«بَقيَّة الصحابيات!»
ابنة القلب لا الرَّحم ..
أخت الروح لا النَّسب ..
صديقة الهمِّ لا اللهو ..
رفيقة الغاية الكبرىٰ لا الأرض ..
صنعكِ اللّٰه علىٰ عينه، وزادكِ له حبًا وخشيةً ..
اعلمي -يا قرة العين- أن الحبل بينكِ وبين أمهات المؤمنين ما زال ممتدًّا ..
والباب بينكِ وبين الصحابيات ما زال مفتوحًا علىٰ مصرعيه ..
والطريق بينكِ وبين الرعيل الأول ما زال مُنارًا بمنارات المعاني الإيمانية ..
فهذه أمكِ خديجة بنت خويلد تحكي لكِ أسباب تلقيبها بـ"الطاهرة" في الجاهلية، وتقص عليكِ كيف كانت زوجةً صالحةً لخير البرية ﷺ، وكيف كانت توفِّر له السكن والعيشة الهنيَّة؛ حتىٰ بشرها ربها ببيتٍ في جنته العليَّة، وكيف أحسنت تربية بناته تربيةً سويَّة؛ حتىٰ أصبحت الكاملة التي خرجت من رَحِمها الكاملة الحيِيَّة ..
وهذه أمكِ عائشة بنت أبي بكرٍ، الصادقة بنت الصدِّيق المُبرأة من فوق سبع سماوات حبيبة حبيب اللّٰه ﷺ، تُعلِّمكِ مركزيات الأنوثة والدلال، وتُخبركِ كيف استطاعت أن تحظىٰ بشرف أن تكون أحب الناس إلىٰ خليل اللّٰه ﷺ، ضاربةً بكل القوانين والأعراف التي تحد عقل المرأة كزوجةٍ بحدودٍ عُمرِية ضيقة عرض الحائط، وفوق ذلك كله تجعلكِ تقفين بانبهار أمام فقهها ورجاحة عقلها، وسؤالها الدائم للنبي ﷺ في حياته، ومراجعتها لكِبار الصحابة بعد وفاته؛ حتىٰ أصبحت ركنًا أصيلًا من أركان حفظ هذا الدين ونقله ..!
وهذه أمكِ أم سلمة تحكي لكِ عن وفائها لأبي سلمة؛ حتىٰ أرادت ألا تتزوج بعده أبدًا، ومن ثم يقينها بجمال عوض اللّٰه وعظيم جبره وهي تردد "اللَّهُمَّ أْجُرْنِي في مُصِيبَتِي، وأَخْلِفْ لي خَيْرًا مِنْها"؛ فرزقها اللّٰه بنبيه ﷺ خلفًا لأبي سلمة! وتُحدثكِ عن سداد رأيها الذي أنقذ اللّٰه به المسلمين في الحديبية ..
وهذه أمكِ سودة تغرس في نفسكِ حسن التبعُّل، وقد تزوجها النبي ﷺ بعد خديجة فأحسنت رعايته وتربية بناته، وكانت خير امرأةٍ لخير بيتٍ ..
وهذه أمكِ صفية تقص عليكِ من نبأ انتقالها من ظلمات اليهودية إلىٰ نور دين اللّٰه الحق، وتضرب لكِ مثلًا في السبق وفقه استدراك ما فاتها في تعلُّم هذا الدين، حتىٰ غدت وكأنها وُلدت في رحابه واستقت من مشاربه ..!
وهذه سمية تعلِّمكِ أن مساحات نُصرة هذا الدين والذود عنه تتسع لكِ بضوابطها، فسال دمها وأُزهقت روحها لتكون أول مَن ينال شرف الشهادة، فأنتِ جزء لا يتجزأ من معادلة العمل لدين اللّٰه ﷻ، والتي يكون الناتج منها نصرًا وعزًا وتمكينًا مِمَّن قال عن نفسه ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ ..
وهذه نُسيبة بنت كعب (أم عمارة) تُحدثكِ عن بطولاتها يوم أحدٍ حين دافعت عن النبي ﷺ وقاتلت دونه قتالًا ينوء بالعصبة أولي القوة فكيف بامرأةٍ فُطرت علىٰ الضعف والرقة؟! فتُسطِّر لكِ بدمائها ملاحم خدمة الدين التي تكون فيها النساء شقائق الرجال ..!
أفبعد هذا كله تريدين أن تُفلتي يدكِ من آثار أمهاتكِ الكاملات لتلهثي وراء الموضة وقيم التغريب الدخيلة علىٰ قيمكِ ودينكِ؛ فتُلقين بنفسكِ في مستنقعات الجاهلية والتسليع ..؟!
أتستبدلين الذي هو أدنىٰ بالذي هو خير ..؟!
لا واللّٰه ..
بل دونكِ سبيل القدوات الحقيقية والنماذج البهية ..
وهذه سبيلهنَّ عضي عليها بالنواجذ ..
ليكون آخر ما أهمس به في أذنكِ:
«كوني صحابية في زمن الجاهلية!»
كاتبة الدِّيم || مريم سمير 🤎.