علي وجيه


Channel's geo and language: Iran, Persian
Category: Books


شاعر وكاتب وإعلامي عراقي.

Related channels  |  Similar channels

Channel's geo and language
Iran, Persian
Category
Books
Statistics
Posts filter


إذا ماقلتُ فيكِ هناكَ : بُوحي
وإنِّي لا أزايلُ فيكِ ظِلّي
إذا ماكان جرحُكِ بي جريحي
أطلتِ وقوفَهُ بالبابِ حتى
تغرَّبَ عن بنيهِ بالبروح
سواءٌ فيكِ بالخذلانِ روحي
وسُوحٌ بالمنى الريّان سُوحي
وإنِّي فيكِ أكثرُهم خساراً
وأجودُ في العطاء من السميحِ
ولم تعرضْ لطائرِهِ سُنوحا
وإنِّي فيك أغمضُ عن سنيحي
ووجهي واحدٌ في الناس لكن
تعدَّدَ من تستَّر بالصريحِ
ولكنِّي طريحٌ ليس يدري
مفارقةً أكون بها طَريحي
سأغفرُ كلَّ ذنبِكِ غير أنِّي
ولستُ بها هنالك بالصَفوحِ
ولكنِّي وجدتُكِ كلَّ حرفٍ
إذا ما الشعرُ بين يديكِ يُوحي


من جملة ما أفتخرُ به، أنني أوّل قرّاء الوالد، فحين يُنجزُ أيّ شيء، أكون القارئ الأول.
أرسلَ لي قصيدة قبل يومين، كتبتُ له رسالة عنها، وهذه الرسالة، والقصيدة:
سيدنا العزيز، وشاعري الأقرب..
تأخرتُ لأن القصيدة برويّ الحاء، والحاء، بكلّ ما بها من ابتداء حنين، وحرقة قلب، وحسينكَ الشخصيّ، وحبّ، وحميميّة، أعلمُ أن القافية تفرضُ نفسها على القصيدة، فكيف وإن كانت هذه الحاء العجيبة، بكلّ ما فيها، مكسورة؟ وبين كسرةٍ وياء، وعلى هذا البحر، ثمّة بوحٌ كبير، بوحُ مَن يلتقي نفسه بعد عقودٍ من اليوميّ العابر، من إعلام وسياسة.
كثيرون يكتبون عن أرواحهم، ولأرواحهم، وبأرواحهم، لكنّ التجلّي الذي جعل وجيه يلتقي بوجيه، هو حفرٌ نفسيّ شعريّاً، وهذا الحفر العجيب، شعراً، يعيدني إلى ما قلته لك، في سنوات الضجيج: ليس إلاّ الشعر، ليس إلاّ القصيدة هي أنت، سلوانك، وثيقتك، ما سيتبقى..
الروحُ هنا، هي القصيدة، والقصيدة هي المسير، وكأنكَ شذّبتَ كلّ ما يتّصل بوجيه، ولم تبق سوى روحه - القصيدة.
ذروة أخرى من ذرواتكَ سيدنا، علكتُ بقلبي وعيني وروحي أيضاً، كلّ بيت منها، وكلّ شطر.
دمتَ لي، أستاذي، شاعري، أبي، صديقي..
.
القصيدة:
روحي
( يحدث أن تعاتب روحك)
وجيه عباس

-------
أكابِرُ في صليبِكِ كالمسيحِ
وإنِّي فيكِ طوفانٌ بنُوحِ
وأرتكبُ المواجعَ فيكِ ظَنَّاً
وأرجعُ بالخسارِ من الرَبيحِ
مُفارَقَةٌ أضجُّ بها وأبكي
وأنتِ على غرابَتِها ضريحي
*
ويا تعبَ السنين مَضتْ وولَّتْ
أما آنَ الأوانُ لتستريحي؟
وأنتِ حَمَلْتِني وَجَعاً نذيراً
وكنتِ على محامِلِه رميحي
تَوزِّعُني الرياحُ وكيفَ شاءتْ
ولكنِّي أعودُ وأنتِ رِيحي
وإنَّكِ لي ثيابٌ غير أنِّي
أحاوِلُها كأَنْ لي ألفَ روحِ
*
تُقلِّبُني يداكِ وأنتِ أدرى
بأنَّكِ كنتِ في عُمُري جروحي
وإنِّي فيكِ طفلُكِ ليس يدري
إذا ما الشيبُ ضلَّ به بريحِ
عهدُتُكِ أنتِ وحدُكِ لي وجوهٌ
تحاولُني فترجعُ بالفتوحِ
وَكُنتَكِ فِطرةً مُذْ كنتُ طفلاً
وَمَتْناً ليسَ يعبأُ بالشروحِ
وإنَّكِ لا الصحاحُ رَوَتْكِ فيها
ولكنِّي رويتُكِ في صحيحي
أزيحي بعضَ وجهِكِ عن وجوهي
وأنّى شئتِ سائمةً أزيحي
وأنتِ بها الغريبُ، يجودُ لُطفاً
وما أحسنتِ فيهِ سوى القبيحِ
*
تسائِلُني خُطاكِ وأنتِ أدرى
بأنَّ الطينَ يعبثُ في جموحي
حملتُكِ بين" ستِّيني" صليباً
يدورُ به زمانُكِ في الوضوحِ
وترتكبينَ غيبَكِ لي عقوقاً
كأنَّكِ تشمتينَ إذا تبوحي
كأنِّي فيكِ أحملُ ألفَ ميتٍ
تُدثِّرُهُ الحكايا في الصروحِ
ووحدي قبرُ روحِكِ في حياةٍ
وتفترقينَ عنِّي في الضريحِ!
*
وروحي طفلةٌ عثرتْ بظلِّي
فألبَسَتِ القوافي في مُسوحي
ولم تكبرْ بذي الستين يوماً
وإنَّ الشيبَ بعضُ ندى المليحِ
إذا سائلتُها سبباً تَأبَّتْ
فمن صبحٍ تؤوبُ إلى صَبيحِ
أراها كالجبال لو استطالت
وتشرقُ بالطفولةِ في السفوحِ
وروحي غيمةٌ لو أمطرتني
فمن دمعٍ تسيلُ ومن قروحِ
وَتُكْرمُ غيبتي عنها كأنَّي
كريمٌ ليس يوصفُ بالشحيحِ
وروحي لاتبيحُ بكلِّ سِرٍّ
ولستُ هناك فيها بالمُبيحِ
بلى روحي بدايتها اغترابٌ
وخاتمةُ السُرى فيها طموحي
وروحي أُمَّةٌ وأنا غريبٌ
وتذبحني الرؤى، وأنا ذبيحي
فيالَكِ طفلةً رقصتْ وغنّتْ
وقد تركتْ خُطاها في السطوحِ
أضاعتني الوجوهُ بها ولكن
رضيتُ بها الهجاءَ عن المديحِ
*
آه يروحي .... ريلچ الأعمى غريب
والمحطّات الجزيناهن تحير
لا "حمد" بيهه ولاچنچ حبيب
غربتي تابوت مابين الگبور
آه يروحي أو علِّميتچ بالدروب
وانت طيره ماي لوتعطش تدور
ترفة روحي شما طفت تبقه تلوب
وحشة روحي تيِّهتني إبحلگ بير
علّمتني من الزغر تعلوم ذيب
لو تجوع الروح سويهه حصير
إنتِ روحي اشما طفح منّچ عذاب
خلنه نتفاصل إذا عندچ دِليل
آنه والغربة وثيابي السود باب
هالوجه مابين شمسچ كله ليل
آنه وانتِ وللجره بيهن حساب
هالمَتن صخرة على اضلوعي تميل
آه يروحي الماصفه منّچ عتاب
او لاصحه من عِلّته بيهه العِليل
غرّبتني الناس روحي والغياب
وانت فوگ الناس حملچ هم ثجيل
*
وياطعمَ الزمانِ على شِفاهٍ
أعيذُ شفاهَ مبسمِكِ اللحوحِ
ومن خَجَلِ الكؤوسِ على النُدامى
وقدْ وَثَبَتْ خُطى الرَشَأِ المَليحِ
شربتُكِ ألفَ طَوْرٍ في حياةٍ
وفي موتي سَأَظْمأُ في قروحي
وياخمري ويالغةَ القوافي
ستورِقُ بعد موتي في الفصيحِ
أُعيذُكِ في التَولّهِ من معانٍ
سكنتُ ثيابَها فَأَبَنْتُ دَوْحي
وأوقِنُ أنَّني سأعودُ رجعاً
إلى ماكنتُ فيهِ من السطوحِ
ولي خطواتُ طفلِكِ وهو شيخٌ
يَجرُّ خُطاهُ من قَلَقٍ بِسُوحي
عصاهُ بها الحروفُ يصوغُ حرفاً
لينسُجَ بُردَهُ بين البروحِ
ولي وحدي التَقلَّبُ بين جمري
كَأنَّي بعضُ نارِكِ في القديحِ
ولكنَّ المَلامَ أَلَذُّ طعماً
إذا الستون تشرقُ في صَبوحي
كأنَّ الشيبَ بعضُ ندى نديفٍ
تنزَّلَ واستفاضَ على سفوحي
أَكُنّا بعضَ ماهجرتْ يراعاً
نقطِّرُهُ بكأسِكِ في النضوحِ
ونرجعُ بالأخيذِ وقد تولّى
هناك العمرُ في متنِ الشروحِ
*
سأنبيكِ اليقينَ وقد تساوى
لديَّ الموتُ بالعيشِ الفسيحِ
وإنِّي لستُ أعبأُ فيكِ صوتاً


بقايا الروح..
أتصوّر أن عدم إجابة النصّ القرآني على السؤال عن الروح، وكيف أنها "من أمر ربي"، بسبب تحوّلها، واختلالها اللحظيّ، وتغيّرها من حالٍ إلى حال، هي ليست خمرةً لتُجتنب، ولا صدقة لتُثاب عليها، ما كانت حزناً لتصبرَ عليه، ولا فرحاً غير منطقيّ كي يُقال لك فكّر بآخرتك.
الروح هي الذاتُ نفسها حين تدعو ربّها "يا مقلّب القلوب والأبصار"، ليست العقل، ولا الدماغ، لا القلب بتاموره وشغافه وبُطيْنيْه، ولا غير ذلك، هيّ كل اختلاط هؤلاء، بلحظة غير نظامية، كي ترتطم مهامّهم ببعض، بطريقة غير منطقية.
الروح هي الكائن كلّه، بلحظة توتّره وتقلّبه، ولهذا إن ملك الموت يأخذ "الروح"، التي تشمل كل شيء.
اليوم انتبهتُ، وأنا أقودُ في شوارع بغداد، هادئاً، مع خيط وحشة يكفي لإنتاج نصّ واحد، إلى تعبير متكرر، في دارميّ قديم:
ما تنسمع رحّاي
بس إيدي تدير
أطحن بگاية الروح
موش أطحن شعير..
ثم تذكرتُ سطراً من أغنية عراقية، تغنّيها سعاد محمّد، شهيرة "يا ساكت بديرتنا"، وهي تقول لحبيبها:
خلّيني، بعيدة من الهوى والنوح
يا أسمر لا تعذّب گلب مجروح
اتركني أتهنّى ببقايا الروح..
وبقايا الروح، بقايا كلّ شيء من الكائن المضطرب، الذي كلّما لابتْ روحه كان حيّاً، وكلّما ابتعدت أجزاؤها عن نفسها كان هادئاً، وكلّما عرضها على آخر هدّدها بإنهاء بقاياها، ولهذا هي من "أمر ربي"، وبطريقةٍ ما: لا تضعها إلا بيد ربّك.


علبةٌ أخرى
.
متوتّراً
يسحبُ العلبةَ
نرتجُّ داخلَها خائفين:
بأجسادِنا الصُفرِ
ووجوهِنا المُحمرّةِ..
هكذا يفعلُ
بكلّ مرةٍ
يسحبُ فيها عودَ ثقابٍ
ليشعلَهُ
ويتركنا خائفينَ
بانتظارِ توتّرهِ المُقبل.


الغريبُ مَن اغتربَ عن نفسه ونأى عنها، ومَن وجد نفسه وجد وطنه.


يوسف الصائغ..


تُحَبُّ النخلة في التراث العربيّ لأنّ كلها فوائد، وليس فيها ثمّة شيء لا ينفعُ الناس، من السعف إلى الجمّار، ولعمري إن هذا هو د.محمّد الكناني، رسمُهُ موسيقى للعين، وحضوره في حيواتنا حضور الأخ الكبير، كلامه معرفة تفتحُ مغاليق الدماغ، وكرمه سابقٌ كلاماً وهدايا، ونشاطاً وتقنيات. هذه تلويحة محبّة لحبيبنا، من أحدث تلاميذه.


حامد سعيد..درسُ الرشاقة الثقيل
.
منذ (رائحة الشتاء)، معرضه المُنطلق من نصوص القاص الرائد الراحل محمود عبد الوهاب، وحامد سعيد متحرّرٌ من الكتلة الثقيلة التي يجنحُ تحتها التشكيل العراقيّ، ظلّت لوحتُهُ تشفُّ وتخفُّ، مع إشارات لكائنات وسيارات ودرّاجات هوائيّة وطيور وغير ذلك، وهل الفنّ إلاّ إشارة ومحاولة مستمرّة للاستفزاز؟
أتابعُ بمحّبة عالية، تقتربُ من الغلوّ أحياناً، وتختلطُ بصداقتي مع حامد، هذه التجربة، وهي قابلة لفرْم كلّ عناصر الموادّ بهدوء وحنان، وبشكلٍ غريب، يكفي لقطعة بلاستيك سوداء أن تدخلَ على سطح كارتونيّ لتكوّن سمكة، ولتشير لأهوارٍ جفّت، يكفي لـ٨ تدرّجات من الأخضر الخفيف إلى الزيتونيّ إلى الأسود لتشير إلى نخلة، وإلى جناحيْن ليكونا بلبلاً يطيرُ من أبي الخصيب ليحطّ على لوحة حامد.
غداً حامد، الساعة السادسة عصراً، سيقدّم درساً كبيراً بدرس الرشاقة الثقيل، الإشارة حيثُ تشكّل معنىً ودلالة وحيّزاً بصريّاً يستفزّ التلقي والعين، مع موسيقى في الأداء على السطح، مع الشفّافية الناعمة مثل نثيث ماء، من تجربة قلقة ومُقلِقة، لكنها مثل كلّ روافد الأنهار تصبّ بمكان واحد: يديْ حامد سعيد.
غداً، السادسة عصراً، المركز الثقافي الفرنسيّ، بغداد.
مرحى وأهلاً بحامد وكائناته الشفّافة الرشيقة الثقيلة.




سيصلُ ترمپ بالولايات المتحدة الأمريكية لذروتِها في التوحّش والشعبوية، وسيكون الفصل الأخير لـ"بلد مؤسساتي"، كما قام أنصاره بخروقات اقتحام البيت الأبيض. هي لحظة جنون العظمة، لحظة نيرون وروما، وكلّ موهوم يقود مغمضاً سيارته على الطريق، بدعوى أن لن يمسّه ضر. ستكون الذروةَ والانهيار.




تكوينات. أحبار على ورق كانسون. ٣٠*٣٠ سم.


العلاجُ بالابتعاد
*
الآن إذ بَرَدَ السلوُّ ظمائي
وأصابَ بَعدكمُ الأساةُ دوائي
كانت عزيمةَ حازمٍ أضللتُها
في قربِكم، فأصبتُها في النائي

مهيار الديلميّ


دفاعاً عن معرفيّة محمّد غني حكمت..
شاهدتُ حوار الأستاذ نداء كاظم، مع الزميل علي صادق [الرابعة] في برنامج قصّتي، والحديثُ يطول عن تصريحات الأستاذ نداء كاظم في الحلقة، لكنني سأكتفي بتفصيل يخصّ محمّد غني حكمت، أثناء عمله على تمثال الشاعر أبي الطيّب المتنبي، والموجود حالياً في باحة دار الكتب والوثائق.
أعملُ حالياً على مشروعٍ كبير يخصّ حكمت، وهذا ما أتاح لي، أثناء العمل، الرجوع لمئات الصفحات والوثائق والدفاتر التي تخصّ حكمت، والتي أتاحها لي بكرمٍ كبير: ياسر وهاجر محمّد غني، وما وجدتُ حكمت إلاّ رجلاً معرفيّاً، لعدّة أسباب:
- محمّد غني حكمت ذو مكتبة كبيرة، متنوّعة، وهي مكتبةُ قارئ، لا مُستعرض، لأن كتبه واضحٌ عليها الاستعمال والهوامش وغير ذلك.
- في كلّ عملٍ عمل عليه حكمت، كان يتلبّس أجواءه بشكلٍ واضح، وهذا يتضح على كلّ أعماله، التي تكادُ تكون فيها جنبة انطباعيّة، أكثر من كونها جنبة تجسيميّة أو تجسيديّة، مثال على ذلك: بساط الريح، يا ريحان، جدارية الطب العربيّ، وغير ذلك.
- هذا التمثال لا علاقة له بعبود الكرخي، شاعر العاميّة، لعدّة أسباب، منها السيف، الملامح، شكل الشارب، اللحية، والأنا، وهذه كلها تعود للمتنبي، فلم يُعرف عن الكرخيّ أنه ذو أنا عالية، مثل ابن الكوفة العظيم، كما أنّ حركة العباءة هي تجسيدٌ لـ: على قلقٍ كأنّ الريح تحتي - أوجّهها جنوباً أو شمالا.
- ذكر الأستاذ نداء أن المتنبي "كان نحيلاً"، مستنداً على بيتٍ شهير له:
كفى بجسمي نحولاً أنني رجلٌ
لولا مُخاطبتي إيّاكَ لم ترني
وهذا على سبيل المجاز، في إشارة لضنى الاشتياق والتعب، وهو أمر مطروقٌ شعريّاً كثيراً، لكنّه كان فارساً، ذا مهابة، وسيماً، لم يُشر أحد من شرّاح ديوانه، من المعرّي إلى البرقوقيّ وليس انتهاءً باليازجي وسواهم إلى قصرٍ أو نحول أو سقم فيه.
لمحمّد غني حكمت دفترٌ واحد، من ٣٠٠ صفحة، فيه اقتباساتٌ ممّا كان يقرأ، وأدهشني مقدارُ قراءته وتنوّعها، من أقصى الأدب والفلسفة مروراً بتأريخ الفن وليس انتهاءً بالآثار والسياسة والتشريح، فكيف يغفلُ أن يضعَ صفات المتنبي الواضحة على تمثاله؟
ابتعادُ غني عن الشللية، والمقاهي، والسهر، جعل النخبة العراقية تلتقي بمنزله في المنصور، وهذا ما تشير له عشرات الصور الفوتوغرافية، لأدباء وباحثي آثار وأطباء وغير ذلك، ما جعله شخصاً ذا رأس ذكيّ، وليس ذا يدين عبقريّتين فحسب، وهو مثقّف، قارئ، كاتب، نحّات، دؤوب.
أقول قولي هذا دفاعاً عن رجلٍ لم ألتقه في حياتي، لكن لم يشهد النحت العراقي نحّاتاً دؤوباً، ليس في حياته سوى الفن، أكثر من محمّد غني حكمت، حتى الآن!
هوّن على زملائك أستاذ نداء، حزينٌ مشهد الفخّار الذي يكسّر بعضه. خصوصاً وأنكَ إن تابعت سيرة حكمت من ألفها إلى يائها لن تجده قد مسّ أحداً بتصريح أو رأي جارح.


من درر جيلنا الثقافيّ، هو مشغل د.علي عبود المحمّداوي، المختصّ بالفلسفة، رفّ كبير، ومشغل جاد، ودرسٌ جامعيّ، حلقتان استمتعتُ بها محاوِراً ومستمعاً، أدعوكم لهذه الرحلة للتفكير بالفلسفة، وجدواها، ولحظتها الحاليّة، وعن الدرس الفلسفيّ العراقي..
ج١:
https://www.youtube.com/watch?v=DctkD7KFqn0
ج٢:
https://www.youtube.com/watch?v=OmQ6qTvuDYc


جادَ الغيثُ ثرى عريان، أبي خلدون، چبيرنا وبختنا، العاشق العجيب، والله لولا لجوئي لكلماته في كل حين، لاضطررت لارتكاب عديد من النصوص، لكن هيهات أن يصلَ صدأ التلميذ لُلجين المعلّم:
..ومنّك؟
ماروت، يا ادعج، بعد روحي..
ولا رادت، ولا سمعت، ولا حبّت
ولا تحمل "نجاة" بليل، لو غنّت..
أعلّمها الورع
وأطبگ عليها الباب
تذكر ضحكتك، وأجهرت، ما عنّت..
لا لامتك "ليش"، وشوفك أصبح طيف
شلون أبعدت عنها؟
شلون ما جنّت؟
وعيونك بغير عيونها تهنّت
وچفوفك بغير جروحها تحنّت
يا تلّ الورد
تلّ آخر السبّاح
حتى أطفى من أشوف رويحتي انتلّت
گلت انچفى الماي وذبل عود الياس
والوادم نست
وبغيرنا تسلّت
وأوّل ما شفت طولك
نسيت الصوت
وروحي بلا سبب
بچفوفك افتلّت
يا گمرة حياتي البعد ما هلّت
يا "انت" وكفاني توهدنت وياك
تحسبني؟ وحسبتي وياك ما فلّت
كلمن عرف وشره وشال منها الشال
وتعدّى العمر، والوادم اندلّت
هسه الراح: راح
وبين اديك الروح
بس: ذمّة برگبتك يوم لو سلّت!




كلك على بعضك حلو
.
يدخلُ علاّوي، حبّاب الدربونة، و"الشطّوري" كما تسميه الست خالدة، مدرسة اللغة العربية، في صيفٍ قائظ، الى بيته في "دور الموظفين"، يطلّ على أمه في مطبخها، بشعاع الشمس المسكوب من النافذة، بالذرّات اللطيفة السابحة بالهواء، يقبّل أمه ويحدّثها عمّا درسه في يومه اللذيذ هذا، في الصف الثاني الابتدائي، مدرسة الرافدين للبنين.
ويتجه للتلفاز، لسلوانه، ويظهر حبيبه، كاظم الساهر، كان يحبه منذ الخامسة من عمره، ويسميه "عزيز" لأنه صاحب أغنية "العزيز"، ثم حفظ كل أغانيه، يطلّ كاظم ببذلة توكسيدو بيضاء، وپپيونة سوداء، ويغني معه بصوت عالٍ:
من أشوفك أنسى خوفي
وأنسى كل ما صار بيّه
وأشعر بكلّ ارتياح
من أضمّ إيدك بديّه
أمه تعدّ مرقته المفضلة، الفاصولياء، وتضحك لهذا "أبو الفتوگ" الذي يحفظ كل ما يسمعه، ويردد كل ما يحفظه، وهو يغني بصوتٍ عالٍ في غرفة الجلوس:
يكفي بعيونك الحلوة
تشوفني وتسأل عليّه
تضحك الدنيا بعيوني
وكل سعادة تصير بيّه
وجهك.. حلو
طولك.. حلو
گلبك.. حلو
ربما لم أسمع هذه الأغنية منذ سنوات، رمتها الخوارزمية عليّ الآن، وأنا أسعى من أقصى المدينة لأقصى المدينة، ويدي رماد، ولا عيون حلوة، ولم أنس خوفي، ركام رجلٍ على مقود سيارة، يستذكر "علاّوي الشطّوري"، وهو يغنّي مع كاظم، في عُمر لا حلوَ فيه.
غرابٌ وحيدٌ بسيّارة، يفتقدُ الأغنية ومَن ردّدها مع "عزيز"، في ظهيرة عام ١٩٩٦.


‏ألفتُ الضَّنى لمّا تطاولَ مكثُهُ
‏فلو زالَ عن جسمي بكتْهُ الجوارحُ
‏ولذَّ سُهادُ الليلِ عندي وإنّهُ
‏لَمُرٌّ، وطابَ الدمعُ لي وهو مالحُ

‏الشريف البيّاضي


العشرون، اكتملَ توّاً.

20 last posts shown.