أنا لا أنوي بهذا أبدًا أن أقلل من أهمية الدقة وصدق التفاصيل. يمكن للمرء أن يتحدث عن ذوقه الخاص، ويمكنني لذلك أن أجرؤ على القول إن هذا الجو من الواقعية (إتقان الوصف)، بالنسبة لي هي الفضيلة الأسمى للرواية، وهي السمة التي تعتمد عليها بقية الفضائل (ومنها الهدف الأخلاقي الواعي الذي يتحدث عنه السيد بيزانت) بخضوع وعجز. فلولاها لما كانت هذه الأخيرة شيئًا، وإن كانت هذه الفضائل حاضرة فإنها تدين بتأثيرها إلى نجاح الكاتب في خلق وهم الحياة. وإنماء هذا النجاح ودراسة العملية الرفيعة والشكل، من وجهة نظري، هي بداية فن الروائي ونهايته. فهي إلهامه وإحباطه ومكافأته، وحسرته وبهجته. وهنا يمكن القول إنه ينافس الحياة، وينافس الرسام في محاولته لتقديم شكل الأشياء، الشكل القادر على إيصال معانيها والقبض على لون المشهد الإنساني وبروزه وتعبيره وسطحه ومادته.
هنري جيمس
#ترجمة_كل_يوم