🌹 #اللحظات_الأخيرة
🌿 الشهيد محمد إبراهيم همت
4️⃣ الوداع الأخير
أخبرني الحاج ليلة البارحة أنّ السيارة ستكون في اليوم التالي عند الساعة السادسة والنصف صباحًا أمام المنزل، لذا قام باكرًا وهيّأ نفسه إلا أنّ السيارة لم تأتِ، وعند الساعة السابعة وصل السائق وحده قائلًا: "لقد تعطّلت السيارة"، فتأخر الحاج حتى الساعة التاسعة.
بقي ساعتين في المنزل دون أن ينبس ببنت شفة، جلس متكئًا على السرير في زاوية الغرفة، قابضًا يديه على ركبتيه، غارقًا في حالة من الذهول والحزن.
كان مهدي يحمل إبريق الشاي في يده ويدور في الغرفة ويقول "بابا بابا"، كان يقترب أحيانًا من أبيه، لكن الحاج لم يكن يتفاعل معه، عندها ضقت ذرعًا من نظراته الباردة، فالتفت إليه وقلت: هذه المرة أصبحت بلا عاطفة تجاهنا، ليس أمري مهمًا، على الأقل راعِ ذلك من أجل هذا الطفل!
سكت الحاج ثم أدار وجهه إلى ناحية أخرى، فلم أستطع رؤيته بالكامل، فغيّرت مكاني وأخذت أتأمله، كانت دموعه تسيل على خديه عندها وصلت السيارة، وكان الحاج جاهزًا وأذكر أنه في الأسفار السابقة كان يربط شريط حذائه في السيارة، لكنه في ذلك اليوم وببرودة كاملة جلس أمام الباب، وربط الشريط بكل هدوء.
عند الوداع طأطأ رأسه قائلًا:
أشكر الله؛ لأن السيارة تأخرت، لأمكث معكم أكثر، والآن أنا ذاهب …
إلى أين؟
إلى حيث يجب أن أمضي، إن لم أعد ثانيةً سامحيني …
كنت أدرك تمامًا معنى كلماته، فقلت له في هذه الحالة:
من غير الممكن أن تستشهد!
فسأل: وكيف ذلك؟!
قلت: لا أظن أنّ الله، وفي لحظة واحدة يأخذ من عبده كل شيء …
وذهب الحاج، رافقناه أنا ومصطفى إلى فناء الدار، وعندما تناهى إلى مسمعي هدير محرك السيارة، خيّم إحساس فقده بشدة على قلبي، حيث كان الوداع الأخير، وحظي بعدها بالشهادة وفاز بما أمّل ونال مبتغاه، وبقي أحبته وعشاقه في غم وحزن عميقين …
📗 وداع الشهداء ٦٩ - ٧١
🌐 العتبة الرضوية المقدسة
📱 +989903888900
🆔
t.me/ImamRedaAS