والمقصود هنا هو وجوب وجود هذه الدعوة من طلبة العلم، والجهاد بالكلمة والبيان فيها، والصبر عليها، ومناقضة الدعوات الديمقراطية بها، فلا يخفى على أحد منهم أن الديمقراطية كفر، وإذا وجد من يدعو إلى هذا الكفر بين أظهر المسلمين، فلابد أن يوجد من يدعو إلى نقض هذا الكفر بالدعوة إلى حكم شريعة الله في هذا الأمر الذي يدعو من يدعو فيه إلى حكم الديمقراطية. وهذا من إظهار الدين، والإعلان بشرائعه، وهو واجب على المسلمين؛ أن يظهروا دينهم ويقابلوا به دعوات الكفر والشرك والإلحاد، وهو كذلك من مقتضيات الإيمان ولوازمه التي لا يتم الإيمان إلا بها، كما قال تعالى: ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )
النساء (65). "فنفى الإيمان عمن لم يحكموا النبي صلى الله عليه وسلم فيما شجر بينهم؛ نفيا مؤكدا بتكرار أداة النفي وبالقسم، ثم لم يكتف تعالى وتقدس منهم بمجرد التحكيم للرسول حتى يضيفوا إلى ذلك عدم وجود شيء من الحرج في نفوسهم، والحرج: الضيق، بل لابد من اتساع صدورهم لذلك وسلامتها من القلق والاضطراب، ولم يكتف تعالى أيضا هنا بهذين الأمرين، حتى يضموا إليهما التسليم: وهو كمال الانقياد لحكمه صلى الله عليه وسلم والتسليم المطلق لأوامره"٣.
ولا يخفى أن هذا التحاكم لا يحصل إلا بوجود الدعوة إليه، فثبت بهذا أن هذه الدعوة من مقتضيات الإيمان أيضا، وعدم وجودها نقص عظيم في الإيمان. وهذا الداعي إلى حكم الله في هذا الأمر المخصوص؛ ينبغي أن لا تكون دعوته نظرية فقط، بل لابد أن يقرن القول بالفعل، وأن يجتهد في الأخذ بالأسباب المحققة لذلك، ما يبين أن دين الله صالح لكل زمان ومكان، وأن شرائعه هي التي تحقق مصالح العباد الدينية والدنيوية. وتحت هذه الجملة تفاصيل يجب أن يتشاور فيها الدعاة وطلبة العلم ليصلوا إلى أقرب الطرق وأقصدها وأقومها بهذا الأمر العظيم، وإن كان الغرض الأهم هو وجود هذه الدعوة، أما استجابة الناس لها من عدمها، فلا يكلفهم الله به إذا قاموا بما يجب عليهم القيام الأمثل، مع التوكل على الله فيه والضراعة إليه، وإحسان الظن به سبحانه، والصبر على ذلك، فإذا فعلوا ذلك فهم موعودون بالنصر يقينا، كما قال عز شأنه:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ). محمد (7)
يقول العلامة السعدي رحمه الله في تفسيره: هذا أمر منه تعالى للمؤمنين، أن ينصروا الله بالقيام بدينه، والدعوة إليه، وجهاد أعدائه، والقصد بذلك وجه الله، فإنهم إذا فعلوا ذلك، نصرهم الله وثبت أقدامهم، أي: يربط على قلوبهم بالصبر والطمأنينة والثبات، ويصبر أجسامهم على ذلك، ويعينهم على أعدائهم، فهذا وعد من كريم صادق الوعد، أن الذي ينصره بالأقوال والأفعال سينصره مولاه، وييسر له أسباب النصر، من الثبات وغيره. انتهى
ثم إن من أعظم ثمار هذه الدعوة وغاياتها الجليلة، أن تكون فرقانا عظيما بين من يدعو إلى الله حقا، وإلى حكمه وحكم رسوله، ممن يدعو إلى البدع والضلالات ممن أشعلوا هذه الفتنة أولا واستمروا في النفخ فيها إلى الآن، وليهلك من هلك عن بينة، ويحي من حيي عن بينة، سنة الله في استمرار تلاحم المعسكرين، وتلاقي الصفين: صف أولياء الله وحزبه وأنصار دينه، الذين يدعون إلى حكمه وحكم رسوله، وصف أولياء الشيطان وحزبه وأنصاره وأشياعه ممن يدعون إلى حكم الطواغيت كطاغوت الديمقراطية وغيره.
هذا، ومما يجب التأكيد عليه هنا، أن هذا الكلام ليس إنكارا لإمرة من تأمر سواء في الشرق أو في الغرب، وهذه الإمرة خير من الفوضى العامة، ولذا ينبغي على المسلمين التعاون مع هؤلاء الأمراء فيما فيه مصلحة للمسلمين، كل في دائرة إمرته وسيطرته، ولكن ادعاء أن هذا أو ذاك هو ولي الأمر الشرعي على القطر كله، وأنه هو الذي تجب له السمع والطاعة في المنشط والمكره، وفي السلم وفي الحرب، وهو الذي يقاتل معه، وما إلى ذلك من خصائص الولاية العامة؛ هذا الادعاء ادعاء كاذب من الطرفين، لا يصدقه الشرع ولا الواقع، بل بعض هذه الولايات مبني على حكم الديمقراطية فقط، ومن المؤسف أن بعض العلماء رحمهم الله تعالى قرر أن المنتخب بطريقة ديمقراطية يصير إماما شرعيا ولو لم تتحقق فيه أسباب الولاية الشرعية، وهذا باطل من القول وزورا.
أما الولاية الشرعية فإنها تتحقق بثلاثة طرق، إما بتغلبه واستتباب الأمر له، وهذا غير واقع في ليبيا لا من هذا الطرف ولا من الطرف الآخر، وإما بعهد من سبق، وهذا أبعد من الأول، ولا يقدر أن يدعيه أحد من هذه الأطراف، وإما ببيعة أهل الحل والعقد بيعة شرعية صحيحة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا أبعد الأمور عن الأطراف كلها، وهو ما نحن بصدده، وهو الذي يجب أن يقوم بالدعوة إليه الدعاة إلى دين الله من أهل المنهج الحق، لا سيما وأنه صار لهم ظهور بين الناس، ولهم حضورهم الاجتماعي والإعلامي الكبير في ليبيا.
النساء (65). "فنفى الإيمان عمن لم يحكموا النبي صلى الله عليه وسلم فيما شجر بينهم؛ نفيا مؤكدا بتكرار أداة النفي وبالقسم، ثم لم يكتف تعالى وتقدس منهم بمجرد التحكيم للرسول حتى يضيفوا إلى ذلك عدم وجود شيء من الحرج في نفوسهم، والحرج: الضيق، بل لابد من اتساع صدورهم لذلك وسلامتها من القلق والاضطراب، ولم يكتف تعالى أيضا هنا بهذين الأمرين، حتى يضموا إليهما التسليم: وهو كمال الانقياد لحكمه صلى الله عليه وسلم والتسليم المطلق لأوامره"٣.
ولا يخفى أن هذا التحاكم لا يحصل إلا بوجود الدعوة إليه، فثبت بهذا أن هذه الدعوة من مقتضيات الإيمان أيضا، وعدم وجودها نقص عظيم في الإيمان. وهذا الداعي إلى حكم الله في هذا الأمر المخصوص؛ ينبغي أن لا تكون دعوته نظرية فقط، بل لابد أن يقرن القول بالفعل، وأن يجتهد في الأخذ بالأسباب المحققة لذلك، ما يبين أن دين الله صالح لكل زمان ومكان، وأن شرائعه هي التي تحقق مصالح العباد الدينية والدنيوية. وتحت هذه الجملة تفاصيل يجب أن يتشاور فيها الدعاة وطلبة العلم ليصلوا إلى أقرب الطرق وأقصدها وأقومها بهذا الأمر العظيم، وإن كان الغرض الأهم هو وجود هذه الدعوة، أما استجابة الناس لها من عدمها، فلا يكلفهم الله به إذا قاموا بما يجب عليهم القيام الأمثل، مع التوكل على الله فيه والضراعة إليه، وإحسان الظن به سبحانه، والصبر على ذلك، فإذا فعلوا ذلك فهم موعودون بالنصر يقينا، كما قال عز شأنه:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ). محمد (7)
يقول العلامة السعدي رحمه الله في تفسيره: هذا أمر منه تعالى للمؤمنين، أن ينصروا الله بالقيام بدينه، والدعوة إليه، وجهاد أعدائه، والقصد بذلك وجه الله، فإنهم إذا فعلوا ذلك، نصرهم الله وثبت أقدامهم، أي: يربط على قلوبهم بالصبر والطمأنينة والثبات، ويصبر أجسامهم على ذلك، ويعينهم على أعدائهم، فهذا وعد من كريم صادق الوعد، أن الذي ينصره بالأقوال والأفعال سينصره مولاه، وييسر له أسباب النصر، من الثبات وغيره. انتهى
ثم إن من أعظم ثمار هذه الدعوة وغاياتها الجليلة، أن تكون فرقانا عظيما بين من يدعو إلى الله حقا، وإلى حكمه وحكم رسوله، ممن يدعو إلى البدع والضلالات ممن أشعلوا هذه الفتنة أولا واستمروا في النفخ فيها إلى الآن، وليهلك من هلك عن بينة، ويحي من حيي عن بينة، سنة الله في استمرار تلاحم المعسكرين، وتلاقي الصفين: صف أولياء الله وحزبه وأنصار دينه، الذين يدعون إلى حكمه وحكم رسوله، وصف أولياء الشيطان وحزبه وأنصاره وأشياعه ممن يدعون إلى حكم الطواغيت كطاغوت الديمقراطية وغيره.
هذا، ومما يجب التأكيد عليه هنا، أن هذا الكلام ليس إنكارا لإمرة من تأمر سواء في الشرق أو في الغرب، وهذه الإمرة خير من الفوضى العامة، ولذا ينبغي على المسلمين التعاون مع هؤلاء الأمراء فيما فيه مصلحة للمسلمين، كل في دائرة إمرته وسيطرته، ولكن ادعاء أن هذا أو ذاك هو ولي الأمر الشرعي على القطر كله، وأنه هو الذي تجب له السمع والطاعة في المنشط والمكره، وفي السلم وفي الحرب، وهو الذي يقاتل معه، وما إلى ذلك من خصائص الولاية العامة؛ هذا الادعاء ادعاء كاذب من الطرفين، لا يصدقه الشرع ولا الواقع، بل بعض هذه الولايات مبني على حكم الديمقراطية فقط، ومن المؤسف أن بعض العلماء رحمهم الله تعالى قرر أن المنتخب بطريقة ديمقراطية يصير إماما شرعيا ولو لم تتحقق فيه أسباب الولاية الشرعية، وهذا باطل من القول وزورا.
أما الولاية الشرعية فإنها تتحقق بثلاثة طرق، إما بتغلبه واستتباب الأمر له، وهذا غير واقع في ليبيا لا من هذا الطرف ولا من الطرف الآخر، وإما بعهد من سبق، وهذا أبعد من الأول، ولا يقدر أن يدعيه أحد من هذه الأطراف، وإما ببيعة أهل الحل والعقد بيعة شرعية صحيحة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا أبعد الأمور عن الأطراف كلها، وهو ما نحن بصدده، وهو الذي يجب أن يقوم بالدعوة إليه الدعاة إلى دين الله من أهل المنهج الحق، لا سيما وأنه صار لهم ظهور بين الناس، ولهم حضورهم الاجتماعي والإعلامي الكبير في ليبيا.