وقفة عند إحدى مُعجزاتِ إمامِنا الجواد تُبيّنُ لنا أثَرَ نظرةِ الُّلطفِ مِن الإمامِ المعصومِ في بعثِ الحياةِ في الكائناتِ الميّتة:
❂ يُحدِّثُنا أبو هاشم الجعفري أحدُ أصحابِ الأئمّةِ يقول:
(صلّيتُ مع أبي جعفر -إمامِنا الجوادِ عليه السلام-
في مسجدِ المُسَيّب، وصلّى بنا في موضِعِ القِبلةِ سواء، وذكر -أبو هاشم الجعفري-
أنّ السِدرةَ الّتي في المسجد كانت يابسةً ليس عليها وَرَق، فدعا الإمامُ الجوادُ بماءٍ وتهيّأ -بالوضوءِ كي يُصلّي-
تحت السِدْرة، فعاشت السِدرةُ وأورقت وحملتْ مِن عامِها) [الوسائل-ج4]
❂ أيضاً في روايةٍ أُخرى يُحدّثُنا محمّد بن عُمر يقول:
(رأيتُ محمّدَ بن عليٍّ -يعني الجواد صلواتُ اللهِ عليه- يضعُ يدهُ على مِنبرٍ فتُورِقُ كُلُّ شجرةٍ مِن نوعِها، وإنّي رأيتُهُ يُكلِّمُ شاةً فتُجيبُهُ) [دلائل الامامة]
رِوايتان مِن رواياتِ المعاجزِ والفضائلِ لإمامِنا الجواد عميقتا الدلالةِ والمعنى بما فيهما مِن إشاراتٍ تُبيّنُ لنا أثرَ نظرةِ المعصومِ وألطافِهِ الخفيّةِ والجليّةِ في بَعْثِ الحياةِ في الكائناتِ الميّتةِ والقُلوبِ الميّتة
[توضيحات]✦ قولِهِ:
(رأيتُ محمّدَ بن عليٍّ يضعُ يدَهُ على مِنبرٍ فتُورِقُ كُلُّ شجرةٍ مِن نوعِها) الّذي يبدو مِن العبارةِ أنّ هذا المِنبرَ قد صُنِعَ مِن أوراقٍ مِن شَجَرٍ شتّى، فالمِنبرُ يُصنَعُ مِن الخشب والخشب يُؤتى به مِن الشجَر،
فهذا المِنبرُ الّذي كان الإمامُ قريباً مِنه صُنِعَ مِن أخشابٍ مِن شجَرٍ شتّى، والروايةُ تقول: أنّ الإمامَ ما إن يَمدُّ يدَهُ الشريفةَ على مَوضِعٍ في المِنبرِ إلّا ونبتتْ كُلُّ خَشَبةٍ مِن أخشابِهِ وأورقت وخرجت فُرُوعُها! حتّى لم يَبقَ ورقةٌ في المِنبرِ إلّا ونبتتْ بهيئةِ شجرتِها الأولى!
هاتانِ الروايتان تشتملان على مضمونِ بعْثِ الحياةِ في مَوتى الكائناتِ بنظرةِ لُطفٍ مِن الإمامِ المعصوم
• فالروايةُ الأولى تشتملُ على هذا المضمون:
بَعْثِ الحياةِ في هذه الشجرةِ الهامدةِ الميّتة،
• والروايةُ الثانيةُ أيضاً تشتملُ على نفسِ هذا المضمون؛
وهو بَعْثُ الحياةِ في مِنبرٍ صُنِعَ مِن أخشابٍ يابسةٍ مِن شجَرٍ شتّى بلُطفِ الإمامِ المعصومولذا ونحنُ في ليالي أوّلِ أشهُرِ الرحمة والألطاف وفي ليالي ميلادِ إمامِنا باب المُراد صلواتُ اللهِ عليه إنّنا نستشرِفُ معنى الحياة، ونتوسّلُ إمامَ زمانِنا أن ينظُرَ لِقُلوبِنا نظرةً تبعثُ فيها الحياةَ كما بعث إمامُنا الجواد الحياةَ في تلك الشجرةِ الهامدةِ الميّتة، وكما بعث الحياةَ في أخشابِ ذاك المِنبرِ الّذي ماتت أخشابُهُ وتيبّست، فإنّ بعْثَ الحياةِ في قُلوبِنا القاسيةِ الميّتةِ لا يتحقّقُ إلّا بلُطفِ إمامِ زمانِنا صلواتُ اللهِ عليه فها نحنُ نمدُّ يدَ الضراعةِ والتوسُّلِ ونمدُّ يدَ الاستجداء لإمامِ زمانِنا بأن ينظُرَ إلينا بنَظَرِ لُطفِهِ وعطفِهِ وكرامتِهِ كي يبعثَ الحياةَ في قُلُوبِنا القاسيةِ الّتي أماتتها الذُنوبُ وأماتَتها سكْرةُ الغفلةِ والإعراضِ عنه صَلَواتُ اللهِ عليه
نتوسّلُ إمامَ زمانِنا أن يبعثَ الحياةَ في هذه القُلوبِ الّتي ندّعي أنّها مليئةٌ بحُبّهِ وبالشوقِ إليه ولكنّ أفعالَنا تُناقِضُ ادّعاءتِنا! فنحنُ ندّعي بألسنتِنا أنّنا نُحِبُّ الإمامَ صلواتُ اللهِ عليه ونشتاقُ إليه ولكن مَن قال أنّ إمامَ زمانِنا يقبلُ مِنّا هذه الولايةَ الّتي ندّعيها ونتظاهرُ بها ثمّ نأتي بأفعالٍ تُخالفُها؟!
ولذا نتوسّلُ إمامَ زمانِنا في ليالي ميلادِ جدّه وحيدِ الرضا؛ جوادِ الأئمّةِ صلواتُ اللهِ عليه أن ينظُرَ إلينا بنظرِ لُطفِهِ وبنظَرِ عفوهِ وكرامتِهِ وأن يبعثَ الحياةَ في قُلوبِنا ويرويها بمَعينِ معرفتِهِ وبكوثرِ التسليمِ إليه والتوفيقِ لخدمتِهِ ونُصرتِهِ وإحياءِ أمرِهِ الشريف بالنحوِ الّذي يُريد في غَيبتِهِ وحُضورِهِ، فالحياةُ الحقيقيّةُ هي هذه كما يقولُ القرآن:
{يا أيُّها الّذين آمنوا استجيبوا للهِ وللرسولِ إذا دعاكم لِما يُحييكم}فدعوةُ نبيّنا الأعظم هي دعوةُ الحياة..وفي ثقافةِ أهلِ البيتِ الحياةُ الحقيقيّةُ هي في ولاءِ عليٍّ وآلِ عليٍّ والكونِ معهم صلواتُ اللهِ عليهم وبعبارةٍ أدق: الحياةُ الحقيقيّةُ بالنسبةِ لنا نحنُ أهلُ زمانِ الغَيبةِ هي الكونُ مع إمامِ زمانِنا، كما نُخاطِبُهُ في زيارتِهِ الشريفة:
(السلامُ عليك يا عينَ الحياة)وكما يقولُ إمامُنا الباقر في قولِهِ تعالى:
{أو مَن كان مَيتاً فأحييناهُ وجعلْنا له نوراً يمشي به في الناس} قال:
الميّتُ الّذي لا يعرفُ هذا الشأن -طأي لا يعرفُ أمرَ الولاية-
وقولُهُ:{فأحييناهُ وجعَلْنا له نوراً} يعني جعلنا له إماماً يأتمُّ به) [تفسير العيّاشي]
ولايةُ أهلِ البيتِ هي الّتي تبعثُ الحياةَ في القلوب، ومَظهرُ الولايةِ في زمانِنا: هو إمامُ زمانِنا، لأنّنا نعيشُ في زمانِه وكلُّ شيعةٍ ستُسألُ يومَ القيامةِ عن إمامِ زمانِها
●➼┅═❧═┅┅───┄
🔘
@alwilaya