من خطبة له عليه السلام في الموعظة وبيان قرباه من رسول اللَّهأَيُّهَا النَّاسُ غَيْرُ الْمَغْفُولِ عَنْهُمْ، والتَّارِكُونَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُمْ. مَا لِي أَرَاكُمْ عَنِ اللَّه ذَاهِبِينَ، وإِلَى غَيْرِه رَاغِبِينَ! كَأَنَّكُمْ نَعَمٌ أَرَاحَ بِهَا سَائِمٌ إِلَى مَرْعًى وَبِيٍّ، ومَشْرَبٍ دَوِيٍّ، وإِنَّمَا هِيَ كَالْمَعْلُوفَةِ لِلْمُدَى لَا تَعْرِفُ مَا ذَا يُرَادُ بِهَا ! إِذَا أُحْسِنَ إِلَيْهَا تَحْسَبُ يَوْمَهَا دَهْرَهَا ، وشِبَعَهَا أَمْرَهَا. واللَّه لَوْ شِئْتُ أَنْ أُخْبِرَ كُلَّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِمَخْرَجِه ومَوْلِجِه وجَمِيعِ شَأْنِه لَفَعَلْتُ، ولَكِنْ أَخَافُ أَنْ تَكْفُرُوا فِيَّ بِرَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وآله.
أَلَا وإِنِّي مُفْضِيه إِلَى الْخَاصَّةِ مِمَّنْ يُؤْمَنُ ذَلِكَ مِنْه. والَّذِي بَعَثَه بِالْحَقِّ، واصْطَفَاه عَلَى الْخَلْقِ، مَا أَنْطِقُ إِلَّا صَادِقًا، وقَدْ عَهِدَ إِلَيَّ بِذَلِكَ كُلِّه، وبِمَهْلِكِ مَنْ يَهْلِكُ، ومَنْجَى مَنْ يَنْجُو، ومَآلِ هَذَا الأَمْرِ. ومَا أَبْقَى شَيْئاً يَمُرُّ عَلَى رَأْسِي إِلَّا أَفْرَغَه فِي أُذُنَيَّ وأَفْضَى بِه إِلَيَّ.
نَهْجُ البَلَاغَة، الخطبة ١٧٥.