قناة | أبي جعفر عبدالله الخليفي


Channel's geo and language: Iran, Persian
Category: Religion


القناة الرئيسية:
t.me/alkulife
قناة الدروس العلمية:
t.me/doros_alkulify
أسئلة عامة مع عبد الله الخليفي:
t.me/swteat_k
صوتيات الخليفي:
t.me/swteat_alkulife
تعزيز القناة : https://t.me/alkulife?boost

Related channels  |  Similar channels

Channel's geo and language
Iran, Persian
Category
Religion
Statistics
Posts filter


التدجين بـ(الميمز)…

قد يرى بعض الناس أن من المشين لطلاب العلم الكلام في هذه الأمور، غير أن هذه المسائل لها اتصال بتشويه مفاهيم شرعية، وهدم أسر وتشتيت أبناء وإتعابهم نفسياً، ثم نحن نتعامل مع هذه النتائج في صورتها الأخيرة، فلا بد إذن من معالجة الداء منذ بداية ظهور أعراضه.

ما يسمى بـ"الميمز" هو نمط صور فكاهية منتشر بين أبناء الجيل الجديد، حيث يضعون صوراً ثابتة لقطط أو أشخاص بتعابير معينة، ثم يُركِّبون عليها كلاماً مضحكاً لمن تأمله مع الصورة.

ظهرت لي مرة صورة في الفيس بوك ونظرت في التعليقات فصارت تظهر لي هذه الصور باستمرار، وعامتها لقطط، لذا هي منتشرة بين كل الطبقات حتى الملتزمين والملتزمات.

لاحظت أن الصور التي تنتشر بين النساء (والرجال تبعاً) وتكون عليها تفاعلات كبيرة -لهذا تظهر لي- تتمحور حول مواضيع معينة.

وهي باختصار تحويل سوء خُلُق المرأة ونشوزها إلى حدث مضحك، ينبغي للرجل أن يتقبله على أنه نكتة.

قد تراني مبالغاً، ولكنك إن تتبعت ستتعجب من الأمر وأنه حقاً يتمحور حول هذه الجزئية.

فصورة تتكلم عن امرأة تمثل أنها نائمة لكي لا تحضِّر الفطور لزوجها، والصورة لطفلة نائمة.

وأخرى لقطة مرسومة بالذكاء الاصطناعي وهي تبكي وعليها عبارة: (اتصل بماما خليها تجي تخودني) ويعلق عليها صاحب المنشور أن المرأة تقول هذا إذا لم يرضَ الرجل أن تضع له زوجته ثلجة على قفاه، ومرة كتبوا إذا لم يرضَ أن تعضه، وأخرى كتبوا إذا لم يرضَ أن تصرخ في أذنه.

وأخرى فيها صورة رجل مرسوم على يده آثار العض وفتاة تبكي خلف والدها، ووالدها يقول: (ابنتي لا تفعل ذلك بدون سبب، لا شك أنك استفززتها).

وأخرى صورة قطط تتقاتل، تصوِّر أن امرأة تقاتل زوجها وتكلمه باستهانة، وعلقت عليها الكاتبة بأنها بهذه الطريقة تعاملت مع وصية أمها لها في أن تداري زوجها.

وأخرى تذكر أن الرجل مطحون من الديون والتعب في العمل، وهي تدخل تنكِّد عليه أو تطلب منه مالاً وفيراً.

تأمَّل في كل هذه التصورات، كلها تتمحور حول أذية الرجل بدنياً ونفسياً، أو عدم القيام بحقه، ولو كان شيئاً عابراً لتركتُه ولكنني وجدت أن هذا بالذات هو المنتشر، وما ذكرتها عيِّنات، وكثيراً ما يُخرِج المرء في المزاح مكنونات نفسه.

ونحن في زماننا تنتشر النسوية والاستحقاقية وأساطير يُبرَّر بها سوء الخلق وعدم ضبط النفس، مثل الأنوثة الحقيقية (والتي تساوي الإفراط في الدلال إلى درجة سوء الخلق) أو الرجولة الحقيقية (وهو الإفراط في الاحتمال إلى درجة سقوط الحق وإفساد الطرف الآخر) وأمر الهرمونات وغيرها.

فتكرار مثل هذه المادة في سياق مضحك له أحد نتيجتين:

النتيجة الأولى: أن تتقبل المرأة هذه السلوكيات، ومحاكاتها لها، وعدم اعتبارها عيوباً ينبغي إصلاحها أو ذنوباً ينبغي الاستغفار منها، فالمشكلة في زماننا أن كلاً من الرجل والمرأة يغلطان، ولكن غلط المرأة يحظى بتبريرات أكبر مع نفَس المظلومية المنتشر (وأعلم أنهم سيعلقون على كلامي بأنني أسكت عن الرجل وهذا كذب).

والنتيجة الثانية: أن يتدجن الرجل ولا يمارس قوامته، وهذا يُفسِد البيت ولا يصلحه، بل ذلك نقص في دينه ورجولته.

وفي الشريعة الحث على الصبر على ما يصدر من النساء من أمور لا تكاد تخلو منها امرأة، كما ورد في الحديث: «لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً أحب منها آخر» والحديث الوارد في أنهن خلقن من ضلع أعوج وإن استمتعت بها استمتعت بها على عوج.

غير أن ذلك لا يفتح الباب على مصراعيه للنشوز وسوء الخُلُق وعدم إصلاح النفس، والتحجج بالهرمونات لترك الاعتذار وإصلاح النفس.

فقد ورد الخبر في كفران العشير وأنه من أسباب دخول النساء النار، وورد الحديث في لعن من تمتنع عن فراش زوجها، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: «لا ينظر الله تبارك وتعالى إلى امرأة لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه» رُوي مرفوعاً، والصواب أنه من كلام عبد الله بن عمرو.

وكثير من الدعاة والمثقفين والمؤثِّرين يكتفون بجزء من الخطاب الشرعي محاباةً للجمهور النسائي، وفي محاولة لإنقاذهن من الإلحاد أو كره الدين، تلك الورقة التي تلوِّح بها كثير منهن دائماً في عملية ابتزاز عاطفي لا ينبغي أن تدخل في البحث العقدي والشرعي، وقد قال تعالى: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا} [الأحزاب].

ولا أنسى تلك الرسالة التي نشرها بعض الدعاة عن شخص يقول إن أمه صرحت له أنها متمسكة بقائمة المنقولات، لأن بناتها لا يبنين بيتاً لما هُنَّ عليه من سوء الخُلُق، فتريد هذه الورقة لتربط بها الرجل، وهذا مثال على التعايش مع سوء الخُلُق وإيجاد حلول مزعومة، وهي ظالمة ومدمرة، فتلك الصور (الميمزات) لا يمكن أن نفصلها عن هذا الواقع المشاهد.


كن كالسحاب…

قال الإمام أحمد في مسنده: "16779 -حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا ابن أبي ذئب، عن الحارث بن عبد الرحمن، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، قال: بينا نحن مع رسول الله ﷺ بطريق مكة إذ قال: «يطلع عليكم أهل اليمن كأنهم السحاب، هم خيار من في الأرض» فقال رجل من الأنصار: ولا نحن يا رسول الله؟ فسكت. قال: ولا نحن يا رسول الله؟ فسكت، قال: ولا نحن يا رسول الله؟ فقال في الثالثة كلمة ضعيفة: «إلا أنتم»".

أقول: هذا الحديث من زوائد المسند على الستة، وقد حسنه جماعة مع إيراد البزار له في مسنده المعلل.

وحين قرأته تذكرت بيتاً يردده الدراويش:

تحيا بكم كل أرض تنزلون بها ... كأنكم في بقاع الأرض أمطار

فلماذا شبَّه النبي ﷺ أهل اليمن بالسحاب ويوصف بهذا المهاجرون والأنصار من باب أولى؟

السحاب يأتي بالمطر الذي تحيا به الأرض، فالسحاب يحمل المطر.

والوحي حياة، وشبَّهه رب العالمين بالمطر: {أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق} [البقرة].

وفي الحديث الذي رواه أبو موسى الأشعري اليماني: «مَثَل ما بعثني الله من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب الأرض».

فكل حامل علم هو كالسحاب، وقد ورد في الخبر: «الإيمان والحكمة يمانية»، خصوصاً إذا كان يجتهد في إيصال الخير للناس.

والمطر به حياة الأرض، وكانوا يضربون المثل للرجل السخي بالمطر.

وقد كان اليمانيون أهل إيثار وتآخٍ ومواساة:

قال البخاري في صحيحه: "2486 -حدثنا محمد بن العلاء، حدثنا حماد بن أسامة، عن بريد، عن أبي بردة، عن أبي موسى، قال: قال النبي ﷺ: «إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني وأنا منهم»".

فمن كان سخياً بماله وعلمه كان كالسحاب تحصل به الحياة، وأعظم الحياة حياة القلب بالتوحيد {أومن كان ميتا فأحييناه} [الأنعام].

وفي الصحيح: «من أعتق رقبة مسلمة، أعتق الله بكل عضو منه عضوا من النار، حتى فرجه بفرجه».

هذا فيمن أعتق رقيقاً من عبودية جزئية لا تناقض التوحيد، فكيف بمن أخرج العباد من عبادة العباد لعبادة رب العباد، فنهاهم عن الشرك وعلمهم التوحيد، لا شك أن ثوابه أعظم ورجاءه أكبر، اللهم لا تحرمنا من فضلك الواسع الجم.








الذكاء الاصناعي والمخدرات النفسية 👇


لما مدح أبو طالب النبيَّ الكريم ﷺ قال فيه:

وأبيضَ يُستسقَى الغَمامُ بوَجهِه... ثِمالُ اليتامى عِصمةٌ للأراملِ

يعني أنه يطعم اليتامى ويعصم الأرامل مما يسوءهن، وكان هذا خُلُقه قبل النبوة وبعدها، غير أنه بعد النبوة والوحي صار هذا خُلُق أمة لا يزال فيها الخير.

ولما كان جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يعيل يتيمات اشترى منه النبي ﷺ جمَله، ودفع إليه الثمن ثم رد الجمل، والحديث في الصحيحين، فهذا الصنيع سنة.

وأذكر أنني قديماً اطلعت على كتاب بعنوان «المستجاد في فعلات الأجواد» جمع صاحبه أخبار الأسخياء، كمثل صنيع صاحبنا الذي اشترى البيت أثابه الله عز وجل.

ومثل هذا حسن أن يُنشر، ففيه تشجيع على مثل هذا، وقد قال تعالى: {إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم} [البقرة].

فصدقة السر أفضل والعلانية مقبولة، وقد تفضل العلانية إذا كان فيها تشجيع على مثل صنيع الرجل، كالوارد في حديث: «من سن في الإسلام سنة حسنة»، فالحديث في رجل سبق إلى الصدقة فتشجع الناس من بعده.


فائدة في التعقيب على فائدة مشتهرة عند متأخري الحنابلة عند البرق...

بمناسبة الأمطار في بلادنا أود إفادة طلاب العلم بهذه الفائدة.

قال البهوتي في «كشاف القناع»: "فائدة روى أبو نعيم في الحلية بسنده عن أبي زكريا قال: من قال: «سبحان الله وبحمده» عند البرق، لم تصبه صاعقة".

هذه الفائدة فشت في الحنابلة بعد البهوتي، ونقلها غير واحد، وعليها تعقيب.

قال ابن أبي شيبة في «المصنف»: "31174- 29823- حدثنا ابن مبارك، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن ابن أبي زكريا قال: من سمع صوت الرعد فقال: سبحان الله وبحمده، لم تصبه صاعقة".

أقول: وهذا سند قوي، فهو ابن أبي زكريا وليس (أبو زكريا)، وهو عبد الله بن أبي زكريا: إياس، وقيل: زيد الخزاعي، أبو يحيى الشامي.

تابعي شامي، كان من كبار عباد أهل الشام وزهادهم في زمنه، حتى فضلوه على عمر بن عبد العزيز.

وقال أبو مسهر: سمعت سعيد بن عبد العزيز يقول: كان عبد الله بن أبي زكريا سيد أهل المسجد. قلت: بأي شيء سادهم؟ قال: بحسن الخلق.
وقال علي بن عياش الحمصي، عن اليمان بن عدي: كان عبد الله بن زكريا عابد الشام، وكان يقول: ما عالجت من العبادة شيئا أشد من السكوت.
وقال أيوب بن سويد، عن الأوزاعي: لم يكن بالشام رجل يفضل على ابن أبي زكريا.

ومناقبه كثيرة.

هذا أولاً.

وثانياً: الخبر في الرعد وليس في البرق، وبينهما فرق، فالرعد ذلك الصوت المهيب، وأما البرق فذلك اللمعان في السحاب، لهذا يُربط البرق بالبصر عادةً في النصوص: {يكاد البرق يخطف أبصارهم} [البقرة].

ورواه بذكر الرعد لا البرق ابن أبي الدنيا في «الرعد والبرق» عن ابن أبي زكريا، وهذان مصدران أعلى من الحلية.

ورواه أيضاً بذكر الرعد أبو الشيخ الأصبهاني في «العظمة» والطبري في تفسيره.

وقد ذكروه من رواية عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عنه ومن رواية الأوزاعي عنه، غير أن في السند إلى الأوزاعي كلاماً.

والوحيد الذي رواه بذكر البرق أبو نعيم في الحلية، وفي السند للأوزاعي عقبة بن علقمة، وهو صدوق، غير أنه يغرب أحياناً عن الأوزاعي، فرواية الآخرين أرجح، وهي رواية عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن ابن أبي زكريا.

والتسبيح أنسب مع الرعد {ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته} [الرعد].

وثبت عن عبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير ذكر التسبيح عند الرعد، فابن الزبير كان يقول: «سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته»، وابن عباس يقول: «سبحان الذي سبَّحتَ له»، وكلاهما ثابت.


لماذا يجبرك عقلك على إحياء أسوأ ذكرياتك؟
بقلم سكاشي كول.

ربما هذا سؤال طرحه كثير منا على نفسه: لماذا الذكريات الحزينة والمغضبة والمحرجة عسيرة النسيان؟

في الواقع هذا أمر فاش في البشر، حتى بحثه علماء الأعصاب وظهر فيه حكمة إلهية بالغة، أرجعوها هم لهراء التطور.

خلاصة ما قالوه: إن العقل يحتفط بالذكريات السيئة لأنها عبرة، فيحتفظ بها حتى لا تُكرر.

جاء في المقال المشار إليه: "من منظور التطور، من المهم جدا البقاء على قيد الحياة. إذا عاملك الناس بشكل سيئ، فإنك تتذكر ذلك لبقية حياتك. لقد كانت إحدى الوظائف التطورية الرئيسية لإبقائنا على قيد الحياة"، كما قال مينغ تشو، أستاذ في قسم علم وظائف الأعضاء بجامعة تورنتو ورئيس قسم علم الأعصاب والصحة العقلية في مايكل سميث: "نتذكر من لا يحسن إلينا، بهذه الطريقة ننجو. أولئك الأشخاص الطيبون معك، الذين لا يزعجون بقاءك، تميل إلى عدم تذكرهم"، كما أوضح تشو".

أقول: كان الناس قبل ظهور نظرية التطور يُرجعون الأمر للحكمة الإلهية، فيقولون: خلق الله كذا وكذا، لحكمة كذا وكذا، كما ترى في شرح تشريح ابن سينا لابن النفيس، وبعد نظرية التطور تراهم يقولون: (طوَّر الدماغ الآلة الفلانية للحصول على النتيجة الفلانية)!

وهذه فلسفة وليست علماً، والذكريات المؤلمة لا تتعلق بالبقاء فحسب، وإن كان لا يبعد في الحكمة الإلهية أن يُنعم الله عز وجل علينا بما يضمن بقاءنا، بل هذا المتعين {ربُّنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى}، ولكن البشر يتأذون من أمور أخرى تتعلق بالأخلاق والسمعة والتدين.

هذا الذي يذكرونه هنا في شأن تذكر الذكريات السيئة يشبه إلى حد كبير تلك الموعظة عن رجل عمل بحسنة فدخل بها النار، وذلك أنها غرَّته وآخر عمل سيئة فدخل بها الجنة، وذلك أنه بقي يتذكرها ويستغفر الله ويعمل الأعمال الصالحة ليكفِّرها.

فهذا الإنسان نفعه تذكُّر الأمر السوء.

على أننا ينبغي أن نفهم أن ذلك لا ينبغي أن يكون باباً للقنوط وإغراق النفس باليأس والحزن وترك الفرح بالحسنة وبفضل الله، بل هذه الفائدة لتعلم أن الذكرى المؤلمة قد تكون نافعة لك جداً، وأن من رحمة الله عز وجل في كثير من الأحيان أن يحصل لك موقف مؤلم تعتبر به، فيقيك مما هو أكثر إيلاماً وفتكاً.










الحقائق المؤلمة ضرورية للراحة 👇


=
ومن الناس من يبهره نظم القرآن وسلاسته، وما فيه من بيِّنات عقلية في إثبات النبوات والإلهيات والمعاد والقصص ذوات العبر، والحث على عموم الفضائل مع الوعد والوعيد والكلام عن العالم الغيبي، مع الأحكام بسلاسة تامة وعجز العرب عن الإتيان بمثله.

ويعدُّون ذلك في أعلى دلائل النبوة.

ومنهم من يبهره أمر العبادة التي فيها مشقة والحث على مكارم الأخلاق، مع التزامه بكل هذا قبل كل أحد، مما جمع قلوب أصحابه عليه، وهذا ما أشار إليه ابن قتيبة.

ومنهم من يتكلم عن الإخبار بالمغيَّبات، فمن ذلك ما في القرآن مثل: {سيهزم الجمع ويولون الدبر} وهذا شاهَده الصحابة، ومنه ما ظهر في أواسط الزمان كقتال المسلمين للتتر ذوي نعال الشعر كأن وجوههم المجان المطرَّقة، ومنه ما رأيناه في زماننا هذا خاصة مثل خبر: «وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان» وخبر «تداعى عليكم الأمم» وغيرها كثير.

ومنهم من هو أبعد غوراً، فيتعجب من واقعية الشريعة مع حثها على الفضيلة واتِّزانها، فلا تراها منحازة لفريق دون فريق، وعادةُ الأفكار البشرية أن تكون متأثرة بنزعات مؤسسيها، غير أن هذا وحي.

وتعظيم حق الله عز وجل فوق كل حق، ونقض القرآن لباطل كل مبطل، حتى قبل أن يظهر هؤلاء المبطلون (وهذا يعلمه المشتغلون بدراسة العقيدة).

غير أن الأمر العجيب الذي سجله ابن قتيبة أنه عدَّ علم الحديث في دلائل النبوة حين قال: "وليس لأمة من الأمم إسناد كإسنادهم رجل عن رجل وثقة عن ثقة عن ثقة حتى يبلغ بذلك رسول الله ﷺ وصحابته يبيِّن الصحيح والسقيم والمنقطع والسليم".

وأهل الحديث من دلائل النبوة في أنهم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة والمؤيَّدون بالحجج، ومن دلائل النبوة في أنهم باب كرامة الله عز وجل لنبيه، إذ لم تُدرس أحوال رجل في التاريخ بالدقة التي دُرست أحواله، حتى يعرف كل رجل من أهل الإسلام ممن عاين شيئاً من العلم من أحواله أموراً لا يعرفها عن أجداده الأقربين.


كلام نفيس لابن قتيبة في دلائل النبوة: "وليس لأمة من الأمم إسناد كإسنادهم؛ رجل عن رجل وثقة عن ثقة عن ثقة"

قال قوام السنة الأصبهاني في كتابه «دلائل النبوة»: "قال ابن قتيبة في كلام ذكره قال ومما يدل على صدقه أن الأعمال تدل على صدق أهلها ومما يوجب تصديقه أنه كان أشرف الأشراف وأحلم الحلماء وأجود الأجواد وأنجد الأنجاد وأزهد الزهاد كان يرقِّع ثوبه ويخصف نعله ويُصلِح خَصَّه ويتوسد يدَه ويمهن أهله ويأكل بالأرض ويقول إنما أنا عبدٌ آكل كما يأكل العبيد ويلبسُ العباءَ ويجالسُ المساكين ويمشي في الأسواق ولم يُرَ ضاحكا ملء فيهِ ولا آكِلا وحده ولا ضاربا بيده إلا في سبيل ربه وقام حتى تورمت قدماه وكان يُسمَع لجوفه إذا قام بالليل للصلاة أزيز كأزيز المِرجَل من البكاء وقال شيبتني هود وأخواتها وكان من دعائه ﷺ اللهم ارزقني عينين هطالتين تذرفان الدموع تُشفياني من مخافتك قبل أن تكون الدموعُ دما والأضراسُ جمرا (لا يثبت هذا) وأقَصَّ ﷺ من نفسه وقُبض ودرعه مرهونة على شعير اقترضه لطعمه ولم يورِّث ولدَه وقال أنا معشر الأنبياء لا نورِّث ما تركناه صدقة وقد مدحه الله بجميع أخلاقه فقال {وإنك لعلى خلق عظيم} فمن استبعد منهم هذه الأشياء واتهم بعض هذه الأخبار فهذه حجرتُه التي كان ينزل فيها هو وأهله وبها مقبره وهذه بُردُه التي يلبسها الخلفاء في الأعياد وهذا قدَحُه الذي كان يشرب فيه وهذه نعله وهذه كتبه في أكارع الأديم.
قال ابن قتيبة وهذه شريعته أسهل الشرائع وأطيبها أحل فيها الطيبات وحرم الخبائث وأمر ببر الوالدين وصلة الرحم والصدقة والعفو والأمر بالمعروف والصفح عن الجاهلين ومجانبة الغيبة والكذب والنميمة والفواحش وشرب الخمر والقمار وحضَّ على كل حسن وردع عن كل قبيح وبيَّن للناس ما يأخذون وما يتقون في فرائضهم وأحكامهم وزكاتهم وطلاقهم وعتقهم وحجهم ومعاملاتهم وسائر أمور دينهم وأغناهم عن جميع الأمم وعن أهل الكتب وأحوجَ المخالفين لهم إلى ما عندهم فالنصارى تستعمل في كثير من المواريث فرائضهم وتستعمل في المعاملات أحكامهم وكذلك اليهود تلجأ في أحكام إلى حكماء المسلمين وليس لأمة من الأمم إسناد كإسنادهم رجل عن رجل وثقة عن ثقة عن ثقة حتى يبلغ بذلك رسول الله ﷺ وصحابته يبيِّن الصحيح والسقيم والمنقطع والسليم قال وفي بعض ما اقتصصنا كفاية لمن عقل وبلاغ لمن اعتبر وشفاء لمن شك فما يمنع من كانت له أذن تسمع وقلب يفقه وعين تبصر أن يفيء إلى الله تعالى وينيب إلى الحق قبل الفوت بمفاجأة الموت فإنه ليس من الدين عوض ولا من الله مهرب ولا بعد الموت مستعتب ولا دار إلا الجنة أو النار".

أقول: هذا الكلام على اختصاره يُغني عن مجلدات في ضبط هذا الباب، وقد حفظه لنا قوام السنة الأصبهاني.

يأتي عدم فهم هذا الباب عادةً من إهمال حقيقة أن للحياة معنى، وأن لنا خالقاً أوجدنا في هذه الدنيا لحكمة، وهي حقيقة فطرية، ثم بعد هذه الحقيقة تنظر في الأديان وهكذا تفهم وتهتدي.

وأيضاً حقيقة أن هذا الوحي اتفاقاً جاء به رجل أمي بعد الأربعين من عمره، وما قرأ في حياته كتاباً، ولا في أمته نظيراً له، وذلك غيَّر وجه الدنيا.

فمن الناس من يبهره حفظ الله عز وجل له وتحديه لقومه، مع كثرة أعدائه وضعف ناصره، ويعدُّه من أعلى دلائل النبوة.

ومن الناس من يبهره كلامه بعلوم أهل الكتاب وعجزهم عن إحراجه، وتحديه لهم وطلبه المباهلة.

بل وإيمان جماعة من كبرائهم وتصديقهم بما ذكر من أخبارهم عنده، وقد سُجِّل ذلك في القرآن: {أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل} [الشعراء].

{وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين} [الأحقاف].

{ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب} [الرعد].

{وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين} [المائدة].
=


على اليمين دراسة في تأثير الدين على السلوك الإجرامي للبالغين الناشئين، بقلم كريستوفر سالفاتوري وجابرييل روبين، قسم دراسات العدل، جامعة ولاية مونتكلير ونيوجيرسي.

جمع الباحثان دراسات كثيرة في بيان أن للدين أثراً إيجابياً في الابتعاد عن الإجرام، خصوصاً في طبقة المراهقين الذين تكثر فيهم جرائم من نوع معين.

مثل الإفراط في الشرب والجنس غير الآمن والقيادة تحت تأثير المخدرات وغيرها.

قرروا أن المسلَّمات في عامة الدراسات أن الدين يُبعِد الشباب عن الجريمة، وناقشوا التفاسير لذلك، فمنهم من فسَّر الأمر بأن الدين يوفِّر رقابةً أبوية من المرشدين الدينيين أو أنشطة اجتماعية تجعل المرء منخرطاً في المجتمع بشكل إيجابي أو أن مبدأ الثواب والعقاب هو المؤثِّر الأساسي (الجنة والنار).

ومما ورد في الدراسة: "ووفقا لجراسميك وآخرون (1991)، فإن الأشخاص الذين يحددون هويتهم الدينية بقوة لديهم احتمال أكبر لتجربة العار من ارتكاب أفعال منحرفة، والأفراد الذين يشاركون بشكل بارز في الشبكات الاجتماعية القائمة على الدين لديهم احتمال أكبر لتجربة الإحراج نتيجة لأفعال منحرفة".

وذكروا تفاسير أخرى عديدة.

والتعليق إننا نعلم أن الدين المحرف قد يكون فيه نفع من بقايا النبوة فيه، وإن النفع الأكبر في الدين الصافي الصحيح، وإننا لا يجوز أن نقيِّم الدين وفقاً للنفع الدنيوي، ولا ننكره أيضاً، فقد قال تعالى: {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} هذا معنى لا نحتاج لدراسات لتوكيده، والمقصود الأساسي طلب رضا الله تبارك وتعالى ونيل ثوابه، وأعلاه رؤية وجهه الكريم.

غير أن مثل هذا قد يُدفع به المتعنت، ولا يبعد البتة أن يكون من ضمن فطرة البشر التأثُّر الإيجابي بالتعبُّد.

وأما على اليسار: فدراسة منشورة في المكتبة الوطنية الأمريكية للعلاج عن أثر أغاني الراب في تعزيز السلوكيات العدوانية، مثل تعاطي المخدرات والعنف.

جاء في الدراسة: "باختصار، تشير الأبحاث السابقة إلى وجود صلة بين التفضيلات لبعض أنواع الموسيقى والكحول وتعاطي المخدرات غير المشروعة والعدوان والسلوكيات الخطرة الأخرى".

أغاني الراب تنتشر في العالم العربي ولها جمهور غفير جداً، حتى إنني رأيت قنوات كثيرة تتخصص بذكر أخبار كبار مغني الراب ومعاركهم وحياتهم الشخصية، ويقع بينهم الجدل في التفضيلات بينهم كما يقع بين عشاق كرة القدم، ووُجِد من يقلدهم ويحاكيهم في عالمنا العربي، ولهم شعبية كبيرة بين الشباب، وتجده غالباً يسمع الأجانب ليحاكيهم، وإن كان يجتنب بعض ما يتكلمون به ويكون مدرجاً لهم.

لا يُستبعد مثل هذه الآثار، فقد قال السلف قديماً: "الغناء رقية الزنا" وذلك أن مضامين الغناء عامتها عن العشق والغرام، وذلك يقرِّب من أمر الزنا، وأما الراب فليس كذلك في غالبه.

نحن لا نحتاج إلى مثل هذه الدراسات لبناء حكم شرعي، ولكن فيها عبرة لمن يعترض وهو ما أحاط بالأمور علماً، فكثير منهم لو كلمته بأثرٍ أو بحديث فإنه يعترض، وإن ذكرت له مثل هذه الدراسات فغالباً يقبل!







20 last posts shown.