📚الدرس[5] في علم أصول الفقه .(الحلقة الأولى)
الحجية التي هي من ذاتيات القطع ، فالحجية تعني المنجزية والمعذية هما من اللوازم الذاتية للقطع لا ينفكان عنه فالعقل يحكم باستحالة الانفكاك ما بين القطع والحجية- الحجية يعني المنجزية والمعذرية- فلا يمكن سلب الحجية عن القطع حتى الشارع لا يُمكن أنَّ يسلب الحجيَّة عن القطع مادام الإنسان قاطعًا فالسؤال الذي يطرح هنا :
فهل معنى ذلك أنَّ التي تقطع بأنَّ ترك الحجاب هو حقٌّ إنساني فقطعت بأن الحجاب ليس بواجب فهل سوف تكون معذورٌة أمام الله بسبب قطعها الذي هو حجة معذرة ؟
فهل كلُّ مَن كان قطعه غير مصيباً للواقع يُعتبر معذوراً ؟ الجواب : نعم.
تقدم عندنا أنَّ حصول القطع لأحدٍ بشيء يعني أنه يعتقد به بشكل جازم يعني انكشف له ذلك الشيء انكشافًا تامًّا لا يشوبُه شكٌ فهو جازم بنسبة مئة بالمئة فلا يوجد عنده احتمالٌ بالخلاف ولو بنسبة واحد بالمئة .
ومن هنا نجد أنه لا يَلتفت لمَن يقول بعدم صحة قطعه و نجده يرى النافي لصحة قطعه مخطئًا أي أنَّه يجزم بنسبة مئة بالمئة وبشكل قاطع بخطأ كلِّ مَن ينفي الصحَّة عن قطعه تمامًا كمَن يرى ظلام الليل فإنَّه لو نفى أحدٌ عنده الظلام فإنَّه يقطع بأنَّ هذا النافي مخطئٌ في نفيه لظلمة الليل ، وهذا هو معنى قول الأصوليون استحالة ردع القاطع عن قطعه ما دام قاطعًا، وذلك لأنَّه يرى أنَّ الرادع لقطعه مخطئٌ جزمًا في ردعه، فكيف يرتدع بردعه، فمن تقطع مثلًا بأنَّ السفور وعدم لبس الحجاب للمرأة هو حقٌّ مجعولٌ لها فتقطع بعدم وجوب الحجاب عليها من قبل الشارع فلا يمكن لأحد أنْ يردعها عن قطعها، فكلُّ من ينفي لها صحَّة قطعها فإنَّها ستراه مخطئًا وحتى لو تصدَّى الشرع بنفسه لنفي الصحَّة عن قطعها فإنَّها ستعتقد بأنَّ هذا النافي ليس هو الشارع جزمًا، لأنَّ الشارع بحسب اعتقادها وجزمها هو من أعطاها هذا الحق، ولهذا لا طريق إلى نفي صحَّة قطع القاطع إلا عن طريق هدم قطعه، وهذا ما فعله الأنبياء عندما أُرسلوا الى أقوامهم الكفار الذين كانوا يقطعون بصحَّة معتقداتهم الباطلة فلو قال لهم الأنبياء أن معتقداتكم هي باطلة لما وجدنا لهم استجابة من أقوامهم لأنهم قاطعون بصحة معتقداتهم ويقطعون باشتباه من ينفي الصحة عنها .
ومن هنا لم يكن هناك طريق الا هدم القطع الحاصل عندهم بصحة معتقداتهم فقام الأنبياء بهدم القطع عن طريق الإتيان بالأدلة والحجج التي تؤدي عندهم الى التشكيك بمعتقدات الكفار الزائفة فقال لهم الأنبياء أن هذه الأصنام التي تعكفون عليها لا تسمع ولا ترى ولا تتحرك ولا تنفع ولا تضر ولا تتمكن من حماية نفسها الاخ ... فإذا دخل الشكُّ إلى صحَّة معتقداتهم انهدم قطعُهم وتحوَّل من مقطوعٍ به إلى مشكوكٍ فيه فتصبح معتقداتهم ودينهم قابلًا للمناقشة والبحث وتنتفي المعذرية بانتفاء القطع فحين حصول الشك يعني لا وجود للقطع وبالتالي يعني لا وجود للمعذرية.
فالقاطع حاله كحال النائم الغافل الذي لا ينفع معه الأمر والنهي الا اذا افاق فكذلك هو حال القاطع المشتبه فقد لا يكون ملتفتا الى اشتباهه بسبب قطعه فنعمد الى هدم قطعه بالبراهين والحجج حتى يتحول قطعه الى شك.
فلو جئنا بالبراهين والحجج التي تؤدي الى هدم القطع ولكن مع ذلك فُرض أنَّ بعضهم ظلَّ على قطعِه فهكذا إنسان هو قاصرٌ غير سويٍّ لأن هكذا حجج وبراهين عندما تعرض على العقلاء الأسوياء لانهدم قطعهم وتحول الى ظن أو الى شك.
ولكن لو افترضنا أن البعض رغم هذه الحجج والبراهين بقي على قطعه فإنه حينئذ يكون معذوراً
لأن قطعه ناشئ عن قصور فحينئذ يكون معذوراً غير مستحق للعقوبة لأنَّ الله تعالى لعدله لا يُعذِّب الجاهل القاصر غير الملتفت بسبب قطعه لجهله وهذا هو معنى معذريَّة القطع ومنجزيَّته .
ينبغي الإلتفات الى مسألة مهمة وهي أن حجيَّة القطع لا تعني صحة ما يقطع به الإنسان إذا كان مخالفاً للواقع ولا يعني أنْ تُقبل دعوى من يدَّعي القطع لمجرَّد دعواه للقطع.
المحاضرة 👇🏻
الحجية التي هي من ذاتيات القطع ، فالحجية تعني المنجزية والمعذية هما من اللوازم الذاتية للقطع لا ينفكان عنه فالعقل يحكم باستحالة الانفكاك ما بين القطع والحجية- الحجية يعني المنجزية والمعذرية- فلا يمكن سلب الحجية عن القطع حتى الشارع لا يُمكن أنَّ يسلب الحجيَّة عن القطع مادام الإنسان قاطعًا فالسؤال الذي يطرح هنا :
فهل معنى ذلك أنَّ التي تقطع بأنَّ ترك الحجاب هو حقٌّ إنساني فقطعت بأن الحجاب ليس بواجب فهل سوف تكون معذورٌة أمام الله بسبب قطعها الذي هو حجة معذرة ؟
فهل كلُّ مَن كان قطعه غير مصيباً للواقع يُعتبر معذوراً ؟ الجواب : نعم.
تقدم عندنا أنَّ حصول القطع لأحدٍ بشيء يعني أنه يعتقد به بشكل جازم يعني انكشف له ذلك الشيء انكشافًا تامًّا لا يشوبُه شكٌ فهو جازم بنسبة مئة بالمئة فلا يوجد عنده احتمالٌ بالخلاف ولو بنسبة واحد بالمئة .
ومن هنا نجد أنه لا يَلتفت لمَن يقول بعدم صحة قطعه و نجده يرى النافي لصحة قطعه مخطئًا أي أنَّه يجزم بنسبة مئة بالمئة وبشكل قاطع بخطأ كلِّ مَن ينفي الصحَّة عن قطعه تمامًا كمَن يرى ظلام الليل فإنَّه لو نفى أحدٌ عنده الظلام فإنَّه يقطع بأنَّ هذا النافي مخطئٌ في نفيه لظلمة الليل ، وهذا هو معنى قول الأصوليون استحالة ردع القاطع عن قطعه ما دام قاطعًا، وذلك لأنَّه يرى أنَّ الرادع لقطعه مخطئٌ جزمًا في ردعه، فكيف يرتدع بردعه، فمن تقطع مثلًا بأنَّ السفور وعدم لبس الحجاب للمرأة هو حقٌّ مجعولٌ لها فتقطع بعدم وجوب الحجاب عليها من قبل الشارع فلا يمكن لأحد أنْ يردعها عن قطعها، فكلُّ من ينفي لها صحَّة قطعها فإنَّها ستراه مخطئًا وحتى لو تصدَّى الشرع بنفسه لنفي الصحَّة عن قطعها فإنَّها ستعتقد بأنَّ هذا النافي ليس هو الشارع جزمًا، لأنَّ الشارع بحسب اعتقادها وجزمها هو من أعطاها هذا الحق، ولهذا لا طريق إلى نفي صحَّة قطع القاطع إلا عن طريق هدم قطعه، وهذا ما فعله الأنبياء عندما أُرسلوا الى أقوامهم الكفار الذين كانوا يقطعون بصحَّة معتقداتهم الباطلة فلو قال لهم الأنبياء أن معتقداتكم هي باطلة لما وجدنا لهم استجابة من أقوامهم لأنهم قاطعون بصحة معتقداتهم ويقطعون باشتباه من ينفي الصحة عنها .
ومن هنا لم يكن هناك طريق الا هدم القطع الحاصل عندهم بصحة معتقداتهم فقام الأنبياء بهدم القطع عن طريق الإتيان بالأدلة والحجج التي تؤدي عندهم الى التشكيك بمعتقدات الكفار الزائفة فقال لهم الأنبياء أن هذه الأصنام التي تعكفون عليها لا تسمع ولا ترى ولا تتحرك ولا تنفع ولا تضر ولا تتمكن من حماية نفسها الاخ ... فإذا دخل الشكُّ إلى صحَّة معتقداتهم انهدم قطعُهم وتحوَّل من مقطوعٍ به إلى مشكوكٍ فيه فتصبح معتقداتهم ودينهم قابلًا للمناقشة والبحث وتنتفي المعذرية بانتفاء القطع فحين حصول الشك يعني لا وجود للقطع وبالتالي يعني لا وجود للمعذرية.
فالقاطع حاله كحال النائم الغافل الذي لا ينفع معه الأمر والنهي الا اذا افاق فكذلك هو حال القاطع المشتبه فقد لا يكون ملتفتا الى اشتباهه بسبب قطعه فنعمد الى هدم قطعه بالبراهين والحجج حتى يتحول قطعه الى شك.
فلو جئنا بالبراهين والحجج التي تؤدي الى هدم القطع ولكن مع ذلك فُرض أنَّ بعضهم ظلَّ على قطعِه فهكذا إنسان هو قاصرٌ غير سويٍّ لأن هكذا حجج وبراهين عندما تعرض على العقلاء الأسوياء لانهدم قطعهم وتحول الى ظن أو الى شك.
ولكن لو افترضنا أن البعض رغم هذه الحجج والبراهين بقي على قطعه فإنه حينئذ يكون معذوراً
لأن قطعه ناشئ عن قصور فحينئذ يكون معذوراً غير مستحق للعقوبة لأنَّ الله تعالى لعدله لا يُعذِّب الجاهل القاصر غير الملتفت بسبب قطعه لجهله وهذا هو معنى معذريَّة القطع ومنجزيَّته .
ينبغي الإلتفات الى مسألة مهمة وهي أن حجيَّة القطع لا تعني صحة ما يقطع به الإنسان إذا كان مخالفاً للواقع ولا يعني أنْ تُقبل دعوى من يدَّعي القطع لمجرَّد دعواه للقطع.
المحاضرة 👇🏻