تصحيح وهمٍ للحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" تابعه عليه جمعٌ من الأئمة والعلماء لم أرَ مَن نبَّه عليه من قبل.
في كتاب "قصد السبيل" عند الكلام عن قومِ يأجوجَ ومأجوجَ.. نقل الملَّا الكورانيُّ كلام الحافظ الشمس السخاويِّ في كتابه "القناعة فيما تحسن الإحاطة به من أشراط الساعة"، وممَّا نقلَه الحافظ السخاويُّ عن شيخِه ابن حجر العسقلانيِّ تعقبُّه لقول الإمام النوويِّ في "الفتاوى": (إنهم من ولد آدم لا من حواء عند جماهير العلماء؛ فيكونون إخواننا لأبٍ). هكذا نقل العبارة الحافظُ ابن حجر في "فتح الباري"، وتعقَّبه بقوله: ( ولم نرَ هذا عن أحدٍ من السلف إلا عن كعب الأحبار، ويردُّه الحديث المرفوع أنَّهم من ذريَّة نوحٍ، ونوحٌ من ذريَّة حواءَ قطعًا).
قلتُ: وقد بيَّنتُ في تعليقٍ طويلٍ على "قصد السبيل" (2/ 167، 168) أنَّه وهمٌ منه رضي الله تعالى عنه؛ إذ إنَّ عبارة الإمام النوويِّ: (هم من ولد آدم من حواء عند جماهير العلماء، وقيل: إنَّهم من بني آدم لا من حواء؛ فيكونون إخوتنا لأبٍ)، بينتُ ذلك بالرجوع إلى عددٍ من النسخ الخطية النفيسة لفتاوى الإمام النووي؛ المسماة بـ"المسائل المنثورة".
وذكرتُ مَن تبع الإمام ابن حجر العسقلانيَّ من العلماء على وهمه هذا؛ كتلميذه الحافظ السخاويِّ، والملَّا الكورانيِّ، وتلميذِه السيد العلَّامة محمد بن رسول البَرْزَنجيِّ، ومنَ المتأخرين العلَّامة المباركفوري، والعلَّامة الإثيوبي الولَّوي.
هذا والعلَّامة السَّفَّاريني الحنبلي في كتابه "البحور الزاخرة في علوم الآخرة" تابع الحافظ ابن حجر على وهمه، إلا أنَّه في كتابه "لوامع الأنوار البهيَّة" ساق كلام الإمام النووي على الصواب، ثم ذكر ما حكاه الحافظ ابن حجر عن الإمام النووي، وفيه إشارة إلى تنبُّه الإمام السَّفَّاريني لذلك؛ إذ إنَّ كتابه "لوامع الأنوار" ألَّفه بعد "البحور الزاخرة".
وإن شاء الله تعالى سيجدُ طالب العلم كلَّ ذلك مبيَّنًا في هامش "قصد السبيل" (2/ 167، 168)؛ ليصحِّح نسخته من كتب العلماء التي نقلت هذا الوهم.
وكتب
أحمد بن سهيل المشهور
https://www.facebook.com/share/p/19aC5QpKmR/