها. فمنذ عهد ليس ببعيد لم يكن هذا الأمر محل بحث ونظر، بل كان من المسلمات الشرعية والمعلوم من الدين بالضرورة.
ومن أسباب تغير حالنا اليوم هو انتشار الباطل على ألسنة أناسٍ يدّعون العلم والانتساب للعلماء، وهم في الحقيقة دجالون يعملون لإرضاء سلاطينهم أو جماهيرهم، لا يكترثون بحكم الله ولا يعرفون معنى أن يكون الإنسان موقعاً عن رب العالمين ولا حول ولا قوة إلا بالله. فعلى المسلمين الرجوع لأهل العلم الموثوقين لمعرفة دينهم الحق، كما أن عليهم الترقي بالعلم الصحيح، فالعلم شرط صحة لأي عمل.
واجابة على سؤالك فإنه لا يجوز الصلاة والترحم على من مات كافراً، قال تعالى:
﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ١١٣﴾ (التوبة: 113)
والنصارى من جملة الكفار، قال تعالى:
﴿لَّقَدۡ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡمَسِيحُ ٱبۡنُ مَرۡيَمَۚ﴾ ( المائدة : 18 )
وقال تعالى:
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ٧٣﴾ (المائدة: 73)
واذا قائل قائل: لكن بعض الكفار احسن سلوكاً من غيرهم، فهل هم جميعاً في نفس المرتبة عند الله؟
والجواب: لا يلزم تفاوت الكفار في المعاصي ادخال بعضهم في دائرة الإسلام، لكن كما أن الجنة درجات فالنار دركات تتفاوت فيها عذاب أصحابها، عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عيليه وسلم: (( إنَّ أهْوَنَ أهْلِ النَّارِ عَذابًا يَومَ القِيامَةِ رَجُلٌ، علَى أخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَتانِ، يَغْلِي منهما دِماغُهُ كما يَغْلِي المِرْجَلُ والقُمْقُمُ )) ( البخاري 6562 مسلم 213 )، وفي رواية ابن عباد أن هذا المذكور في الحديث هو عم النبي صلى الله عليه وسلم أبو طالب.
ومن المعلوم أن أبا طالب كان محسناً للنبي صلى الله عليه وسلم، لكن احسانه هذا لم يشفع له بأن يدخله الجنة، بل أقصى ما يفعل بصاحبه أن يخفف عنه من عذا النار.
فإن قال قائل: إن كان الكافر قد يخفف عنه من العذاب بسبب احسانه فلماذا لا يجوز الاستغفار له بهذا القصد؟
قلنا، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم – وهو أحب خلق الله لله- قد استأذن الله في الاستغفار لأمه فلم يأذن له، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أنْ أسْتَغْفِرَ لِأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي، واسْتَأْذَنْتُهُ أنْ أزُورَ قَبْرَها فأذِنَ لِي)) ( مسلم 976 ).
أما مسألة اتباع جنازة الكافر فلم يرد في ذلك نص صريح يمنع ذلك، وإنما رأى بعض أهل العلم عدم الجواز لأن ذلك تابع للاستغفار له، وأجاز آخرون اتابع الجنازة لضرورة كأن أو قرابة.
عن ابن أبي شيبة عن وكيع عن سفيان عن حماد عن الشعبي قال: (( ماتت أم الحارث بن أبي ربيعة وهي نصرانية فشهدها أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم )) ( المصنف 3/32 ).
فعلى هذا فلا بأس في اتباع جنازة الكافر إذا كان جاراً أو قريباً أو كان لحاجة. وننبه هنا أنه لا يجوز مطلقاً أن يشهد المسلم شركاً أو كفراً من طقوس الكفار في كنائسهم كتعظيمهم للصليب ودعائهم غير الله وما الى ذلك.
قال تعالى: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا١٤٠﴾ ( النساء: 140 )
والله أعلى وأعلم
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
🔺لمتابعة قناة الفتاوى هنا :
https://t.me/fatawasham