الموانع من الاستقامة شبهات الضلال أو شهوات الغي.
📝قال الشيـخ عبد الرزاق البدر حفظه الله :
" فالشبهات والشهوات قواطع وموانع صادّةٌ عن الاستقامة؛ والسائر علىٰ صراط اللّٰه المستقيم يمرُّ في سيره باستمرار بشبهاتٍ وشهوات تصرفه وتحرفه عن صراط اللّٰه المستقيم، فكل من ينحرف عن الاستقامة؛ إما ينحرف عنها بشهوة أو بشبهة، والشهوة فساد في العمل، والشبهة فساد في العلم، قال تعالىٰ ﴿ وَإِنَّ هـذا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتّبِعُوا السُّبُل فَتَفَرقَ بكم عن سبيله ﴾، جاء في حديث عبد اللّٰه بن مسعود رضي اللّٰه عنه في "مسند الإمام أحمد (٤١٤٢)" قال: «خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللّٰه ﷺ خَطًّا ثُمَّ قَالَ: «هَذَا سَبِيلُ اللّٰهِ، ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يمينه وعن شِمَالِه، ثمّ قال: هذه سُبُلٌ مُتَفَرِّقَة، على كلّ سبيل منها شيطان يَدْعُو إليه». ثمّ قرأ ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِى مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾».
والشيطان الذي يدعو إلىٰ الانحراف عن صراط اللّٰه المستقيم، دعوته إلى الانحراف عن صراط اللّٰه المستقيم إمَّا بشبهة أو بشهوة، فإذا رأى فيه التفريط حبب إليه الشَّهوات، وإذا رأىٰ عليه الحرص والمحافظة أدخل عليه الشبهات.
🖋كما قال بعض السلف: «ما أمر اللّٰه تعالىٰ بأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان: إما إلىٰ تفريط وتقصير، وإما إلىٰ مجاوزة وغلو، ولا يبالي بأيِّهما ظفر»،
📝قال ابن القيِّم رحمه اللّٰه:
«وقد اقتطع أكثر الناس إلا أقل القليل في هذين الواديين: وادي التقصير ووادي المجاوزة والتعدي، والقليل منهم جدًّا الثابت علىٰ الصِّراط الذي كان عليه رسول اللّٰه ﷺ وأصحابه»
📚[ إغاثة اللهفان (١٣٦/١) ]
وهنا ينبغي أن نستحضر مثلًا بديعًا عظيمًا، وهو في غاية النَّفع، ثبت في "المسند" و"الترمذي" وغيرهما من حديث النَّوّاس بن سمعان رضي اللّٰه عنه عن رسول اللّٰه ﷺ قال: «ضرب اللّٰه مثلا صِرَاطا مُسْتَقِيما، وعلى جنْبتَي الصرَاط سُورَان، فيهما أبواب مُفَتَّحة، وعلى الابواب ستور مُرْخَاة، وعلى باب الصِّرَاط دَاعٍ، يقول: أيّها النّاس ادخلوا الصِّرَاط جميعا ولا تَتَفَرَّجُوا، ودَاعٍ يَدْعُو من جَوفِ الصِّرَاطِ، فَإِذَا أَرَادَ يَفْتَحُ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الابواب قال: وَيْحَكَ لا تَفْتَحْهُ فَإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ، وَالصِّرَاطُ: الاسْلامُ، وَالسُّورَانِ: حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى، وَالابْوَابُ الْمُفَتَّحَةُ: مَحَارِمُ اللَّهِ تَعَالَى، وَذَلِكَ الدَّاعِي عَلَى رَأْسِ الصِّرَاطِ: كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالدَّاعِي فَوْقَ الصِّرَاطِ: وَاعِظُ اللَّهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ»
📚 [ أخرجه أحمد (١٧٦٣٤)، والترمذي(٢٨٥٩)، والحاكم(١٤٤/١)، وصححه ووافقه الذهبي، والألباني في "صحيح الجامع" (٣٨٨٧) ]
فتصور المثل ينفعك اللّٰه به، ضرب اللّٰه مثلًا صراطًا مستقيمًا، وعلىٰ جنبتي الصراط سوران (جداران)، تمشي في طريق مستقيم علىٰ يمينك جدار، وعلىٰ يسارك جدار، وهذه الأبواب عليها ستورٌ مرخاة، وأنت تعلم أن الباب الذي عليه ستارة ليس كالباب الذي عليه كوالين ومفاتيح، فالباب الذي عليه ستارة تدخله بلا كلفة، لا يعوقك عن الدخول شيء، والمسلم المستقيم إذا أرادت نفسه أن تدخل في شهوة يجد قلبه ينقبض ويلفظها، ولا يجد راحة ولا طمأنينة، فهذا واعظ جعله اللّٰه في قلب كل مسلم.
والشاهد من هذا الحديث أن جنبتي طريق الاستقامة أبواب تخرج الإنسان عن طريق الاستقامة، وهذه الأبواب ترجع في الجملة إلىٰ أمرين: إمَّا شُبُهات، أو شهواتٌ؛ وخروج العبد عن الاستقامة إما بشبهة أو بشهوة.
📝قال ابن القيِّم رحمه اللّٰه:
«وقد نصب اللّٰه _سبحانه_ الجسر الذي يمُرُّ الناس من فوقه إلىٰ الجنة، ونصب بجانبيه كلاليب تخطف الناس بأعمالهم، فهكذا كلاليب الباطل من تشبيهات الضلال، وشهوات الغي، تمنع صاحبها من الاستقامة علىٰ طريق الحق وسلوكه، والمعصوم من عصمه اللّٰه»
📚 [ الصواعق المرسلة (١٢٥٦/٤) ]
والعبد في هذا المقام يحتاج إلىٰ نوعين من الهداية ليسلم له سيره، وهما: الهداية إلىٰ الصراط المستقيم، والهداية في الصراط المستقيم، قال ابن القيِّم رحمه اللّٰه: «فالهداية إلىٰ الطريق شيء، والهداية في نفس الطريق شيء آخر، ألا ترىٰ أن الرجل يعرف أن طريق البلد الفلاني هو طريق كذا وكذا، ولكن لا يحسن أن يسلكه، فإن سلوكه يحتاج إلىٰ هداية خاصة في نفس السلوك، كالسير في وقت كذا دون وقت كذا، وأخذ الماء في مفازة كذا مقدار كذا، والنزول في موضع كذا دون كذا، فهذه هي هدايةٌ في نفس السير قد يهملهما من هو عارف بأن الطريق هي هذه، فيهلك وينقطع عن المقصود»
📚 [ رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه صـ٩ ]
📚المصْــــدَرُ كتاب عشرة قواعد في الإستقامة (صـ24 - 28)
•••●◆❁🌸🌼🌸❁◆●•••
•
●قناة الفوائد للعلامة عبدالرزاق البدر حفظه الله ●•